loading

حرب على غزة: ماذا تريد “اسرائيل”

هيئة التحرير

هيئة التحرير: استطاعت المقاومة في قطاع غزة تجاوز الصدمة، التي شكلتها الضربة الأولى لجيش الاحتلال باغتيال القيادي البارز في سرايا القدس تيسير الجعبري، وبعض القادة الميدانيين.

ورغم فداحة خسارة الرجل لقيمته العسكرية والقيادية، الا ان سرايا القدس تحديدا اثبت مدى توازنها، وقدرتها على امتصاص الضربة، ووجهت الرد كما كان منتظرا بعد ساعات قليلة بعشرات الصواريخ القصيرة وبعيدة المدى، والتي وصلت الى مشارف مدينة يافا.

وبعد مرور ما يقارب ٢٤ ساعة على العدوان، فشلت إسرائيل في تكرار عملية اغتيال ثانية أعلنت نيتها تنفيذها، وكذلك فشلت قبتها الحديدية في التصدي لصواريخ المقاومة، التي لم يتوقف انهمارها على جميع المدن والبلدات في الداخل المحتل، حيث وصل عددها في ٢٤ ساعة الى قرابة ٣٦٠ صاروخا.

ويبدو ان المقاومة متأنية في الرد وغير متعجلة في إنجازه سريعا، حيث أكدت الجهاد الإسلامي في السادس من آب انه لا وقت للحديث عن هدنة او تهدئة في الوقت الراهن، وان العمل يقتصر على استمرار الرد على الاحتلال، وهناك تدرج في استخدام الصواريخ بعيدة المدى حيث استخدمت في الساعات الأخيرة في استهداف منطقة الوسط ومطار اللد.

وفي الوقت الذي أعلن جيش الاحتلال عن عملية عسكرية في قطاع غزة تحت اسم “بزوغ الفجر” وبدأت باغتيال الجعبري الا انه كان لافتا عدم وضع أهداف محددة لتلك العملية، في محاولة منه لتجنب الحرج او المساءلة عن عدم تحقيق تلك الأهداف لاحقا، على غرار الحروب السابقة، بينما استطاعت المقاومة من جديد ترسيخ قاعدة توحيد الساحات، التي أرستها المقاومة في معركة في القدس، وأكدتها اليوم بعد اعتقال القيادي بسام السعدي واستنفار مقاتليها وإعلان حالة الطوارئ في مستوطنات الغلاف، ما يدلل على انتهاء مرحلة الاستفراد في منطقة عن منطقة أخرى.

حكومة عطشى للدم

ولدت حكومة بينيت – لابيد من خاصرة الازمة السياسية الإسرائيلية، وجاءت بعد رابع انتخابات في ثلاث سنوات، في دولة الاحتلال، ورغم محاولتها للبقاء على قيد الحياة الا انها فشلت في ذلك.

بحثت حكومة بينيت ولابيد عن مواجهة عسكرية، تملأ رصيدها السياسي من دم الفلسطينيين ولعل ذلك ما دفعها الى السماح في مسيرة الاعلام الأخيرة، وإعطاء الضوء الأخضر للمستوطنين، لعلها تنقذها في انتخابات تشرين ثاني/ نوفمبر المقبلة.

ويبدو ان لابيد ومعه شريكه في رئاسة الحكومة بينيت سيمنيان بالفشل في الإنتخابات المقبلة، وقد وجدا ان شن عدوان على غزة في قد يحيي حظوظهم الانتخابية، وتحديدا إزاء منافسهم معسكر بنيامين نتنياهو.

وقال الخبير العسكري واصف عريقات لـ “بالغراف” ان “العدوان الإسرائيلي الذي يشنه لابيد – جانتس، يستهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الدم الفلسطيني لكسب أصوات انتخابية بانتظار حم أزمات غاز البحر المتوسط، والملف النووي الإيراني، وفشل زيارة بايدن في ترجمة كل مطالب إسرائيل، والازمة الداخلية، وهاجس تنامي قدرات المقاومة التي أصبحت تهدد وتقلق إسرائيل بشكل جدي”.

الاحتلال أعد لعدوانه، ونفذه تحت غطاء الهدنة ومفاوضات التهدئة التي قادها الوسط المصري، بهدف تحقيق مكاسب، وتعويض ما خسره في معركة سيف القدس واستعادة قوة الردع، دون ان يعلم ان كان قادرا على وقف المواجهة والسيطرة عليها وتدحرجها لحرب واسعة.

وقال عريقات ” ان حجم الجرائم الإسرائيلية لا توحي ان المقاومة يمكن ان تقبل بتمريرها دون الرد عليها ودفع الاحتلال ثمنها، ولا يمكن للمقاومة كذلك ان تقبل تغيير معادلات الردع التي حققتها بالدم في الأعوام الماضية، بذلك تبقى الأوضاع مرشحة للتصاعد الا إذا رضخت إسرائيل واستجابت للمطالب الفلسطينية”.

وأشاد عريقات بأداء المقاومة الفلسطينية بعد استيعابها صدمة الاغتيال، مؤكدا وجود تنسيق بين الفصائل الفلسطينية بدليل ما يصدر عن غرفة المقاومة المشتركة، في حين تسعى إسرائيل لشن حرب نفسية بمزاعم قتالها لفصيل واحد فقط.

التفاوض بالنار

من جانبه قال أستاذ العلوم السياسية حسام الدجني لـ”بالغراف” ان إسرائيل لجأت لأسلوب التفاوض بالنار، في محاولة للضغط على الجهاد الإسلامي للقبول بما يطرحه الوسطاء عليها.

ولفت الدجني ان إسرائيل ترغب في نجاح الوساطة، كي لا تنفجر الأمور نحو مواجهة شاملة، نظرا لاعتبارات عديدة، أبرزها وجود انتخابات مبكرة في تشرين الثاني، ورغبة لابيد استثمار اغتيال الجعبري في دعايته الانتخابية وعدم إضاعة ذلك إذا ما استمرت المواجهة وتكبد الجيش خسائر، وكذلك الخشية من امتداد المواجهة الى أيلول المقبل، وهو الشهر الحاسم بملف كاريش وترسيم الحدود مع لبنان والخشية من تنفيذ حزب الله لتهديداته، وكذلك متابعة تطورات الملف النووي الإيراني.

المواجهة الحالية لن تستمر طويلا، الا إذا وقع في الميدان عمل دراماتيكي كبير يمكن ان يفجر الأمور، وأعتقد ان جهود الوساطة قد تصل الى توافقات وهذا يحتاج لضغط دولي على إسرائيل لتلبية المطالب بشأن حصار غزة او الشيخ بسام السعدي.

واكد الدجني ان المقاومة استطاعت فرض معادلتين للردع، الأولى تقودها الجهاد الإسلامي من خلال الرد بإطلاق الصواريخ واستنزاف جيش الاحتلال والتدرج فيها، كما كان واضحا خلال الساعات الماضية، والثانية تتمثل بموقف حماس، اذ ان عدم دخولها في الحرب هو بحد ذاته أحد أشكال الردع للاحتلال وفق قواعد اشتباك محددة، يتمثل بعدم قصف الأبراج والمدنيين والتزام إسرائيل بذلك.

واكد الدجني ان المنطق الذي تنطلق منه غرفة العمليات المشتركة ان هذه المعركة ليست هي الحاسمة او المعركة الاستراتيجية وانما هي معركة من بين معارك تخوضها المقاومة، وبالتالي التعامل معها على انها ام المعارك خطيئة سياسية، لافتا الى ضرورة تفويت فرصة تدحرج الأمور نحو مواجهة مفتوحة.

وأشار الدجاني ان ” لابيد وقع في خطأ وفخ كبير، والأيام القادمة ستثبت حجم الخطأ الذي وقع فيه، والذي استند به على توقع ان يقوم بهذه الضربة ومن ثم يستطيع مع بعض الأطراف الإقليمية تطويق الأمر والعودة للتفاهمات، وبعدها يسوق للناخب انه انتصر، خاصة بعد الانتقادات الحادة له وللجيش بعد منع الحركة في مستوطنات غلاف غزة لمدة ثلاثة أيام بسبب استنفار عناصر سرايا القدس.

المقاومة لم تلقي كل أوراقها

لم تخرج المقاومة من جعبتها كل أوراق قوتها، وفق ما راكمته من خبرات المواجهة، وان شهدت الساعات الأخيرة ارتفاع وتيرة استخدام الصواريخ بعيدة المدى التي وصلت الى مشارف يافا ونتانيا التي تبعد قرابة تسعين كلم عن غزة.

وقال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف لـ “بالغراف” لا يزال الاشتباك محدود والقوة المستخدمة من المقاومة كذلك، وان تم اليوم استخدام صواريخ ثقيلة في قصف تل ابيب ومطار بنغوريون، وهذا يثبت تطور المقاومة”.

وأشار الصواف الى ثبات موقف المقاومة ووحدته، موضحا “هناك تنسيق بين فصائل المقاومة، وسرايا القدس تأخذ فرصتها للرد، وذلك ضمن توافق بين القوة والفصائل وتبادل الأدوار بينها”.

واكد الصواف ان ما يحدد تطور المواجهة الى حرب واسعة، هي الإجراءات والعمليات على الأرض من الاحتلال ورد المقاومة عليها.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة