هيئة التحرير
يحظى الأسيران في سجون الاحتلال؛ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح مروان البرغوثي الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات، بشعبية جارفة، قل نظيرها لدى أي قائد سياسي آخر.
ويتقدم البرغوثي وسعدات رأس أي قائمة لتبادل الأسرى بين المقاومة وحكومة الاحتلال، كمطلب شعبي وفصائلي، كونهما يتمتعان بشعبية جارفة قل نظيرها بين القادة السياسيين، ليس فقط لقدرتهما على القيادة والتأثير او التنظير، بل لتقدمهما صفوف النضال والتضحيات، وقد دفعا ثمن ذلك من أعمارهما، في ترجمة حقيقة لفكرة النضال والمقاومة التي تبناها ودافعا عنها منذ عقود.
ويعول على البرغوثي وسعدات، لعب أدوار سياسية مهمة بعد تحررهما، تسهم في خلق برنامج نضالي جامع وموحد، يكسر حالة التيه الوطني الحالي، والانقسام، خاصة في ظل تصدرهما استطلاعات الرأي كأكثر الشخصيات شعبية، وتحديدا البرغوثي الذي أجمعت كل استطلاعات الرأي على فوزه برئاسة السلطة الفلسطينية في حال أجريت انتخابات رئاسية امام أي منافس له سواء من فتح او حماس.
ساهم الأسيران منذ اعتقالهما في لعب دور في تمتين الحركة الأسيرة في داخل السجون، وتعزيز الوحدة الوطنية لمواجهة التحديات التي تفرضها سلطات الاحتلال، والمحافظة على مكتسبات الاسرى وانجازاتهم التي انتزعوها بنضالاتهم، لذلك قادوا العديد من الإضرابات عن الطعام.
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس لـ “بال جراف” إن الاسيرين مروان البرغوثي وأحمد سعدات، قامتان يجسدان أصل الفكرة التي قامت عليها الثورة الفلسطينية وهي المقاومة، وهدف الشعب الفلسطيني بتحقيق الحرية والاستقلال.
ولفت فارس أن البرغوثي وسعدات جسدا فكرة المقاومة قولا وسلوكا وعلى امتداد الزمن، اذ لم يكن نضالهما وقناعاتهما مجرد نزوة وطفرة في حياتهما، بل انحازا للمقاومة ومارساها بشكل فعلي، وتمسكا بها لما يزيد عن أربعة عقود من النضال، ومارساها حسب الساحات و المعطيات والظروف التي أحاطت بهما، كما مارسا النضال بكل أشكاله من الكفاح المسلح الى النضال المجتمعي والجماهيري، وقيادة الفعل الشعبي والطلابي، وهذا الدور استمر في السجون، بتعزيزهما الروح الجماعية للأسرى، والتصدي للاحتلال وإجراءاته القمعية، ومشاركتهما كل الإضرابات التي جرت في السجون، لافتا أن المواصفات التي تكتمل بها شخصية المناضل متوفرة بهما وبشخصيتهما.
وأشار فارس أن الامل والإجماع الذي تبديه الجماهير تجاه هذين القائدين ينبع بسبب الازمة العميقة التي تعيشها الحركة الوطنية الفلسطينية والمتمثلة بأزمة الانقسام، وكذلك الازمة السياسية، لذلك فإن الشعب الفلسطيني بحاجة أشخاص ملهمون يقودون الأمور نحو إجماع وطني شامل، وتجديد طاقة الشعب الفلسطيني وتجنيده من خلال الوحدة الوطنية في برنامج نضالي كفاحي، خاصة أن الجماهير بجمعها النضال وتفرقها السياسة.
وأضاف “أعتقد أن احترام الشعب وتعويله على هذين القائدين ينطلق من إدراكه لقدرتهما على تحقيق الوحدة وبلورة رؤية جديدة، استنادا الى الخلاصات التي توصل اليها الشعب الفلسطيني”.
يتصدر اسم البرغوثي وسعدات قائمة الأسرى التي تطالب المقاومة الإفراج عنها في أي صفقة تبادل أسرى، حيث أكدت حركة حماس في أكثر من مناسبة خلال السنوات المقبلة ان أي صفقة تبادل لن تتم دون الافراج عن البرغوثي وسعدات.
ويدرك الاحتلال أن الافراج عنهما لا يقتصر فقط لرمزيتهما العالية، بل للدور السياسي والنضالي الذي قد يلعباه بعد تحررهما، اذ يقول الأسير المحرر عصمت منصور لـ بال جراف” إن اسم البرغوثي وسعدات لا يمكن تجاهلهما عند الحديث عن أي صفقة تبادل.
ولفت منصور أن “إسرائيل تدرك أن الافراج عن الاسرى يكون له تأثيرات ميدانية وسياسية، لذلك هي تدرس مدى تأثير كل أسير في حال الافراج عنه، عسكريا وسياسيا، لذلك حين يطرح اسم البرغوثي وسعدات فان إسرائيل تدرس إمكانية عودتهما للكفاح المسلح، او قدرتهم على تغيير النهج السياسي القائم.
وأضاف منصور ” اعتقد أن اهميتهما السياسية كبيرة، تنبع من قدرتهما على قلب الموازنين، لأن الإفراج عنهما ليس عملية تحرير فقط، بل له تداعيات وتأثيرات سياسية..
ولفت منصور أن التعويل الشعبي ينبع من الأساس من خيبة امل من القيادة الحالية التي تقود المشروع الوطني وحولته لمشروع خاص تجاري وعائلي، وغرقت بالفساد والتطبيع والتنسيق، وشعبنا بحكم خبرته وتجربته في النضال ورفض الظلم يريد رموز تجسد الحالة الأقرب له وهم الشهداء والأسرى خاصة اذا كانوا قادة ولهم تأثير وقدرة على التغيير واختاروا ان يكونوا مناضلين في صفوف النضال الأولى وهذا منحهم مكانة عالية لدى شعبنا
مروان البرغوثي
دخل الأسير مروان البرغوثي (63 عاما)، عامه الواحد والعشرين في سجون الاحتلال في 15 نيسان/أبريل، في سجن “هداريم”، وهو الذي يمضي حكما بالسجن خمسة مؤبدات وأربعين عاما، بعد اتهامه بـ “المسؤولية” عن عمليات، نفذتها كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وأدت إلى مقتل وإصابة عشرات المستوطنين.
ولد البرغوثي عام 1959، في بلدة كوبر في شمال غرب محافظة رام الله والبيرة، تعرض للاعتقال لأول مرة عام 1976، ثم أعاد الاحتلال اعتقاله للمرة الثانية عام 1978، للمرة الثالثة عام 1983.
في عام 1983 التحق بجامعة بيرزيت، وانتخب رئيسا لمجلس الطلبة لمدة ثلاث سنوات متتالية، وعمل على تأسيس حركة الشبيبة الفتحاوية، إلى أن أعاد الاحتلال اعتقاله مجددا عام 1984 لفترة قصيرة، وتلاها اعتقال عام 1985، استمر لمدة 50 يوما، تعرض خلالها لتحقيق قاسٍ، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية واعتقل إداريا في العام ذاته.
في عام 1986، بدأ الاحتلال بمطاردته، اعتقل وأبعد، وعمل في هذه المرحلة مع الشهيد خليل الوزير أبو جهاد، وانتخب عضوا في المجلس الثوري لحركة “فتح” في المؤتمر العام الخامس 1989، ثم عاد إلى الوطن في نيسان/ أبريل عام 1994، وانتخب نائبا للشهيد فيصل الحسيني، وأمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، كما انتخب عام 1996 عضوا في المجلس التشريعي عن حركة فتح، وكان أصغرهم سناً، وفاز بعضوية اللجنة المركزية في المؤتمرين الأخيرين لحركة فتح (السادس والسابع).
مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، أصبح البرغوثي أحد أبرز قادتها، واتهمته سلطات الاحتلال انه كان اليد اليمنى للرئيس الراحل ياسر عرفات، في قيادة وتوجيه العمل العسكري لحركة فتح من خلال كتائب شهداء الاقصى، الى ان اعتقل في 15 نيسان/ أبريل عام 2002، بعد مطاردة طويلة في حي الإرسال في رام الله، برفقة رفيق دربه الأسير أحمد البرغوثي الملقب “بالفرنسي”، والمحكوم بالسجن لـ(13) مؤبدا إضافة إلى 50 عاما.
وفي سجون الاحتلال انصب اهتمام البرغوثي على تصويب أوضاع الحركة الاسيرة، والاهتمام بالعملية التعليمية حيث استفاد من عمله كمحاضر في جامعة القدس قبل اعتقاله ليحول السجون الى جامعة تخرج أفواج الأسرى، ويحرص على العملية التعليمية وعلى طلابه الأسرى، خاصة بعد ان نال شهادة الدكتوراة عام 2010 في العلوم السياسية من معهد البحوث والدراسات التابع لجامعة الدول العربية.
قاد البرغوثي في 2017 إضرابا جماعيا مفتوحا عن الطعام استمر 40 يوما، شارك به مئات الاسرى، بهدف تحسين أوضاعهم الحياتية داخل هذه السجون، وفي عام 2021 أعلن عن دعمه وتحالفه مع ناصر القدوة الذي فُصل من اللجنة المركزية لحركة فتح على خوض الانتخابات التشريعية التي الغيت، بينما كان يستعد لإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية.
أحمد سعدات
دخل الأسير أحمد سعدات 69 عاما، عامه السابع عشر في سجون الاحتلال في 14 اذار/مارس، وهو الذي يمضي حكما ثلاثين عاما، حيث تتهمه سلطات الاحتلال بقيادة الخلية العسكرية التابعة للجبهة الشعبية التي اغتالت وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي ردا على اغتيال الأمين العام للجبهة أبو علي مصطفى.
ولد سعدات الذي يشغل منصب الأمين العام لـ”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” عام 1953 في بلدة دير طريف في الرملة، ثم نزح مع أسرته إلى مدينة البيرة ودرس في معهد المعلمين في مدينة رام الله، وحصل على شهادة دبلوم في الرياضيات، وانضم سعدات لـ”الجبهة الشعبية” في عام 1969 وتقلد مسؤوليات متعددة، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية العامة للجبهة في المؤتمر الرابع عام 1981، وأعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني الخامس عام 1993 أثناء وجوده في المعتقل الإداري.
تقلد سعدات مسؤولية فرع الضفة الغربية للجبهة الشعبية منذ عام 1994، وأعيد انتخابه لعضوية اللجنة المركزية العامة والمكتب السياسي في المؤتمر الوطني السادس عام 2000، وانتُخب أميناً عاماً للجبهة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2001، بعد اغتيال أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة نهاية أغسطس 2001.
اعتُقل سعدات أكثر من مرة من قبل سلطات الاحتلال، كما تعرض للاعتقال على أيدي السلطة الفلسطينية 3 مرات في 1995، ومرتين عام 1996.
بعد اغتيال وزير السياحي رحبعام زئيقي، اعتقل سعدات ووضع في مقر المقاطعة حيث كان الرئيس الراحل ياسر عرفات محاصراً، في عام 2002، وقد توصلت السلطة الى اتفاقاً مع الولايات المتحدة وبريطانيا يقضي بنقل سعدات إلى سجن يحرسه الأميركيون والبريطانيون في أريحا على ألا تعتقله إسرائيل، لكن قوات الاحتلال اقتحمت السجن في 14 اذار/ مارس 2006 واعتقلت سعدات ورفاقه من سجن أريحا.
تعرض سعدات خلال اعتقاله للعزل الانفرادي طيلة العامين 2009 و2010 وحتى 2011، وهي أطول مدة قضاها في العزل الانفرادي، وقد حاول الاحتلال قتله في عزله في العام 2011، وذلك عبر وضع أفعى له داخل الزنزانة.
خاض سعدات عدة إضرابات عن الطّعام خلال فترة اعتقاله المتواصلة، ومن أبرزها، إضرابه في العام 2009 رفضاً لعزله الانفرادي، واضرابه مع القائد في حماس جمال أبو الهيجا في العام 2011 احتجاجاً على عزلهم، وفي نفس العام، خاض إضراباً مفتوحاً عن الطعام استمرّ 21 يوماً لإنهاء ملف العزل الانفرادي، وفي العام الذي يليه أضرب لمدة 28 يوماً، وفي 2016، بدأ سعدات إضراباً عن الطعام دعماً للأسير بلال الكايد الذي أضرب رفضاً لاعتقاله الإداري، وفي العام 2017، أضرب سعدات عن الطعام تضامناً مع إضراب أسرى حركة “فتح”.