loading

خطة إسرائيل لخلق البدائل في غزة مرشحة للفشل

ترجمة خاصة-بالغراف

قضيتان أثارتا الجدل في الداخل الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، الآلية الجديدة في توزيع المساعدات الإنسانية داخل قطاع غزة عن طريق مؤسسة أمريكية وعبر مراكز توزيع محددة يصل إليها المواطنين الغزيين لاستلام المساعدات، وقضية قيام المستوى السياسي الإسرائيلي بناءً على توصيات المؤسسة العسكرية بتسليح وتجنيد عناصر من عائلات على علاقة بعالم الجريمة في قطاع غزة، كل هذا من أجل محاربة وإضعاف سلطة حركة حماس في قطاع غزة.

 والسؤال المركزي هو مدى قدرة إسرائيل على صنع بدائل لحماس في قطاع غزة، ومدى قدرة هذه الجهات في السيطرة على القطاع، ومستوى الثقة في ولاء هذه الجماعات التي يمكن أن تنقلب على إسرائيل في لحظة واحدة لصالج جهات أخرى.

 في هذا الإطار كتب الصحفي الإسرائيلي جاكي حوجي في معاريف العبرية: “إن فشلت التجربة لا سمح الله، إسرائيل يمكنها اتهام نفسها فقط، المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فضلت بلطجي من رفح من أجل توزيع المساعدات الإنسانية على مؤسسات دولية، قد يكون بالنسبة لنا اختراعاً مبتكراً، ونظرياً حل للمشاكل”.

يوم الأحد الذي احتفل فيه الإسرائيليين بعيد الأسابيع قتل (21) فلسطينياً وهم ينتظرون في الطابور في مركز لتوزيع المساعدات الإنسانية، وصلوا لاستلام ربطة المساعدات التي وعدوا فيها، وقتلوا في إطلاق نار بدون تمييز، يوم الثلاثاء تكرر الحدث مرّة أخرى، قتل (26) شخصاً خلال الانتظار للحصول على المساعدات.

في الحادث الأول ادعى الجيش الإسرائيلي أن عناصر من حركة حماس هم الذين أطلقوا النار وسط الجموع، وقي الثانية أن الجيش الإسرائيلي هو من أطلق النار لإبعاد أناس وصفهم بالمشبوهين، من المهم أن نعرف من الذي ضغط على الزناد، ولكن من المهم الاعتراف أيضاً وبحكم الواقع السلطوي القائم في المكان حماس والجيش الإسرائيلي يتحملان المسؤولية.

عن منظومة توزيع المساعدات الإنسانية في غزة:

منظومة توزيع المساعدات الإنسانية التي أقامتها إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية هدفت لمنع وصول المساعدات لحركة حماس، المساعدات كل عدة أيام تسلم مباشرة للعائلات، بعد أن يتم الكشف عليهم من قبل جهاز الشاباك، أربعة مراكز توزيع في رفح، قوات الجيش الإسرائيلي موجودة في محيطها، وشركة أمريكية تدير عملية التوزيع، بالنسبة للشركة هذا عملاً تجارياً وليس عملاً خيرياً، الشركة موجودة هناك بمهمة إنسانية، ولكن هدفها الأول هو جمع المال.

وتابع الصحفي الإسرائيلي، من يدفع ثمن الطعام الموزع؟، ومن يدفع أجرة العاملين في الشركة؟، الأعمال في المناطق الحربية مكلفة جداً، مراكز التوزيع بحاجة لعشرات الملايين شهرياً، ومصادر التمويل سرّية حتى الآن، حسب تقديرات نشرت التمويل من تركيا وقطر، وقطر دفعت ثمن شاحنات المساعدات التي دخلت في وقف إطلاق النار في شهري كانون الثاني وشباط، مرّة أخرى إسرائيل وحماس معاً وكل واحدة على حدة يعتمدان على الأموال القطرية.

العمل في مجال المساعدات الإنسانية مهنة بحد ذاتها، وهذه مهمة منظمات دولية، أو جهات حكومية مختصة في ذلك، وهي عملية مركبة ليس فقط من حيث القدرات التنظيمية، بل والفهم العميق للاحتياجات الإنسانية، وهذا يتطلب خبرة ومعرفة.

اليوم في قطاع غزة يعمل الهلال الأحمر الفلسطيني، والصليب الأحمر الدولي وعدد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة، الأمم المتحدة لديها منظومتها التي توزع الطعام والأدوية بشكل مستقل وهي التي تقوم بتمويله، من خلال 400 نقطة توزيع في مختلف أنحاء قطاع غزة.

ولكن في رفح الأمر مختلف، أيادي هيئة الأمم المتحدة مقيدة عندما يتعلق الأمر بتوزيع المساعدات في رفح، القانون الدولي ينص على أن المساعدات يجب أن تصل للمحتاجين، وليس المحتاجين إليها، ولا يجوز فرض شروط مثل منع مساعدات من عائلات عناصر حماس، وممنوع تحويل المساعدات لأداة سياسية، كل هذه الإجراءات الأمريكية والإسرائيلية تمنع الأمم المتحدة من الاندماج في عملية توزيع المساعدات الجديدة في القطاع.

 متلقي المساعدات تم تصنيفهم سلفاً حسب التبعية السياسية، وحتى بعد أن ثبت إنهم يستحقونها لا تصل إليهم، عليهم هم الوصول بشكل شخصي لمراكز توزيع المساعدات، والنتيجة العشرات قتلوا  بالرصاص خلال انتظارهم أو محاولتهم الحصول على المساعدات.

الأمم المتحدة المسؤولة عن توزيع المساعدات على سكان قطاع غزة ليست الأونروا/وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “سيئة السمعة”، التنفيذ يتم عن طريق مكتب المساعدات الإنسانية، وعلى يد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام، للاثنين مكاتب في القدس وعاملين في الميدان في قطاع غزة، حتى قبل سنوات، كان مكتب مبعوث الأمين العام يهتم أكثر في موضوع الصراع، لاحقاً إسرائيل حجمت دور مبعوث الأمم المتحدة، وفضلت القطريين والمصريين، لهذا مبعوث الأمم المتحدة مستبعد من قضية المخطوفين ومن قضية مفاوضات وقف إطلاق النار، ومن عمليات توزيع المساعدات في رفح.

على أمل خلق واقع جديد في قطاع غزة، حق إسرائيل أن تفضل رجال أعمال أمريكيين ودولة قطر على المنظمات الدولية، من خلف القرار تقف قصة فشل، ومن حقها تفضيل تركيا المهمة، والتي تتوسط اليوم بين سوريا وإسرائيل، ولكن لاستبعاد الجهات المهنية وذوي الخبرة قد يكون له ثمن.

قطاع غزة منطقة منكوبة، هدمت فيها ليست أحياء فقط، بل كل مكونات الحياة، مشاكلها سترافق إسرائيل لسنوات قادمة، والمنظمات الإنسانية ليست معادية لإسرائيل، عاجلاً أم آجلاً هي ستحتاج لها.

تسليح جماعة ياسر أبو شباب:

هذا الاسبوع أثيرت قضية  أخرى معقدة ، وهي قضية عائلات متورطة في الجريمة تحاول السيطرة بدل حركة حماس في قطاع غزة بدعم إسرائيلي، أحدها عائلة أبو شباب من شرق مدينة رفح، أقامت معاقل تحت سيطرتها، وخلال مرحلة وقف إطلاق النار اعتادت السطو على شاحنات المساعدات، عائلة أبو شباب جزء من عائلة الترابين البدوية، على رأسها ياسر أبو شباب، خبير في عمليات التهريب، وفي تجارة المخدرات والسرقات.

اعترفت مؤخراً المؤسسة الأمنية الإسرائيلية وجهاز الشاباك الإسرائيلي بالتعاون مع جماعة ياسر أبو شباب، التعاون يشمل عمليات التسليح، والمقابل حماية قوافل المساعدات الداخلة لقطاع غزة، عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان وصفهم بالمجرمين والخارجين عن القانون المرتبطين بداعش.

وتابع الصحفي الإسرائيلي عن جماعة أبو شباب بالقول، من الصعب تجاهل عودة التاريخ على نفسه، في سنوات ال 80، من أجل إضعاف حركة حماس، قامت إسرائيل وبوعي تام برعاية جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، وهذا ما أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم.

إن اختارت إسرائيل إضعاف حركة حماس في قطاع غزة باستخدام جماعة الجريمة، الأمر يشبه تحويل البراغيث إلى جرذان، فبأي لغة يمكن الحديث مع عناصر الجريمة؟، وأي نوع من الالتزام يمكن خلقه لديهم طوال الطريق؟، ومن يمكنه الجزم ببقاء ولائها أو الانتقال لجهة أخرى؟، الجريمة وفي الظروف الحالية في قطاع غزة، هي البيئة الخصبة لظهور جيوب إرهاب.

وتابع جاكي حوجي: من الأفضل لإسرائيل ألا تعتمد على جماعات الجريمة والجماعات الخارجة عن القانون، وألا تستغل المساعدات لتحقيق المكاسب وقتل الجياع، خاصة في ظل وجود عدد ليس قليل من الدول على استعداد لتقديم المساعدات لقطاع غزة.

وختم الصحفي الإسرائيلي بما على إسرائيل عمله في قطاع غزة: على إسرائيل الاستثمار في إعادة بناء وتكوين الحياة المدنية في غزة، ليس فقط من أجل سكان غزة بل من أجل نفسها أيضاً، إن تولد في قطاع غزة فراغ سلطوي، لن يكون لسكان قطاع غزة عنوان، وستتكون جيوب الفقر والحمايات، وستكون إسرائيل العنوان لكل هذه الأمراض، الإرهاب سينمو ويتطور، كما الأمر في العراق بعد سقوط صدام.

إرهاب سيطلب الانتقام على الخراب والموت غير المسبوق في قطاع غزة، وسيعمل من أجل إحباط أي عملية بناء جديدة، المصريون في رسائل لإسرائيل في السنة الأخيرة حذروا من تفكك شامل في قطاع غزة، هؤلاء الأطفال الذين فقدوا أهاليهم، أو أخ أو قريب محبوب، لن يكون ضرورة لتجنيده خلال سنوات، هم مجندون في الأصل للانتقام، ويوجد آلاف مثلهم في هذه الأيام.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة