loading

أزمة المطار: بين جزرة الشيكل وعصا الدينار

هيئة التحرير: أثارت، أول رحلة سفر جوي لفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة من مطار “رامون” في النقب إلى قبرص، يوم الاثنين 22 آب/أغسطس قلقا في المملكة الأردنية الهاشمية، خشية أن تُثبت هذه الرحلة بديلا لسفر الفلسطينيين الى ومن الأردن، الأمر الذي سينجم عنه تداعيات اقتصادية وسياسية في المملكة.

وتعد الرحلة الى انطلقت بنحو 24 فلسطينيا، تجربة أولى، لكن ما يخيف انها خطوة من مشروع واسع النطاق، لم تتضح معالمه بعد، لكن إسرائيل تخطط ان يشمل دولا عديدة منها تركيا وقبرص والإمارات في بداية الامر على أقل تقدير، وربما تتسع الرحلات لتشمل مستقبلا دولا أخرى.

واحتفت إسرائيل بالرحلة والتي تحاول تسويقها امام العالم انها جزء من التسهيلات التي تقدمها للفلسطينيين، وتحديدا للإدارة الأمريكية التي كان رئيسها جو بايدن قد طلب ذلك عقب زيارته الى المنطقة، كجزء من التسهيلات والمساعدات الاقتصادية للفلسطينيين، بديلا لأي خطة سياسية.

وفي الوقت الذي اكتفت فيه السلطة عبر الإعلام وفي البيانات برفض سفر الفلسطينيين عبر مطار رامون، أبدت بعض الجهات الأردنية غضبها من تلك الخطوة، واعتبرتها مضرة بها اقتصاديا وسياسيا، نظرا لتداعياتها على الحركة الاقتصادية التي يحدثها المسافرين الفلسطينيين في الأردن اثناء سفرهم.

وأعرب أصحاب مكاتب السياحة والسفر الأردنية، عن تخوفات عديدة، من هذه الخطوة، كونها سوف تعني الاستغناء عن عبور الفلسطينيين من المعابر الأردنية، لأن قرابة 50% من ركابهم من الضفة الغربية، والذين يستخدمون المطارات والفنادق والشقق المفروشة والسيارات، حيث تشير المعلومات الى وجود ما لا يقل عن 500 مكتب سفر وسياحة أردني يتعاملون بشكل يومي مع المسافر الفلسطيني.

وعلى الرغم من عدم صدور موقف رسمي من الحكومة الأردنية عن تشغيل إسرائيل مطار رامون للفلسطينيين، رفع العديد من النواب الأردنيين صوتهم انتقادا لموقف الحكومة الأردنية الصامتة، محذرين من مغبة هذه الخطوة وتداعياتها السياسية والاقتصادية على الأردن، بل توجهوا لمخاطبة الفلسطينيين بعدم السفر من مطار رامون.

كما انتقد بعض المسؤولين ما اسموه صمت السلطة الفلسطينية إزاء ما يجري، فقد قال وزير الإعلام الأردني الأسبق سميح المعايطة في تغريدة على تويتر، إن فتح المطار أمام الفلسطينيين، “خطوة إسرائيلية لخدمة مصالحها بالتوافق مع سلطة رام الله، التي قدمت خدمة لإسرائيل على حساب الأردن”. وأضاف المعايطة في برنامج تلفزيوني ان “السلطة التي سيطرت على المقاومة في الضفة، ومنعتها من إطلاق رصاصة واحدة، كان بإمكانها منع سفر الفلسطينيين عبر رامون”، وهذا الموقف تبناه العديد من النواب والكتاب الأردنيين، وفي المقابل ارتفعت الدعوات والمطالبات للحكومة الأردنية تحديدا بإجراء تسهيلات لسفر الفلسطينيين عبر المعبر الأردني.

يعتقد النائب الأردني خليل عطية ان القرار الإسرائيلي بشأن رامون سيكون له تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة على الأردنيين.

وقال عطية لـ”بالغراف” أن هناك مخاوف من تداعيات اقتصادية، نظرا لوجود العديد من الشركات التي تأسست لخدمة المسافرين الفلسطينيين، سواء شركات طيران، او مكاتب سياحة وسفر، وشقق فندقية، وفنادق، إضافة الى إضعاف موقف الأردن السياسي تجاه فلسطين، والتآمر عليه كما فعلت الكثير من الدول العربية بالهرولة المجانية للتطبيع مع الاحتلال، وبالتالي هذه الخطوة هي استهداف سياسي واقتصادي للأردن.

وأشار عطية انه يؤمن بان الشعب الفلسطيني لن يسمح بالمساس في الأردن ومناعته وقوته واقتصاده وسيادته، خاصة أن الأردن على مدار العقود قيادة وشعبا كان دائما داعما للقضية الفلسطينية، وقد دفع ثمن ذلك نتيجة موقفه من ابطال الصفقات التي تستهدف القضية الفلسطينية وآخرها صفقة القرن، والفتنة التي حدثت مؤخرا في الاردن كانت نتيجة ذلك الموقف.

وحول المطلوب القيام به لتفويت الفرصة على الخطط الإسرائيلية، قال عطية ان رئيس الحكومة اوعز اليوم وبشكل واضح بضرورة التسهيل على إخواننا الفلسطينيين وهذا مطلب حق لأنه لا يمكن القبول بما يجري في الأيام السابقة تجاه شعبنا الفلسطيني، والذي تقف خلفه إسرائيل.

وتابع “المفروض من الحكومة اردنية، وقد طالبت بذلك ان تقوم بتسهيل الإجراءات بشكل كبير، وكذلك الأمور المالية حتى نقطع دابر كل من يحاول استخدام ذلك ذريعة لتشغيل مطار رامون”، موضحا ان تصريحات رئيس الحكومة كانت واضحة بضرورة تسهيل الإجراءات، ويجب التخفيف أكثر عن المواطن الفلسطيني.

وحاولت حكومة اشتية تبديد مخاوف الأردن، ونفي قبولها او موافقتها على الخطة الإسرائيلية في تشغيل رامون، وذلك خلال لقاء رئيس الحكومة محمد اشتية مع نظيره الأردني بشر الخصاونة خلال تدشين محطة الرامة لتحويل الكهرباء في الأغوار الجنوبية والمخصصة لتحويل الكهرباء من الأردن الى فلسطين، والتي سترفع كميتها من 40 ميغاواط الى 80.

وقال اشتية في إشارة الى ما أثير حول رامون ودور السلطة فيها ” أن المشاريع التي من شأنها الإضرار بالعلاقات الأردنية الفلسطينية لن تجد لها شريكًا فلسطينيًا لا رسميًا ولا شعبيًا، ولا بديل عن عمقنا في الأردن.” مشددا على دور الأردن في دعم استراتيجية الحكومة الرامية الى الانفكاك التدريجي عن التبعية التي يفرضها علينا واقع الاحتلال، في التجارة والبنية التحتية والمياه والطاقة وغيرها.

وتابع اشتية “إذا أراد الاحتلال أن يسهل على شعبنا فليفتح لنا مطار القدس الذي هو موجود وقائم ويمكن لنا أن نشغله”، وأكد: “نحرص كل الحرص على عمق العلاقة فيما بيننا وتشبيك المصالح المشتركة بين أهلنا على جانبي نهر الأردن”، شاكرا التوجيهات بتسهيل تنقل المواطنين الفلسطينيين عبر جسر الملك حسين.

من جانبه قال الناطق باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحال لـ “بالغراف” ان زيارة اشتية الى الأردن اليوم مهمة للغاية، وخلالها قدم رئيس الوزراء الموقف الفلسطيني الرسمي، بشأن العلاقة المصيرية والاستراتيجية مع الأردن التي تعد خيارنا وملتزمين بذلك وان موقف الحكومة دائما كان التوجه والسفر عن معبر الكرامة فقط.

ولفت رحال ان هناك تنسيق دائم بين وزير النقل والمواصلات ونظيره الأردني من اجل الإجراءات ومتابعة المطالب لإدخال تحسينات وتعديلات بشأن تسهيل سفر الفلسطينيين، مع التأكيد أن محور تعطيل سفر الفلسطينيين، هو الاحتلال الذي يتأخر في استقبال الحافلات الخارجة من معبر الكرامة او القادمة من الجسر الأردني، ويفرض تشديدات وقيود وتعقيدات امنية، تستنزف المواطن، لافتا أن تشغيل مطار رامون اثار ملف تحسين الخدمات على المعابر وتطويرها.

ولفت رحال ان الحكومة كانت واضحة في موقفها، وهو إعطاء نصائح وإرشادات الى الناس بعدم السفر من رامون، متأكدة ومن وعي المواطن الوطني والسياسي، لافتا الى ان المستوى السياسي يتابع الموضوع بكل التفاصيل وما يصدر عنه سنلتزم به.

رأي الشارع

وأشار رحال ان التنسيق بين وزارتي النقل والمواصلات الأردنية والفلسطينية مستمر بشكل دائم، وان المواطن سوف يلمس قريبا تغييرات في الكثير من الأمور خلال السفر.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب لـ”بالغراف” أن المسألة المتعلقة بالموقف الأردني من مطار رامون، سببها الأساسي اقتصادي، وهذه فرصة لإجراء مراجعة من قبل الأردنيين للإجراءات والتكاليف الباهظة على المواطن الفلسطيني، سواء المسافر الى الاردن او الى مطار الملكة علياء، كما أن هذه المسألة بحاجة الى موقف سياسي فلسطيني يتعلق بمقاطعة المطار.

ولفت أن تشغيل إسرائيل لهذا المطار والسماح للفلسطينيين بالسفر تهدف من خلاله الى امرين اولهما هو تثبيت للاحتلال، الذي يفرض عقبات ويحتاج الوصول إليه لمشقة وتعب، ولو أراد الاحتلال تسهيل سفر الفلسطينيين لسمح بفتح مطار قلنديا او يسمحوا ببناء مطار في الضفة، وثانيهما حتى يكون بديلا عن حق الفلسطينيين في وجود مطار خالص لهم يتحكمون به، وبالتالي ليس توجه إسرائيل الى فتح المطار امام الفلسطينيين الذي هو فاشل اقتصاديا، للتغطية على ذلك الفشل من خلالنا.

ولفت ان تجاوز الازمة او سوء الفهم بحاجة الى اتفاق فلسطيني – أردني بشأن تسهيل إجراءات السفر وتخفيف الأعباء على الفلسطيني وتطوير الخدمات على المعابر والمطار وتسهيل الوصول الى الاردن او المرور الى المطار، كما على الفلسطينيين أن يسعوا لأمرين هما تطوير العلاقات مع الأردن، وان لا يغيب المفهوم السياسي للقضية، بإنهاء الاحتلال وبناء مطار خالص للفلسطينيين نستطيع من خلاله الوصول للعالم

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة