loading

أزمة الوقود: بين النقص الحاد والتخزين غير المبرر

محمد عبد الله

منذ بدء العداون الإسرائيلي المفاجئ على إيران، بدأت الضفة الغربية تعاني من أزمة متفاقمة في الوقود، وسط طوابير طويلة، وتخزين عشوائي، واتهامات للجهات الرسمية بعدم وجود خطط واضحة لمواجهة تبعات هذه الأزمة.

أزمة قديمة.. اشتعلت بالحرب

صاحب محطات الإرسال للمحروقات في رام الله، محمد المحسيري، أوضح لـ “بالغراف”، أن جذور الأزمة بدأت قبل الحرب، وتحديدًا مع تعقيدات القطاع المصرفي، قائلًا، إن هناك عدة أسباب أدت إلى أزمة الوقود هذه الأيام.

وأوضح المحسيري، أن المشكلة الأولى والأهم هي مع البنوك الفلسطينية منذ ما قبل الحرب على إيران، حيث كانت ترفض البنوك التعامل بعملة الشيقل، وهيئة البترول الفلسطينية تريد من المحطات شيك بعملة الشيقل ثمن للمحروقات. مضيفاً “نتوجه إلى البنك لطلب البضاعة ونريد إيداع ثمنها، والبنك يرفض، فنتوقف. لا توجد لدينا أي مصادر بديلة سوى هيئة البترول.”

ومع بدء الحرب، تفاقمت الأزمة بشكل واضح، حيث أشار المحسيري إلى أن الاحتلال الإسرائيلي رفض تحويل فائض الشيقل من البنوك الفلسطينية، مما عمّق الأزمة المالية المرتبطة بشراء الوقود. 

وأضاف المحسيري “أصبح لدينا نقص في البضاعة، والبنوك رفضت بشكل كامل أخذ الشيقل منا، وهو ما دفعنا للشراء من بعضنا البعض، فبعض المحروقات تدبرت أمورها مع البنوك.”

شركات إسرائيلية تُفضل محطات الوقود بالداخل

من جانب آخر، قال المحسيري إن الشركات الإسرائيلية المورّدة للمحروقات (باس، دور ألون) بدأت تقلّص كميات الوقود المرسلة إلى الضفة بنسبة وصلت إلى 50% مقارنة بالفترة التي سبقت الحرب، موضحًا أن الأولوية باتت لمحطات الداخل.

وقال المحسيري إن، الشركات الإسرائيلية تُرسل البضاعة أولًا لمحطات الوقود داخل إسرائيل، ومن ثم لمحطة نعلين المركزية التابعة لهيئة البترول، وهي التي تتولى التوزيع على الضفة الغربية.

هلع المواطنين وتخزين غير مبرر

وأكد المحسيري أن سلوك المواطنين ساهم في تفاقم الأزمة، إذ زاد الطلب بشكل لافت، وبدأ البعض بتخزين الوقود بشكل عشوائي.

ونوه المحسيري “من كان يعبئ بـ100 شيقل صار يعبي بأكثر من ذلك بكثير حتى 1000 شيقل في بعض الحالات، ويحضر جالونات كثيرة معه، وهذا يؤدي إلى طوابير طويلة وإغلاق الشوارع وحتى حوادث، رغم أننا نطلب منهم فقط تعبئة المركبة. لكن لا يمكننا مواجهة الجميع خوفًا من المشاكل.”

وأشار إلى أنه توجه بطلب للشرطة للتدخل وتنظيم الحركة لديه، لكن الرد كان بأن ذلك “يحتاج لتنسيق فيما يتعلق بمحطة الإرسال في عين سينيا*، قائلاً: *نحن نتفهم ظروف الأجهزة، ونحاول التعامل مع الناس بالتفاهم والرضا”

انفلات وغياب للعدالة

من ناحيتها، استنكرت رئيسة جمعية حماية المستهلك فيحاء البحش الفوضى التي ترافق أزمة الوقود، مشيرة إلى وقوع مشاكل واعتداءات على خلفية التزود بالمحروقات.

وقالت البحش في حوار مع “بالغراف”، “نستنكر ما يجري في محطات المحروقات من عبث ومشاكل وضرب وقتل لتعبئة الوقود. هذا ليس من أخلاقنا. هناك أمور بالإمكان الاستغناء عنها مؤقتًا.”

ودعت البحش إلى ضبط التوزيع بطريقة عادلة، وتقنين الكميات الممنوحة لكل مواطن، فيما كشفت أن الجمعية تقدمت بمبادرة تقوم على ما يلي: “طرحنا فكرة أن يكون سقف التعبئة 100 شيقل فقط، لأن هناك أولويات كالإسعاف والدفاع المدني. لكن بعض المحطات تعبئ دون ضبط، فبعض الناس عبئت على حساب آخرين.”

دعوات لاستخدام المواصلات العامة

البحش دعت المواطنين إلى التفكير المجتمعي، مطالبة أن من لا يحتاج إلى البنزين حاليًا أن يعطي الأولوية لغيره، وأن يتم استخدام المواصلات العامة داخل المدن. فالسيارة ليست للرفاهية اليوم وفي هذه الظروف، بل يجب أن تُخصص للحالات الطارئة.”

فشل التخطيط الرسمي

ووجهت البحش انتقادات للجهات الرسمية، معتبرة أن الأزمة كشفت غياب الخطط الطارئة والمخزون الاحتياطي، قائلة  “كان يجب أن يكون لدينا مخزون استراتيجي، وخطط حكومية واضحة للتعامل مع الأزمات، خصوصًا أن هذه سلعة أساسية.”

وأضافت أن الكميات التي دخلت للضفة “كان يُفترض أن تكفي لفترات أطول، لكن لم تكن هناك أماكن كافية لتخزينها.”ر

ودعت إلى جلسات حكومية طارئة مع كبار التجار والجهات القادرة على الاستيراد لدراسة الوضع واتخاذ قرارات استباقية.

قرارات رسمية متأخرة.. بعد أيام على الأزمة

وفي اليوم الخامس من الحرب الإسرائيلية على إيران، ومع ارتفاع الأصوات المطالبة بضورة التدخل الرسمي، سيما مع مشاهد العنف والشجارات في بعض محطات الوقود، وأيضاً انتشار صور عبر مواقع التواصل لبستطات تبيع الوقود بالقناني، أعلنت الجهات الرسمية عزمها التدخل.

وأعلن جهاز الضابطة الجمركية، أنه سينظم جولات ميدانية رقابية مكثفة بالتعاون مع الجهات الشريكة المدنية والأمنية على محطات الوقود ونقاط البيع العشوائية وغير المرخصة، وذلك بهدف ضبط السوق وحمايته، ومنع أية ممارسات استغلالية من قبل البعض قد تضر بالمواطن.

من جانبه أكد مركز الاتصال الحكومي أنه في الأيام الأربعة الماضية تم إدخال ما يزيد عن 10 ملايين لتر من المحروقات إلى السوق الفلسطينية، بحسب بيانات هيئة البترول. 

كما وحثت جهات الاحتصاص المواطنين على ضرورة تجنب التدافع وعدم تخزين المحروقات بطرق غير آمنة؛ نظرًا لخطورة هذه المواد سريعة الاشتعال في فصل الصيف. 

 إضافة لمنع تعبئة المحروقات في عبوات بلاستيكية تحت طائلة المسؤولية القانونية، محذرة من اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق من يتلاعب بالأسعار أو يحاول احتكار السلع الأساسية.

كذلك، طمأن محافظ نابلس غسان دغلس أبناء محافظة نابلس بأن الوقود يدخل كل يوم إلى المحافظة بما يلبي احتياجاتها، ولا داعي إلى الأزمة من المواطنين، أو التهافت على الوقود، فيما أصدر محافظ الخليل خالد دودين قراراً بمنع تعبئة الوقود للمواطنين بالعبوات البلاستيكية والجالونات.

لكن عدد من أصحاب محطات الوقود ناشدوا الجهات الرسمية، بضرورة وجود الشرطة والأمن لديهم لتنفيذ قرارات تحديد السقف السعري للتعبئة ومنع التعبئة بالجالونات فهم لا قدرة لديهم على تنفيذ هذه القرارات.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة