loading

مسيرة الأعلام: بين الفعل والكلام

هيئة التحرير: تتجه الأنظار إلى مدينة القدس المحتلة، التي ستشهد غدا الأحد “مسيرة الأعلام” التي سينظمها المستوطنون بحماية الآلاف من عناصر شرطة الاحتلال، وإلى قطاع غزة، ترقبا لردة فعل المقاومة على تلك المسيرة التي حذرت من تنظيمها وتداعياتها.

وخلال الأيام الماضية، فشلت الوساطات الدولية والإقليمية في تغيير مسار مسيرة الأعلام التي أعطت حكومة الاحتلال الإذن بإجرائها، وعدم السماح لها من الاقتراب من الحي الإسلامي وباب العامود، رغم تهديدات فصائل المقاومة بالرد وعدم السماح بمرورها، كما حدث العام الماضي حيث كانت الشرارة في معركة سيف القدس.

ورغم اختلاف التوقعات والسيناريوهات لما قد يحدث الأحد، بين الذهاب إلى مواجهة مفتوحة على غرار سيف القدس، أو مناوشات محدودة ومضبوطة، تبقى كلمة السر التي قد ترجح كفة سيناريو على آخر هي مدينة القدس وشبابها، وما قد يحدث على الأرض في ظل استعداد المقدسيين وفلسطينيي الداخل التصدي للمسيرة وتكثيف الرباط داخل المسجد الأقصى، وسط استمرار شرطة الاحتلال بحشد آلاف العناصر الشرطية والقوات الخاصة والخيالة في المدينة.

ولعل المشهد في القدس سيكون مفتوحا على عدة خيارات، سيرجح كفة إحداها عن الأخرى شكل مسيرة الأعلام التي ستخرج وتصرفاتها، وسلوك المستوطنين وشرطة الاحتلال مع المقدسيين في الأحياء المقدسية في البلدة القديمة والمرابطين، لمنع ردة فعل فلسطينية وتحديدا في غزة، وفي حال جرى ذلك الأمر أن حكومة الاحتلال قد سارت على خط شفرة حاد بين تهديدات المقاومة التي فهمتها جيدا، وانصياعها التام للمستوطنين خشية تفككها، وهذا قد يرافقه رد محدود كذلك من المقاومة سواء بقصف غلاف غزة أو ما شابه.

أما الاحتمال الاخر، هو أن يتكرر سيناريو مسيرة الأعلام الأخيرة قبل أسابيع، والتي شهدت صدامات بين المستوطنين وشرطة الاحتلال، والتي اضطرت إلى فضها، فإذا ما حاول المستوطنون اقتحام المسجد الأقصى غدا قد تضطر شرطة الاحتلال إلى منعهم من ذلك وتفريق المسيرة.

والسيناريو الثالث المرجح هو وقوع مواجهة بين المستوطنين وشرطة الاحتلال والفلسطينيين في القدس، بحيث تتسع دائرة تلك المواجهات لتشمل أحياء القدس والداخل المحتل، الذي سيشهد أيضا في العديد من مدنه مسيرات استفزازية مشابهة للمستوطنين بالتزامن مع حشد شرطة الاحتلال عناصرها في مدن اللد وأم الفحم والمناطق العربية، وهو ما قد يعجل في دخول المقاومة على خط المواجهة.

وبرز في الأيام الماضية، احتمالات سيناريو آخر قد يكون ضعيفا لكن قد يحدث، وجرى الحديث عنه مطولا، وهو توسع أي جولة مواجهة بين الاحتلال والمقاومة في غزة إلى خارج حدود فلسطين، فقد ارتفعت مؤشرات تدخل أطراف فلسطينية في لبنان أو حتى حزب الله في المواجهة في حال وقعت، وهو ما قد حدث بشكل محدود في معركة سيف القدس التي شهدت عدة حالات لإطلاق صواريخ على شمال فلسطين المحتلة.

واستبعد الخبير والمتابع للشأن العبري عصمت منصور لـ”بال غراف”، الذهاب إلى تصعيد مفتوح ومواجهة على غرار سيف القدس، نظرا لعدم رغبة الطرفين سواء المقاومة في غزة أو حكومة الاحتلال في ذلك في الوصول إلى تلك المواجهة.

وقال” إن حكومة نفتالي بينيت تريد أن تثبت أنها ليست مردوعة ولم تقم بإلغاء المسيرة كما فعل سلفه بنيامين نتنياهو، لكنه أيضا لا يريد التصعيد خشية انهيار الحكومة وانسحاب منصور عباس، وأن يتحمل تبعات ونتائج حرب غير معروفة النتائج”.

وأشار منصور أن المقاومة أيضا غير جاهزة للحرب ولا تريدها الآن، لأنه ليس من الصحيح الدخول في حرب تستدرجها إليها إسرائيل، وبالتالي فإن الطرفين يسيران على حافة الهاوية مع التنبه لعدم ارتكاب أخطاء.

 ولفت منصور أن ما سيحدث في القدس الأحد من أحداث هو ما سيحدد إن كنا سنذهب إلى مواجهة عسكرية أم لا، فالمقاومة تراقب ما سيجري في القدس من أحداث، في ظل استعداد المقدسيين على التصدي للمسيرة والاحتشاد، وبالتالي فإن عمليات القمع إن حدثت قد تحدد القرار التالي.

 وعاشت مدينة القدس في الساعات الماضية على وقع الدعوات للتصدي لمسيرة الأعلام، حيث بدأ المقدسيون برفع الأعلام الفلسطينية في حي وادي الجوز، وبلدة الطور، وجبل المكبر، وسط دعوات شبابية لرفع الأعلام في كافة الميادين والأحياء.

وكان الحراك الشبابي الشعبي في القدس قد دعا لاعتبار يوم الأحد يوم العلَم الفلسطيني، وإلى رفعه بكل شكل ممكن في سماء المدينة على كل بيت وشارع ومنشأة، وصولًا إلى ساحة باب العامود، لكل قادر على الوصول لمواجهة “مسيرة الأعلام”.

من جانبه، قال الخبير بالشأن العبري خلدون البرغوثي لـ”بال غراف” إن جميع السيناريوهات لمسيرة الأعلام وتداعياتها وما يترتب عليها مفتوحة وبشكل متساوٍ.

ولفت البرغوثي أن “الظرف الموضوعي الداخلي في غزة وإسرائيل، قد يميل أكثر لتجنب المواجهة المفتوحة، لكن لا أحد يتوقع التطورات الميدانية التي قد تحدث في غزة والضفة وتحديدا في القدس”.

وتابع “سلوك المستوطنين وقوات الاحتلال قد يدفع إلى التصعيد حتى لو كان هناك نية بعدم الذهاب إلى تصعيد شامل، وبالتالي فإن الوضع مفتوح على جميع الاحتمالات”.

وحول الحدث في القدس الذي قد يدفع لتدحرج الأمور، قال البرغوثي “سلوك المستوطنين في الفترة الأخيرة والانفلات والهجوم الوحشي في عدة مناطق في الخليل وحوارة ودفاع قوات الاحتلال عنهم، قد يوضح طبيعة ما قد يجري في القدس ويؤدي إلى تفجير الأحداث”.

مستوطنون خلال مسيرة الأعلام

وقال الخبير بالشأن العبري محمد أبو علان لـ “بال غراف” إن الجانب الإسرائيلي اتخذ قراره بالسماح بالمسيرة في القدس وعدم التراجع عنها أو تغيير مسارها.

ولفت أبو علان أن سبب إصرار حكومة بينيت على المسيرة لا يرجع الى سبب ديني او عقائدي وانما سياسي، فهو في وضع أضعف من قدرته على تغيير مسار المسيرة، لان ذلك كان سيؤدي الى انهيار ائتلافه بانسحاب اعضاء من اليمين. 

وأضاف أبو علان أن الرد الفلسطيني على المسيرة وتحديدا من المقاومة في غزة من الصعب التكهن به وبحجمه، ولكن “اعتقد أنه لن يكون بنفس السيناريو الذي جرى العام الماضي بإطلاق صواريخ مباشرة على القدس، وإنما قد يكون إطلاق قذائف على غلاف غزة، وهذا قد يؤدي إلى تدحرج المواجهة لاحقا”.

وأشار أبو علان أن ما قد يرجح رأيه في ذلك هو تولي القيادة العسكرية للقسام التحذير من مغبة المسيرة العام الماضي، ولذلك جاء الرد قويا بقصف القدس، لكن في العام الحالي فقد خرجت القيادة السياسية لحماس ما يعني أن المواجهة قد لا تذهب ما ذهبت إليه العام الماضي.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة