loading

علمٌ يقاوم “دولة”

هيئة التحرير

صادق كنيست الاحتلال مساء الأربعاء بالقراءة التمهيدية الأولى على قانون يجرم رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات والجامعات المدعومة من الاحتلال والنابعة له في الداخل الفلسطيني المحتل، ونجح القانون بالمرور بدعم 63 عضو كنيست بينهم رئيس حكومة الاحتلال بينت.

تأتي هذه الخطوة بعد أن أثار رفع علم فلسطين في الجامعات والمعاهد التابعة للاحتلال في الأرض المحتلة عام ١٩٤٨، في كل المناسبات الوطنية، غضب قادة المستوطنين وأعضاء كنيست متطرفين.

بأتي هذا في ظل استمرار معركة حامية الوطيس في شوارع مدينة القدس وأزقتها عنوانها الأساس العلم الفلسطيني، تلاحق إسرائيل وأجهزتها الأمنية رافعيه، وتجند وحدات شرطية كبيرة لانزاله من الشوارع من ام طوبا جنوب القدس حتى بيت حنينا شمالها.

وحول مصادقة الاحتلال على قانون منع رفع العلم الفلسطيني في الداخل الفلسطيني المحتل يقول الناشط السياسي والكاتب عوض عبد الفتاح لموقع “بالغراف” :” قبل تصويت الاحتلال بالقراءة الأولى على قرار العلم الفلسطيني كتبت مقال عن العلم الذي يحمل قصة طويلة مع فلسطينيين الداخل المحتل، ونذكر أنه كان محظورا في كل فلسطين حتى أوسلو في الضفة والداخل وقطاع غزة.

وأضاف: “في الداخل المحتل داخل الخط الأخضر كان من الصعب أن ترفع العلم الذي يعبر عن طموح الفلسطيني في دولة مستقلة كون الاحتلال يعتبر الفلسطيني مواطن فيما يسمى دولة الاحتلال وعليهم أن يقطعوا علاقتهم مع الفلسطينيين سياسياً وحضارياً ووطنياً وأن مصيرهم أن يعيشوا في دولة محتلة تحت حكم الاحتلال وكمواطنين لديهم”.

وقال:” كان الرد من الداخل من الحركات الوطنية وحركة أبناء البلد أن رفع العلم الفلسطيني سيستمر لتأكيد أننا جزء من الشعب الفلسطيني، وهذا كان الهدف من رفع العلم رغماً أنه محظور وأن هناك حكم بالسجن الفعلي لمدة تتراوح بين الأربعة والستة أشهر على كل من يرفع العلم، واعتقل العشرات من الشباب في السجون في الثمانينات بعدما رفعوا الأعلام في الأراضي المحتلة اضافة لدفع الغرامات المالية”.

لم تمنع قوانين الاحتلال الصارمة رفع العلم في الأراضي المحتلة، ففي كل مسيرة أرض وكل احياء لذكرى النكبة وفي كل مناسبة وطنية كان يرفرف العلم الفلسطيني في الداخل الفلسطيني المحتل.

وعن محاربة الاحتلال للعلم ومقاتلته هذه الأيام قال عبد الفتاح:” أصبحت هذه هستيريا الاحتلال لأمرين؛ أولهما أن المجتمع الاسرائيلي وكيانه في حالة تحول لمرحلة من الفاشية والتطرف غير المسبوق والمشروع الصهيوني مشروع متطرف استعماري بكل ما فيه فالتيار الاستيطاني أصبحت تزداد قوته خاصة بعد محالفة بعض الأنظمة العربية للاحتلال، ومن ناحية أخرى هناك تناقض عند الاحتلال الذي يشعر بالضعف لا القوة لأنه يرى الشعب الفلسطيني الذي ترك لوحده وتخلت عنه بعد الأنظمة وتعاديه ومع ذلك لا زال ينتفض ويثور هذا الشعب ويؤكد على هويته وحقه ما أثار جنون المحتل، فكيف يرفع في قلب جامعات الاحتلال هذا الكم من الأعلام الفلسطينية فالفلسطينيين بازدياد قوة”.

ويتابع :” لم تختفي الهوية الفلسطينية رغم محاولات الاحتلال ورغم أن أوسلو ساهم في اخفاء هذه الهوية وتجزئة الشعب الفلسطيني إلا أن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ يزدادون قوة وتحد وتمرد ضد الاحتلال ويؤكدون دوماً حتمية وجودهم الفلسطيني”.

ويضيف:” هذه ليست قطعة قماش كما يراها الجميع بل إنها وجود فلسطيني كامل ورمز كبير للشعب الفلسطيني ورمز للحرية في العالم كله فهو ليس فقط علم الحرية من الاحتلال بل هو علم يمثل النضال من أجل العدالة في كل مكان، فحين تسن اسرائيل قانون رفع العلم هي تعرف أن هذا العلم يوحد الفلسطينيين من البحر إلى النهر ويؤكد على وجودهم وهويتهم، ولذلك يريد أن يسحق الاحتلال هذا الرمز وتمنعه من الظهور لأنه يشكل عامل توحيد وتحفيز للفلسطينيين”.

العلم الفلسطيني في جامعة تل ابيب

كلما يرفع العلم ترتفع الأصوات والهتافات عاليا، فكلما رفع العلم على الأكتاف ورفرف عاليا يصحبه صراخات انتصار ونشوة قوية كونه تحد لمنظومة الاحتلال التي تمنع رفعه.

على الرغم من توازن القوى الذي يميل لصالح الاحتلال يقول عبد الفتاح:” عندما كان يرفع علم فلسطين في المفاوضات والمؤتمرات كانت تحاول اسرائيل منعه وهذا دليل على أنها لا زالت تخاف من العلم وتخاف من ما يمثله هذا العلم، والنهضة الفلسطينية المتجددة وتخاف من الانبعاث الفلسطيني المتجدد، وتخاف أن يتحول هذا الرمز إلى قوة مادية على الأرض تتشكل حوله جبهة وطنية فلسطينية شعبية من خارج أطر الانقسام وتكافح من أجل تحرير الأرض والانسان وهذا ما يهابه الاحتلال”.

أصبح الاحتلال في حالة تخبط يحاول بشتى الطرق القضاء على الوجود الفلسطيني، يقول عبد الفتاح:” الفلسطينيون رغم كل القوانين يتمردون ويخوضون المعارك في الشوارع ويرفعون العلم، فلن يؤثر القانون على الفلسطينيين وسيبقى يرفع العلم الفلسطيني في كل مكان في الداخل الفلسطيني المحتل حتى لو كان لرفعه ثمناً بالسجن ودفع الغرامات وغيره، لأنه هناك شعب يقع تحت الظلم ولا يمكن له أن يسكت، فتؤكد هذه الشعوب على هويتها لأنها هي التي تعطيها القوة لمواجهة المستعمر”.

العلم الفلسطيني في جامعات الارض المحتلة عام ١٩٤٨

في أعقاب رفع الطلبة الفلسطينيين في جامعتي بئر السبع و”تل أبيب” الأعلام الفلسطينية في فعاليات إحياء ذكرى النكبة الـ74 أطلق مسؤولون اسرائيليون تصريحات طالبوا فيها ملاحقة الطلبة وطالبت بقوانين تمنع رفع العلم الفلسطيني، فاستجابت جامعة “تل أبيب” لأقوالهم وأقروا بمنع رفعه في باحات الجامعة

وحول هذه القضية يقول المسؤول في التجمع الطلابي للطلبة الفلسطينيين في الجامعات الاسرائيلية في الداخل المحتل يوسف طه:” هذا القانون جاء من سلسلة قوانين مختلفة وسياسات استمر فيها الاحتلال منذ النكبة حتى اليوم، التي تهدف لمحو الهوية الوطنية للفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل من خلال عدة أساليب من الأسرلة ومناهج التعليم الدراسية التي لا يوجد فيها أي تطرق للشعب الفلسطيني كشعب، فلا يوجد ذكر الا للمجتمع الاسرائيلي وللاحتلال الذي يحاول طمس الهوية الفلسطينية التي تعرضت لأكبر عملية سطو مسلح منذ النكبة حتى اليوم، فمحاولات مستمرة لمحو تلك الهوية وخاصة لمن يعيش في داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨، ومحاولة لصهر هذا الشعب مع الاحتلال”.

وسط صمت عارم تم تمرير قانون منع رفع العلم، يتابع طه في حديثه لموقع “بالغراف” :” القانون كان ردة فعل على ما حصل داخل الجامعات في ذكرى النكبة وليس جديدا ما حدث في الجامعة سواء من فعاليات لإحياء ذكرى النكبة أو رفع العلم، وهذا معهود علينا منذ عشرات السنوات، ولكن هذه الحملة التي تأتي ضدنا هي حملة على الشعب الفلسطيني في كل مكان واستكملوها بقانون غبي جداً يعبر عن العقلية الجنونية لكل من صوت ودعم وسكت على القانون، فحتى الان وبعد ٧٤ عاما من النكبة لن يفهموا أن هناك شعب فلسطيني ومستمرين في حالة الانكار بأنه لا يوجد ما يسمى الشعب الفلسطيني وهؤلاء مجرد مجموعة من الطلبة يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة”.

وتابع:” نحن مستمرون في ردة فعلنا على هذا القانون وعلى كل المحاولات الجائرة ومحاولات الأسرلة نحن متمسكون بانتمائنا للشعب الفلسطيني بكافة رموزه وثوابته الوطنية فلن نتنازل عنها مهما ازدادت هذه القوانين شدة ومهما أتت بصيغ وأطروحات مختلفة، في كل مرة هناك ابداع جديد في اختلاق قوانين اضافية جديدة لمحو الهوية الوطنية ومحاربة الشعب الفلسطيني في كل مكان، وردة فعلنا واضحة العلم الفلسطيني هو علمنا الوطني ورمز لنضالنا ضد الاستعمار والظلم والاحتلال، وسنستمر في التمسك فيه ولن تثنينا أي قوانين ينصها الاحتلال”.

وأكد طه أن الطلاب سيستمرون في مجابهة هذا القرار بمزيد من الإصرار ومزيد من الوعي، وكل محاولة من هذا النوع وكل ملاحقة كان لها أثر ايجابي على الحركات الوطنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تزيدهم تمسك واصرار على الثوابت الوطنية واستمرارية في عملهم ونشاطهم ويقويهم، كون هناك جيل جديد نمى على التحدي والكبرياء وعلى أنه لا يخشى القوانين العنصرية ولا السياسات التي يعاني منها الشعب بشكل يومي، وهذا القانون سيعزز من حضور وقوة الحركة الطلابية في داخل الجامعات الاسرائيلية في الداخل الفلسطيني المحتلة.

مستوطنون يحرقون العلم الفلسطيني باب العامود

بات رفع العلم اليوم وسيلة يعاملها الاحتلال كمن رفع حجرا أو واجه الاحتلال، وأصبح يصادر كل الأعلام التي ترفع في مدينة القدس المحتلة، ويلاحق عددا من الشبان ويحاول اعتقال عددا آخر

وحول هذا الموضوع يقول مدير نادي الأسير في القدس ناصر قوس في حديثه لموقع “بالغراف” :” هذا العلم رمز لدولة فلسطين، عندما يكون هناك اعتراف في السلطة الوطنية ومنظمة التحرير يجب الاعتراف في  هذا العلم، ولكن بعد اعلان ترامب بأن القدس هي عاصمة لاسرائيل أصبح هناك هستيريا في حكومة الاحتلال عند رفع العلم الفلسطيني خاصة في مدينة القدس، اعتقالات واعتداءات لكل من يرفع العلم، وقبل أوسلو والانتفاضة الأولى كثير من الشباب استشهدوا لأجل رفع العلم فوق سماء القدس”.

ويتابع قوس:” ما يحصل في هذه الأيام من قبل الاحتلال الاسرائيلي هو نوع من التخبط السياسي، وما حصل بالقراءة الأولى لمنع رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات التابعة لحكومة الاحتلال في الداخل الفلسطيني المحتل أي خرق الاتفاق بين الاحتلال ومنظمة التحرير، ومن هنا يأتي دور السلطة بإلغاء كل الاتفاقيات الموقعة مع حكومة الاحتلال لأنها لا تعترف في العلم ولا في سيادة السلطة في القدس التي تقع تحت حكم الاحتلال كاملاً، فالعلم الفلسطيني جزء لا يتجزأ من السيادة الفلسطينية فنحن نقول هذا العلم هو علم دولة فلسطين، وسيرفع دائما في كل المحافل والمناطق التي تقع تحت الاحتلال”.

ولم يكن قانون منع رفع العلم الفلسطيني  هو الأول من نوع ولكنه امتداد لسلسلة قوانين تم المصادقة والعمل عليها ضد الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل، ومن هذه القوانين قانون منع إحياء ذكرى النكبة الصادر عام 2016، وقانون “القومية اليهودية” العنصري.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة