هيئة التحرير
شكّلت قضية الأسير أحمد مناصرة، نقطة تحول على صعيد قضية الأسرى الذين يعانون من أمراض ومشاكل صحية نفسية، وبدأت جملة من التساؤلات تأخذ تصاعدًا في الرأي العام، خاصة بعد نشر معلومات حول تدهور الوضع النفسي لأحمد، ومن ضمن هذه التساؤلات سبب إبقاء هذا الملف خلف الستارة وعدم الكشف عن تفاصيل تتعلق بوضع الأسرى الذين يعانون من مشاكل وأمراض نفسية.
على مدار عقود الاحتلال، شكّلت الصحة النفسية كما الجسدية هدفًا للاحتلال عبر منظومة السّجن، بهدف تدمير الأسير نفسيًا وإنهاء فاعليته، فعليًا لا يوجد شيء أقسى من الأسر، ولكن داخل منظومة السّجن مستويات لمعنى الأسر، وهنا نوضح أنّ أخطر هذه المستويات سياسة العزل الإنفراديّ التي استهدفت عبرها المئات من الأسرى، سواء بقرار من مخابرات الاحتلال أو كسياسة “عقابية”، والمئات من قادة الأسرى تعرضوا للعزل الإنفراديّ لسنوات طويلة، واجهوا العزل بالأمل والكتابة والقراءة وحفظ كتاب الله وغيرها من الأدوات التي تسلح بها الأسرى.
ومع ذلك ورغم محاولة الأسرى مواجهة العزل وبنية السّجن بما فيها من أدوات تنكيل وتعذيب وقمع مستمر وعنف يتغلغل في تفاصيل الحياة الاعتقالية، إلا أنّ قسوة الأسر لابد أن يترك ندوبًا يواجهها الأسير.
أحمد نموذجًا على حالات عديدة تواجه اليوم ذات المصير ولكن بمستويات مختلفة، ويعود التساؤل لما تبقى هذه القضايا خلف الستارة، في واقع الأمر إنّ جزءًا من التحديدات الكبيرة التي تواجه المختصون في طرح هكذا قضايا أولا خصوصية الأسير وعائلته، فغالبية العائلات وهذا من حقها ترفض طرح قضية ابنها الأسير، لاعتبارات تخص الأسير والعائلة، وهذا ما جرى مع العديد من الأسرى، هل تتذكرون منصور الشحاتيت التي شكلت صورة واضحة وبينة على ماذا نعني بالسّجن، حيث تركت قضيته صدمة أمام الرأي العالم في حنيه.
هناك على الأقل ما بين سبعة إلى عشرة حالات يقبعون في سجون الاحتلال ويعانون من مشاكل نفسية صعبة وواضحة، إحدى هذه الحالات أسير معزول منذ أكثر من 15 عامًا، نتابع قضيته ببالغ من الصعوبة، بعد أنّ وجد الأسرى صعوبة في إقناعه أن يكون بينهم بعد سنوات طويلة من العزل، بدأت قصته بعد عملية قمع تعرض لها وضرب مبرح على إثر مواجهته لأحد السجانين، ومنذ ذلك الحين أبقته إدارة السجون في العزل وتحت ظروف قاهرة ومأساوية الأمر الذي تسبب بإصابته بأمراض ومشاكل نفسية حادة. وغيره من الحالات التي يصعب الكشف عنها بالأسماء احترامًا لقرار عائلاتهم، لحساسية القضية، والجوانب التي يجب مراعاتها عند تناول هذه القضية.
هذه جزء من الحالات التي تبين بشكل واضح أن عنف السّجان وبنية السجن هي ما أوصلتهم إلى هذه المرحلة لتشكل هذه القضية دليل جديد على مستوى الجرائم التي تنفذها منظومة الاحتلال بحقّ أسرانا.
- حالة الأسير م.ل ، وهي من الحالات الصعبة محكوم بالسّجن المؤبد تعرض لاعتداء قبل نحو 15 عامًا من قبل السجانين، وعلى إثر ذلك نقل للعزل الإنفرادي ونتيجة لعمليات الاعتداء والعزل المتواصل أصيب بمشاكل نفسية، وهو ما يزال حتى اليوم بالعزل الإنفرادي وأصبح هناك صعوبة أن ينخرط مع رفاقه الأسرى مجددًا.
- حالة الأسير ح.م أسير محكوم مدى الحياة واجه السجانين عدة مرات ونتيجة لمواجهته لسجانين تم عزله والاعتداء عليه وأصبح يعاني من مشاكل نفسية حادة.
- حالة الأسير ي،د معتقل منذ نحو عامين، وهو يعاني من مشاكل نفسية حادة، معزول إنفرادياـ ومؤخرًا أقرت المحكمة العليا للاحتلال بابقائه في العزل الإنفرادي رغم حاجته الماسة أن يكون وسط الأسرى في محاولة لمساعدته.
- حالة الأسير ب.و الذي واجه كذلك أحد السجانين على إثر عملية قمع عنيفة تعرض لها الأسرى، وبعد مواجهته اعتدت عليه قوات القمع، واليوم بدأ يعاني بشكل واضح من وضع نفسي يتفاقم من مرور الوقت جراء العزل.