loading

من داخل الزنازين: صلاح الحموري يلاحق بيجاسوس

هيئة التحرير

نجح المحامي والحقوقي صلاح الحموري رغم اعتقاله في سجون الاحتلال منذ آذار/مارس 2022 في تقديم شكوى من خلال الفيدرالية الدولية إلى الادعاء الفرنسي لملاحقة شركة “NSO” المصنعة لتطبيق بيجاسوس للتجسس. 

اعتقل الاحتلال الحموري في آذار/مارس، وقضت محكمة الاحتلال تحويله للاعتقال الإداري لمدة أربعة شهور، في فصل جديد من مسلسل الملاحقات والاعتقالات التي تعرض لها الحموري في السنوات الأخيرة، التي بدأت بإصابته برصاص الاحتلال عام 2000 ولم يتجاوز عمره آنذاك 15 عاما، ومع بلوغه سن السادسة عشرة اعتقل لأول مرة، لتتكرر الاعتقالات بعد ذلك، إلى جانب عقوبات منع السفر والغرامات، وفرض الإقامة الجبرية والإبعاد عن عائلته، وكان آخر فصول الاستهداف قيام داخلية الاحتلال في تشرين الأول/أكتوبر 2021 بإلغاء إقامته الدائمة في مدينة القدس، بهدف طرده من فلسطين وإبعاده عنها.

وقدمت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان التي تمثل الحموري بهذا الملف بالتعاون مع الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، دعوى إلى الادعاء العام الفرنسي في الخامس من نيسان/ابريل، مستندين في دعوتهم إلى أن الاختراق الذي قامت به الشركة لهاتف الحموري الذي يحمل الجنسية الفرنسية غير قانوني، ويشكّل انتهاكاً واضحاً للحقّ في الخصوصية المنصوص عليه في القانون الفرنسي، حيث تعرض هاتف الحموري للاختراق أثناء وجوده في فلسطين، واستمر الاختراق أثناء سفره بعد ذلك إلى فرنسا ما بين 27 نيسان/ابريل 2021، حتى 13 أيار/ مايو 2021، بينما كشف عن الاختراق في تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

وقالت المحامية رولا جمال من مؤسسة الحق والمطلعة على سير الدعوى في فرنسا لـ “بال جراف” إن القصة بدأت في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 بعد اكتشاف اختراق هاتف أحد العاملين في مؤسسة الحق من خلال تطبيق “بيجاسوس”، ما دفع عشرات العاملين في مجال الدفاع عن حقوق الانسان في فلسطين، إلى فحص أجهزتهم الخلوية للتأكد من سلامتها وعدم اختراقها، حيث تبين اختراق هاتف الحموري والباحث في مؤسسة الحق غسان حلايقة، وأُبي العابودي المدير التنفيذي لمركز بيسان للبحوث والإنماء، و3 شخصيات لم يرغبوا بذكر أسمائهم وإعلانها.

بعد التأكد من اختراق هاتف الحموري وكونه يحمل الجنسية الفرنسية، جرى التوجه لعدة مؤسسات لفحص إمكانية المبادرة وتقديم دعوى ضد الشركة الإسرائيلية لدى المدعي العام الفرنسي لمتابعتها أمام المحاكم الفرنسية، وقد تولت الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان ومقرها في فرنسا تلك المهمة”.  

وبنيت الدعوى المقدمة للادعاء العام الفرنسي بشكل أساسي على نتائج تحقيق تقني مشترك أعده مختبر سيتزن لاب Citizen Lab التابع لجامعة تورنتو الكندية، ومختبر الأمن التابع لمنظمة العفو الدولية، لمراجعة الأبحاث التقنية التي أجرتها منظمة “مدافعون على الخط الأمامي”Front Line Defenders .

وحسب جمال فقد جرى صياغة الدعوى على أنها انتهاك لحقوق الخصوصية، وللحق في العائلة والتعبير عن الرأي، خاصة أن التطبيق يستطيع التجسس على الأرقام والملفات والمكالمات، وما يستقبله ويرسله من رسائل، وكذلك الرسائل التي تطبع ولا ترسل.

يتولى فريق مكون من ثلاث محامين فرنسيين ملف الدعوى في فرنسا، حيث لا تزال قيد الدراسة من قبل المدعي العام الفرنسي، بينما يقوم طاقم المحامين بتدعيم الملف بالأدلة اللازمة من المؤسسات الثلاثة المشار إليها أعلاه والتي أجرت التحقيق.

ويحتاج الادعاء العام الفرنسي إلى ستة أشهر كحد أقصى لدراسة الدعوى المقدمة إليه، ليقرر بعدها مدى اختصاصه في متابعتها في المحاكم الفرنسية أم لا، وحتى ذلك الوقت تسعى تلك المؤسسات إلى الاستفادة من تلك الخطوة، من أجل لفت نظر الاتحاد الأوروبي إلى ذلك الانتهاك الخطير، ومدى خطورة تلك التكنولوجيا وتطبيقاتها.

وقالت المحامية جمال “العديد من الحقوقيين والمؤسسات تعمل حاليا على حثّ الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوة مشابهة للخطوة الأمريكية بحظر الشركة المصنعة لبرنامج بيجاسوس، مستفيدين من وجود مناخ ورأي عام عالمي مناهض لتقنية شركة ” NSO” وانتهاكها لمبادئ حقوق الإنسان الدولية، ومساعدتها الأنظمة القمعية على ملاحقة الصحفيين والنشطاء.

وكانت وزارة التجارة الأميركية، قد أعلنت في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر 2021 وضع مجموعة NSO   الإسرائيلية المطورة لبرنامج بيجاسوس إلى قائمة الشركات المحظورة، لأنها تشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي، في حين أعلن البرلمان الأوروبي في 9 شباط/فبراير 2022 تشكيل لجنة للتحقيق في استخدام البرنامج في دول الاتحاد.

وشهدت فرنسا في تموز/يوليو 2021 فضيحة كبرى، بعد إعلان منظمة “فوربيدن ستوريز” غير الحكومية عن وجود أرقام هواتف تخص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأعضاء في حكومته، على قائمة الأهداف “المحتملة” لبرنامج بيجاسوس، في حين نشرت صحيفة لوموند الفرنسية أن هذه الأرقام يعود بعضها إلى رئيس الوزراء إدوار فيليب و14 عضوا في الحكومة، كانت “على قائمة الأرقام التي اختارها جهاز أمني تابع للدولة المغربية يستخدم البرنامج الإسرائيلي”.

وشددت جمال على أهمية المتابعة القضائية لمثل تلك الشركات، لافتة أن إدانة الشركة الإسرائيلية يترتب عليها عواقب مهمة، إذ يمكن طلب تعويضات مالية ونفسية، إلى جانب مساهمتها في الضغط على الاتحاد الأوروبي ودول العالم ودفعها إلى حظر نشاط هذه الشركات وفرض عقوبات وقيود عليها تؤدي إلى إغلاقها أو تقديم تعهدات بالتزام حقوق الإنسان.

وأشارت إلى أن فريق المحامين يعتقدون أن القضاء الفرنسي ذات اختصاص في النظر بدعوى الحموري تحديدا، لسببين هما أن الحموري يحمل الجنسية الفرنسية، وأن جريمة الاختراق والتجسس جرت حين زار الحموري فرنسا.

 وبالتزامن مع هذه الخطوة، يدرس بقية الأشخاص الذين تعرضوا للتجسس عبر التطبيق وتحديدا من حاملي هوية القدس بحث رفع دعاوى في محاكم الاحتلال على الرغم من عدم التعويل عليها، بينما يدرس أُبي العابودي الخطوات القانونية لرفع دعوى مشابهة في الولايات المتحدة الأمريكية كونه يحمل الجنسية الأمريكية.

وشددت جمال على أهمية رفع الوعي القانوني لدى المؤسسات والعاملين في مجال الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان بخطورة هذه التكنولوجيا التي تهدد خصوصياتهم وعملهم، وأهمية متابعتها واتخاذ خطوات لملاحقتها قضائيا.  

من جانبها قالت المحامية الموكلة في قضية صلاح حموري ضد شركة “NSO” في مكتب الحركة العالمية لحقوق الانسان كليمنس بستارت لـ”بال غراف” إن فريق المحامين سوف يطالبون الادعاء العام الفرنسي في منتصف شهر ايار/مايو برد رسمي على الخطوات المقبلة في الدعوى، معربة عن أملها بقيام الادعاء العام فتح تحقيق بناء على الدعوى التي تم رفعها.

 وأضافت “لا نعتقد ان المدعي العام متحمس لفتح هكذا تحقيق، لكن لدى مكتب الادعاء العام واجبات قانونية خاصة أن صلاح فرنسي وان جزء من الجريمة وقع خلال تواجده على الأراضي الفرنسية”.

وأعربت بستارت عن قلقها بشأن الضغوطات الاسرائيلية والتدخل في القضية، مشيرة الى ضرورة المناصرة في هذا الملف لدعم استقلالية القضاء والعدالة الفرنسية في التحقيق في هذه القضية.

علي عبد الامام – البحرين
مدافع عن حقوق الانسان وحرية التعبير وخبير امن الشبكات والمعلومات

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة