loading

“من دهنو قليلو” .. استغلال الكنتينا للأسرى

كتبت أنصار طميزه

تفاجأ الأسير المحرر لؤي المنسي الذي اعتقل مدة 15 عاماً (2004 -2019 )بعد تحرره من سجون الاحتلال أن ثمن الراديو الذي اشتراه من “الكنتينا”- مقصف يحتوي على ما يحتاجه الأسرى يشترونه بعد تحويل مبالغ مالية من قبل السلطة الفلسطينية وذوي الأسرى لحساب الشركة المتعاقدة مع مصلحة السجون- بقيمة 145 شيقلاً لا يتجاوز ال 15 شيقل  خارج السجن ولم يعد أحداً يستخدمه، إلا أنه كان الوسيلة الوحيدة لسماع صوت ذويه عبر البرامج الاذاعية الخاصة بالأسرى.

 ويضيف منسية أن  “سي دي” الأغاني كان يُباع عبر “الكنتينا” ب 250 شيقل في الوقت الذي لم يتجاوز سعره خارج أسوار السجن عن 40 شيقلا، مشيراً أن “الكنتينا” أصبحت جزء أساسي في حياة كل أسير خاصة في ظل ما تنتهجه إدارة السجون في تقليص احتياجات الأسرى كماً ونوعاً، ورفع الرصيد المالي للأسرى بالكنتينا لتخفف عنها مسؤولية توفير احتياجات الأسرى بشكل يخالف المادة 28 من اتفاقية جينف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب على أنه “تقام مقاصف “كنتينات”  في جميع المعسكرات يستطيع أن يحصل منها الأسرى على المواد الغذائية والصابون والتبغ وأدوات الاستعمال اليومي ويجب ألا تزيد أسعارها عن أسعار السوق المحلي.

في ذات السياق قال الأسير المحرر يوسف حمدان إن الاحتلال كان ولا يزال يتعمد تأخير توفير احتياجات الأسرى سواء الغذائية أو مواد التنظيف والملابس وغيرها حتى يضطر الأسير لشراءها من “الكنتينا” كما أن ادارة السجون وصلت حد تقليص ما توفره من هذه الاحتياجات.

ويوضح حمدان أن إدارة السجون كانت توفر نوعاً واحداً من الفاكهة لمدة طويلة الأمر الذي جعل الأسرى يضطرون لشراء الفاكهة المجففة والمعلبة  من ” الكنتينا” فلا يمكن لأسير يقضي عشرات السنوات من عمره في سجون الاحتلال يتناول نوع أو نوعين من الفاكهة فقط طيلة مدة أسره.

وبحسب حمدان فإن البضائع والمنتجات المتوافرة ب”الكنتينا” جميعها منتجات اسرائيلية وأسعارها مضاعفة.

تاريخياً فإن نظام “الكنتينا ” المعمول به منذ السبعينيات من القرن الماضي لم يكن بشكله الحالي ففي السابق كانت توضع كافة موارد الأسرى المالية في صندوق عام يتم توزيعه بالتساوي بحسب احتياجات كل أسير بغض النظر عن قيمة مساهمته بهذا الصندوق واستمر هذا النظام حتى التسعينيات، فيما بعد أصبح لدى التنظيمات في السجون صناديق خاصة ثم صناديق خاصة أخرى لكل أسير وارتفعت قيمة المبلغ المسموح الذي يمكن أن تودعه العائلة للأسير، بالمقابل بدأ الاحتلال تدريجياً بتقليص الاحتياجات التي يقدمها للأسرى ويمنع ذوي الأسرى من  إدخال العديد من الاحتياجات كالحرامات والأحذية والملابس، ليضطر الأسرى لشراء هذه الاحتياجات من خلال “الكنتينا”.

تبلغ حصة كل أسير اليوم في “الكنتينا” 1600 شيقل شهرياً كحد أقصى تلتزم السلطة الفلسطينية بدفع 400 شيقل منها عبر نادي الأسير وتكمل عائلة الأسير حوالي 1200 شيقل أو أقل يتم ايداعها في حساب الشركة المتعاقدة مع إدارة السجون، في حين كانت احتياجات الأسير الواحد في السابق لا تتعدى ال 100 شيقل يوفر فيها بعض الاحتياجات التي لا توفرها إدارة السجون.

الأسير نائل البرغوثي المعتقل لدى الاحتلال ضمن أطول اعتقال بالعالم بفترة محكومية تتجاوز الأربعين عاماً لا يزال يطالب إدارة السجون بتوفير ملابس “الصاباش” الخاصة للأسرى رغم مماطلتها بتوفيرها ولا يزال يرتدي نفس الحذاء الرياضي منذ ثماني سنوات حتى الآن حتى لا يضطر لشراء حذاء قد تبلغ قيمته 600 شيقل، فتقول زوجته الأسيرة المحررة إيمان نافع أن نائل يحاول قدر الامكان ألا يشتري احتياجاته من “الكنتنينا” حتى لا يضطر لشراء منتجات اسرائيلية ولاجبار إدارة السجون لتوفير احتياجاته وعدم التنصل من مسؤوليتها تجاه الأسرى.

ومن خلال تجربتها الخاصة تقول الأسيرة المحررة إيمان نافع التي قضت عشر سنوات في سجون الاحتلال إن الأسيرات كن يضطرن لشراء احتياجاتهن من “الكنتينا” لأن ثُمن قطعة دجاج مرة واحدة أسبوعياً لا تكفي لكل أسيرة بالإضافة  لرداءة الطعام وقلة الكميات بالإضافة لاحتياجات الأسيرات الأخرى.

في الوقت الذي يرى فيه العديد من الأسرى أن “الكنتينا” بشكلها الحالي نظاماً يجعل الأسرى يدفعون ثمن حقوقهم بأموالهم، وانتهاكاً يُضاف إلى قائمة انتهاكات الاحتلال، ونهجاً أصبحت فيه سجون الاحتلال مفتوحة على حساب الأسير نفسه وذويه، وفي ذات الوقت طريقة لتنصل الاحتلال من مسؤوليته لتوفير احتياجات الأسرى وفقا للمواثيق والمعاهدات الدولية وتوفير نفقاته،ومساهمة في رفد الاقتصاد الاسرائيلي، يرى قدورة فارس رئيس نادي الأسير الفلسطيني إن الاحتلال يعتبر كل ما يحصل عليه الفلسطيني هو امتياز يستطيع سحبه وقتما يريد وبالتالي فإن “الكنتينا ” وإن كانت حقاً للأسرى إلا أنها أيضاً وسيلة لاحكام السيطرة لدى الاحتلال سواء السيطرة على الأسرى أو السيطرة لدواعٍ أمنية فقد قام بمنع  إدخال احتياجات الأسرى عبر ذويهم ومنع الأسرى من إعداد طعامهم بأنفسهم وفق شروط النظافة والصحة لداوعٍ أمنية مقابل أن يقوم المعتقلين الجنائيين الاسرائيليين بطهي طعام رديء وغير نظيف يُقدم للأسرى الفلسطينيين الأمر الذي جعل الأسرى يضطرون لشراء المواد الغذائية على حسابهم الخاص لتعويض ما يحصلون عليه من وجبات رديئة وغير نظيفة .

ولا يوفر الاحتلال أي فرصة لفرض عقوبات على الأسرى من خلال “الكنتينا” كحرمان الأسرى القابعين في الزنازين منها وبالتالي يتعذر عليهم شراء أي من احتياجاتهم التي من المتفرض أن توفرها مصلحة السجون بالأساس.

وبذلك ينتهك الاحتلال ما ورد في اتفاقية جينف الثالثة الخاصة بأسرى الحرب كما جاء في المادة 26 “تكون جرايات الطعام الأساسية اليومية كافية من حيث كميتها ونوعيتها وتنوعها لتكفل المحافظة على صحة أسرى الحرب في حالة جيدة.فيما تنص المادة 27 من ذات الاتفاقية على أنه تزود الدولة الحاجزة لأسرى الحرب بكميات كافية من الملابس والملابس الداخلية الملائمة ….ومراعاة استبدال وتصليح الأشياء سالفة الذكر بانتظام”  

فيما أوضح  فارس أن الاحتلال لا يتعامل مع الأسرى بصفة أسرى حرب وإنما يعتبرهم معتقلين جنائيين لأسباب سياسية وينتهك كافة المواثيق الدولية سواء بحق المدنيين أوالأسرى مضيفاً أن الاحتلال يتصرف وفق مصالحه ولايأبه لشيء.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة