هيئة التحرير
“شيل شيل على الجمال، شيل يا حوطتك بالله، دم الشهيد معطر” أغنية بت تسمعها في كل مكان في مختلف أنحاء العالم، تسمعها في مظاهرة في فيديوهات وفي فعاليات جامعية، فتظن أنها أغنية تعود لعشرات السنين. لكن ما لا تعلمه أنها إصدار جديد للفنان والموسيقي الفلسطيني زيد هلال
أغنية حملت طابعًا تراثيًا لاقت رواجًا واسعًا في مختلف أنحاء العالم، حاول فيها زيد التعبير عن مآساة ومعاناة شعب لم تتغير منذ سنوات طويلة مضت، فعمل على تحوير كلمات تعود لعشرات السنوات بقالب غنائي عصري.
موسيقى منذ الصغر
في عمر العاشرة انطلقت أنامل زيد تلاعب آلات الموسيقى، فبدأت رحلته مع آلة العود تلك الآلة التي أحبها وأحب شكلها بعيون طفل ومنها انطلقت رحلته مع الموسيقى فانضم إلى معهد إدوارد سعيد الذي يحتوي على أساتذة مختصين ولديهم قدرتهم على معرفة قدرات الطلبة ومعرفتهم. وفق ما يقوله في حديثه ل “بالغراف”
انتقل زيد من آلة العود إلى آلة البزق الموسيقية واحترف عليها لمدة 14 عامًا. كانت بدايته مع الموسيقى بناء على رغبة والديه الذين رأوا به الموهبة والتميز للانطلاق إلى عالم الفن والموسيقى، فأرادوا الاستثمار به وتحقيق حلم كانوا يودون تحقيقه لأنفسهم بأن يحترفوا الموسيقى لكن انعدام المعاهد على زمنهم حال دون ذلك. فكان استثمارهم بطفلهم ناجحًا حسبما يؤكد زيد.
عام 2016 انطلق زيد إلى عالم الكتابة والتلحين، فكان تلحينه الأول لكلمات قيس ابن الملوح، وهي تراث من شبه الجزيرة، ومنها أخذ قراره ببدء الكتابة. مشيرًا إلى أنه كان يكتب كثيرًا ولكنه يشعر بعدم نجاح هذه الكلمات، إلا أنه لم يكل ولم يمل وواصل الكتابة حتى شعر بنجاحها فكانت أول أغنية له “يلا” في نفس العام ومن ثم أنتج العديد من الأغاني الفردية على مدار العامين وهنا كانت إنطلاقة رحلته في حياته الفنية المتنوعة بين الغناء والكتابة والتلحين. وبات يعرف نفسه ليس فقط بالمغني إنما بالكاتب والملحن الفلسطيني.
زيد بدأ رحلته في الكتابة والتلحين كانت مع فرقة “لمة” التي تضم مجموعة من الموسيقيين الذين تعرف عليهم في جامعة بيت لحم. إلا أنه بدأ في تكوين فرقته الخاصة ومن ثم قام بعمل استديو بيتي في منزله لإنتاج الأعمال الفنية.
يؤكد زيد أنه حاصل على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة بيت لحم، كما درس الغناء العربي في جامعة بيرزيت.
إعادة إحياء التراث
في أغانيه اتجه زيد للتراث، وحول ذلك يوضح أن الفنان لا يستطيع العمل في مثل هذا الوضع إلا على التراث خاصة في ظل محاولات طمسه فهناك حاجة لتعزيزه وإعادة إحياءه، ولذلك فعلى الفنان كتابة تراث جديد وبعث رسالة والبناء على التراث وهذه نظرته كفنان.
أما عن أغنيته التي وضعته في مكان جديد وحصدت شهرة وتداولًا واسعًا في مختلف أنحاء العالم، يؤكد أن الفنانين يعيشون في هذا العصر وفي هذه المعاناة التي يعيشها شعبنا في غزة، وبذلك هم يستطيعون التعبير بقالب فلسطيني ولكن بشعر معاصر وبفن معاصر، وهي محاولة لقولبة التراث بصوت معاصر.
وأكد أن تجربة هذه الأغنية كانت جميلة. معبرًا عن فخره بها فالناس ظنتها تراث، كما أنها انتشرت في كافة أنحاء العالم في أوروبا وأمريكا وشرق آسيا وفي المظاهرات فكان الشعور جميل جدًا. مؤكدًا أن أجمل مشهد رآه كان عند رؤيته لأطفال غزة يغنونها حينها شعر بأن رسالته التي أراد إيصالها من هذه الأغنية قد وصلت وأنه لا يريد أي شيء آخر.
كلمات مستوحاة من قالب السامر الساحوري
يقول زيد أنه استوحى كلمات أغنيته من تراث السامر الساحوري، وهو نوع من قوالب الغناء الجماعي الذي كان يغنى في الأعراس. فهناك كلمتان بقيتا عالقتين في عقله منذ الصغر وهن “شيل على الجمال”.
“شيل” من مصدر فعل يرفع، والجمال هو الذي يقود الجمل، وهي كانت تغنى للعريس عندما يتم رفعه على الأكتاف، ولذلك لماذا لا يتم رفع الشهيد فالفنان يرى معاناة شعبه وما يعيشه. فمن هاتين الكلمتين انطلق زيد وبنى أغنيته عليها.
فيما استوحى كلماته مثل “حوطك بالله” من تلك الكلمة التي اعتادت جدته أن تقولها له عند خروجه من منزله سواء للجامعة أو لعمله. مؤكدًا أنه حاول قدر إمكانه استخدام مصطلحات ساحورية جنوبية، حيث العديد من الناس ما زالوا يستخدمون لغة الجنوب فحاول استخدامها، واستطاع تحويرها إلى ما يعيشه الشعب الفلسطيني من معاناة.
هذه الأغنية هي جزء من ألبوم غنائي يحمل عنوان “وعد فولكلور 1917″ يضم ثمانية أغاني منها أربعة أغاني عادية وأربعة تراثية ومن هذه الأغاني الثمانية” أنا من فلسطين، شيل شيل، يا عيونك، بيا ولا بيك، الأعادي، حيد على الجيشي”.
يوضح زيد بأن خلط الشعب بين الاغاني التراثية مع غيرها، له العديد من الأسباب أهمها تعطش الشعب لهويته وجذوره، حيث الشعب يبحث دومًا عن شيء يتشبث به ويعطيه شعور بالأمان والاستقرار والأمان الداخلي، فهو بمثابة تحديد كيان شعب وتحديد هوية شعب.
وأفاد أنه عندما رأت اغنية “شيل شيل” النور شعر بحاجة الناس لشيء جديد يعبر عنها حتى لو ظنتها تراثًا فتراثنا يعبر عن حياتنا اليوم، لأن معاناتنا هي نفسها ولكن الزمن هو من يختلف، فشعبنا يعيش في مآساة وهو يسعى للمحافظة على هويته ويسعى لتطويرها بشكل مستمر.
عروض موسيقية حول العالم
يخرج زيد في عروض موسيقية في مختلف أنحاء العالم وهو يسعى من خلالها لتكون مصدر دخل له ليستطيع إكمال أعماله الفنية التي تتطلب تكاليف مادية كبيرة، خاصة في ظل عدم وجود أي دعم من أي مؤسسات فهذه كلها أعمال فنية فردية.
وشدد على أهمية دعم هذا الفن لما له من أثر كبير على الناس في كافة أنحاء العالم، فمثلاً “شيل شيل” وصل مداها لكافة أنحاء العالم وحصدت على ردود فعل إيجابية كبيرة وهي أضافت لأعمال فنية أخرى، فكل عمل فني يخرج له أثره الكبير على الناس فيجب دعمه حتى يتطور ويتحسن وحتى يبقى الفنان ينتج لأن الفن هو أسمى انواع المقاومة كما يصفه زيد.
صوت فلسطين
عقب هذا الانتشار الكبير للأغنية ينوه زيد إلى أن المسؤولية عليه ازدادت لكنه يؤكد في الوقت نفسه أنه مقتنع بأن عليه تقديم الفن الذي يؤمن به ويشعر به. وذلك لأن أجمل طريقة تعبر فيها عن شعبك هي بأن تكون صوتًا له سواء كانت تراثية أم نابعة من شعور معين.




