محمد عبد الله
يرى مراقبون أن فوز مرشح الحزب الديمقراطي لمنصب عمدة مدينة نيويورك زهران ممداني في الانتخابات، لا يمثل فقط تحولاً محلياً في المدينة، بل يحمل دلالات على المستوى الداخلي الأمريكي وعالمياً، إذ يُعد مؤشراً على صعود جيل سياسي جديد في الولايات المتحدة، أكثر انفتاحاً على قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان، وأقل خضوعاً لثوابت السياسة التقليدية، خصوصاً في ما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل.
وفاز ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، بعد حصوله وفقًا لنتائج أولية، على 50.4 بالمئة من الأصوات، ليصبح بذلك أول مسلم يتولى المنصب.
وبحسب النتائج الأولية غير الرسمية التي أعلنتها وكالة “أسوشيتد برس”، حصل ممداني (34 عاماً) على 50.4 بالمئة من الأصوات، متقدماً على أقرب منافسيه، المرشح المستقل أندرو كومو، بفارق نحو 9 نقاط مئوية.
يقول الصحفي المختص في الشأن الأمريكي محمد القاسم أنه، وبالرغم من شراسة الهجوم على ممداني من قبل الجميع، حتى من قبل أعضاء في الحزب الديمقراطي نفسه، والهجمة الشرسة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وغيره، إلا أنه استطاع الفوز بما يملك من كاريزما، ودون أي خبرة، فقط لأن الناس تعبت من السياسة التقليدية التي لم تصل بهم إلى أي شيء.
وأضاف القاسم في تعقيب لموقع “بالغراف”، أنه يؤمن بأن هذا الفوز تاريخي سوف يغير الكثير، سواء في الحزب الديمقراطي، وسيكون هناك تحرك وأخذ بالتيار التقدمي داخل الحزب الذي يعتبر تياراً صغيراً، على محمل الجد، حيث أصبح للشباب صوت.
وتابع القاسم، أن الطريقة التقليدية للحملات الانتخابية انتهت، لأنه وقبل شهور قليلة لم يكن أحد يعرف ممداني، ولولا السوشال ميديا، ما وصل إلى هذه المرحلة، لذلك الشباب والسوشال ميديا وتأثير غزة وإسرائيل كان مهماً جداً في الانتخابات.
وأكد القاسم، أن ما قام به ممداني هو كسر لكل الأشياء المتعارف عليها في أمريكا سياسياً، وهي بأن تكون داعماً لإسرائيل بالمطلق حتى تفوز بمنصب عمدة بلدية نيويورك، وجاء شخص لا ينتقد فقط إسرائيل، بل صرّح أنه سوف يعتقل نتنياهو لو جاء إلى نيويورك، وحصد 40% من أصوات اليهود في المدينة، وهذا أمر غير مسبوق، وتغيرت كل هذه الجدلية.
وأردف القاسم، أنه على مستوى الحزب سوف يؤثر على “الديناصورات” الذين لم يجرؤوا على دعمه حتى آخر أسبوع فقط. أما على المستوى العالمي، فقال القاسم إن أوروبا تختلف عن أمريكا، حيث جاء مثلاً في السابق في بريطانيا عمدة مسلم وفاز في انتخابات لندن، لأنه معروف تاريخ بريطانيا الاستعماري وبأن فيها نسبة من المسلمين من الهند وباكستان وبنغلاديش وغيرها، لذلك كان من الأسهل أن يأتي رئيس بلدية أو عمدة للندن مسلم، ولكن في الولايات المتحدة كانت هذه الأمور صعبة في السابق، والآن صارت حقيقة، ونشهد إلهان عمر ورشيدة طليب في الكونغرس، وهناك شرطة وقضاة من المسلمين، والآن عمدة العاصمة الاقتصادية في أمريكا مسلم، وهذا سبب خوفاً لكل النظام القائم الآن من ترامب والحزبين الجمهوري والديمقراطي، لذلك فالتغيير حزبي ومحلي وحتى عالمي.
وأضاف القاسم، أنه وبالرغم من دعم ترامب المطلق لكومو إلا أن كومو خسر، وهذا يعني أن سحر ترامب وقدرته على دعم أي مرشح ومنافس في الفوز انتهى، والأمر أصبح الآن منافسة وتحدياً، وبدأ من هذا الصباح بين ترامب وممداني، وسوف يكون له تداعيات كبيرة.
وختم القاسم قائلاً: “هل يستطيع ترامب أن يمنع التمويل الفيدرالي عن نيويورك، وهي مدينة يعيش فيها 9 ملايين مواطن ويدخلها في السنة 45-50 مليون سائح، وتخيل الضرائب التي تدفعها نيويورك للحكومة؟ ثم يأتي ترامب ويهدد بقطع التمويل الفيدرالي”.
وممداني (34 عاماً) أول مسلم سيتولى في يناير 2026، رئاسة بلدية أكبر مدينة في الولايات المتحدة.
ويعد ممداني المولود في أوغندا لأبوين هنديين أول مسلم يتولى منصب عمدة نيويورك، كما يعتبر أصغر عمدة لنيويورك منذ عام 1917.
ومؤخراً، أكد ممداني: “سنبني بلدية لا تتوانى في مكافحة آفة معاداة السامية، وحيث يعلم أكثر من مليون مسلم أنهم ينتمون إليها”.
كما يعتبر رئيس بلدية نيويورك المنتخب مؤيداً قديماً للقضية الفلسطينية.
وجاء فوز ممداني في الانتخابات على الرغم من الهجمات الشرسة على سياساته وأصوله الإسلامية من قبل النخب الاقتصادية والمعلقين المحافظين في وسائل الإعلام، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وصباح الثلاثاء، هاجم ترامب ممداني على منصته (تروث سوشيال) واصفاً إياه بأنه “معادٍ لليهود”.




