loading

الشهيد الصحفي ياسر مرتجى: ابتسامة تفتقدها فلسطين

هيئة التحرير

بصوره على حدود المواجهة متسلحا بكاميرته، وابتسامته الشفافة التي تشبه السحب البيضاء الخفيفة أثناء سرقة لحظات فرح مع الأطفال، استذكر الصحفيون زميلهم الشهيد الصحفي ياسر مرتجى على موقع “فيسبوك” في الذكرى الرابعة لاستشهاده في 7 نيسان/ابريل، واليوم العالمي لحرية الصحافة.

واستشهد مرتجى خلال تغطيته لفعاليات مسيرة العودة وكسر الحصار شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة فجر السابع من ابريل/ نيسان 2018 إثر إصابته برصاصة حَيّة من قنّاص إسرائيلي اخترقت جانباً من بطنه، خلال التقاط صور للمتظاهرين.

ونشر أصدقاء على مواقع التواصل الاجتماعي في الذكرى الرابعة لاستشهاده صوره ومواقفه وذكرياته معهم، فيما طالب آخرون لمطالبة المؤسسات الحقوقية والجهات المُختصة بمواصلة المعركة القانونية لمُحاسبة المسؤولين عن الجريمة، بينما لم يزل حُلم ياسر بالسفر يوما والتقاط صورة إلى غزة من شباك الطائرة غصة في القلب، معيدين نشر ما كتبه ياسر ذات يوم بعد التقاطه صورة من طائرة تصوير لقطاع غزة “نفسي يجي اليوم اللي آخذ هاي اللقطة وأنا بالجو مش ع الأرض!، اسمي: ياسر مرتجى، عمري 30 سنة، ساكن في مدينة غزة، عمري ما سافرت!”.

ولطالما راود هذا الحلم ياسر لكنه لم يتحقق، ولم تزل تلك الصورة التي أرادها معلقة بالانتظار، بينما تحول ياسر نفسه بتلك الرصاصة إلى صورة وذكرى، لكن شقيقه وزميله في الميدان الصحفي معتصم مرتجى، تعهد بتحقيق حلم ياسر، ولم يزل ينتظر الوقت فقط ليحققه.

كان ياسر طفلا مليئا بالحياة والحركة والفرح، درس الثانوية في قطاع غزة وحصل على بكالوريوس المحاسبة، لكن بعد تخرجه انتقل للعمل في التخصص الذي حبّه وكان لديه شغف وعشق به وهو التصوير الصحفي، وأسس في عام 2012 شركته الخاصة، لكن موت والده بعد عام واحد فقط أثر عليه بشكل كبير وعرقل مرحلة عمله، ويقول شقيقه معتصم لـ “بال غراف” إن ياسر كان مدرسة في العمل الصحفي والعمل الإنساني، وكل أمله أن ينقل صورة غزة المحبة للحياة والتي تعيش على الأمل للعالم، والذي يقتله الاحتلال في كل مرة.

انطلقت رحلة ياسر في ميادين الصحافة ابتداء من حرب 2012 ثم 2014، وشاركه في ذلك شقيقه معتصم، حيث كان مرتجى يعمل صانعا للأفلام، وشارك في صناعة مجموعة من الأفلام الوثائقية التي بثت عبر وسائل إعلام عربية وأجنبية عن الأوضاع في قطاع غزة.

ويضيف معتصم “منذ صغره كان لدى ياسر حبّ الصحافة وشغفها، وكان يهوى التصوير، وفي كل مرة يسألنا عمّنا المقيم في السعودية عن نوعية الهدية التي نريد أن يحضرها لنا عند حضوره إلى غزة، كان ياسر يطلب منه كاميرا للتصوير”.

كان ياسر سيد التفاصيل الصغيرة، يستشعر الأحاسيس والمشاعر والايماءات، يرصد الحياة والأمل والفرح، حسّه الإنساني يوجهه في عمله، وتجلى كل ذلك في تغطيته للعدوان على غزة عام 2014، فكان الأطفال وقصصهم الإنسانية، هاجسه، يترصدها ويلاحقها ليقدمها للعالم من خلال التصوير الفوتوغرافي أو الأفلام والفيديوهات الوثائقية.

كانت قصة الطفلة بيسان ضاهر أكثر القصص التي أنتجها ياسر وأثرت في حياته كما يؤكد شقيقه معتصم، حيث استطاع ياسر نقل قصة الطفلة بيسان للعالم، بعد أن وثقّ بكاميرته عملية انتشالها من تحت الأنقاض مع شقيقتها، بعد أن قصف الاحتلال منزلها فوق رأس أهلها عام 2014.

ويقول معتصم ” كانت بيسان بعمر 10 سنوات حين قصف الاحتلال منزل عائلتها، وبقيت تحت الأنقاض لأكثر من 12 ساعة، لذلك حاول ياسر توثيق انتشالها من تحت الأنقاض لنقل قصتها للعالم، وبعد انتشالها تابع ياسر سير علاجها وتحسنها وعودتها إلى غزة وتماثلها للشفاء”.

وأضاف معتصم “تأثرت بيسان باستشهاد ياسر كثيرا، فقد كانت متعلقة به”، مضيفا “بعد تشييع جثمان الشهيد توجهت إلى قبره وبكت بمرارة”، وقالت ” لقد فقدت عائلتي مرة أخرى، وفقدتها مرة ثانية بفقدان ياسر”.

بدأ ياسر في عام 2016 بتأسيس عمل مع وسائل إعلام محلية ودولية، وكان يركز على العمل مع وسائل الإعلام الدولية حتى يستطيع إيصال قصص غزة إلى كل العالم، إلى جانب تصويره الأفلام الوثائقية.   

في السادس من نيسان/ابريل 2018، كان ياسر وشقيقه معتصم في تغطية لمسيرات العودة على حدود غزة في أسبوعها الثاني، وخلال عمله قنص جندي من جيش الاحتلال ياسر برصاصة في بطنه استشهد على أثرها. 

ويضيف معتصم “كان ياسر ملهم بالنسبة لي في العمل الصحفي، وقدوتي في الميدان بشخصيته وطريقة عمله، كان لحظة فقدان ياسر ضربة قاتلة لي، قسمت ظهري، غيابة مفجع وترك أثره، لكن بعد استشهاده قررت إكمال مسيرته وطريقنا حتى اليوم”.

كان ياسر محب للأطفال، يمازحهم ويدخل في تفاصيلهم ويدخل البهجة إلى نفوسهم، وكانوا العنصر الأكثر قوة في القصة التي يُّعدها، ورصد مشاعرهم وتجسيدها، والذين افتقدوه كما افتقدوه زملاء المهنة وأصدقاءه وعائلته.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة