على أبواب الإضراب: أولادنا قبل صوامع القمح

هيئة التحرير

القومُ مشغولون في مطار رامون، وعليّة القومِ قلقون على مكاسب السفر من بن غريون، ووزراءٌ قلقون على مستقبل أبنائهم فيتبادلون التوظيف، ومدنٌ تتبادل الصدور العارية للتصدي لرصاص الاحتلال تارةً في نابلس، وتارة في سلواد وجنين، والحكومة مشغولة بصوامع القمح وآبار البترول، وبلدٌ تسير من أزمةٍ إلى أخرى بلا حلول.

خليل العواودة من بلدة اذنا، يخوض معركته الخاصة، أشهر طويلة يحاول انتزاع حريته دون مساندة، حاله حال أحمد وعدال موسى من بلدة الخضر المضربين منذ مطلع اب لذات القضية ضد الاعتقال الإداري، فيما يستعد ألف أسير آخر لخوض اضراب مفتوح ضد سياسات القمع والتنكيل التي تنتهجها إدارة السجون.

عائلات تحمل قلبها في كفها وعيونها على مصير ابنائها، أمٌ تحملُ وردةً تزرعها في حدقات العيون، وطفلةٌ تنتظر والداً أطال الغياب، ومسنةٌ حرمها الاحتلال من كُل الأحباب، سيزيدُ الاضرابُ من صعوبة حياةٍ كانت صَعبة، ومن رعبِ هواجسٍ خٌلقت مرعبة، وقلق يزيد، بين قلبِ محبٍ أسير يعيش على وقع القمع والتهديد، قد يمسي أسيراً ويصبح شهيد.

قدورة فارس، رئيس نادي الأسير الفلسطيني،  خاض الإضرابات ويعرفها جيداً ، حيث شارك ١١ ألف أسير آخر إضراب أم المعارك الشهير في العام ١٩٩٢، من ٢٤ معتقلا وسجنا إسرائيليا وانتزعوا انتصارا وحققوا مطالبهم، يقول أن الأسرى الذين سيخوضون إضرابا في الغد لديهم مطلب واحد فقط وهو أن تكف إدارة السجون يدها عنهم، وأن مطلبهم هو اعلان إدارة السجون عن إلغاء كافة الإجراءات التي كانت تنوي إدارة السجون تنفيذها ابتداء من الخامس من الشهر القادم، مضيفاً أنه لو تقرر إدارة السجون إلغاء تنفيذ هذه الإجراءات اليوم فإنه لن يحدث إضراب.

وأضاف في حديث لـ بالغراف: ” أن الإجراءات تمس عملية الاستقرار بالسجن، فالأسرى المحكومين بالمؤبد وبحسب الإجراء الجديد سيجري نقلهم بشكل دوري بحيث لا يمكث الأسير في غرفة واحدة أكثر من ستة أشهر، وفي قسم واحد أكثر من سنة وبسجن واحد أكثر من سنتين، ولذلك وبحسب هذه الإجراءات فالأسير المحكوم بالمؤبد سيبقى يعيش حالة من عدم الاستقرار.

ولفت فارس إلى أن هذا شيء مرفوض ويهدف إلى تقويض الحياة العامة الجماعية للأسرى، فالأسرى يعيشون حياة جماعية منذ عشرات السنين، وبالتالي تقويض الحياة الجماعية به مساس جوهري لنمط حياة الأسرى.

فيما أشار نادي الأسير الفلسطيني إلى أن إدارة السّجون ما تزال على موقفها وترفض الاستجابة لمطالب الأسرى وأبرزها التراجع عن جملة الإجراءات التنكيلية التي تحاول فرضها على الأسرى، لفرض مزيد من عمليات السيطرة، والتي في جوهرها استهداف لمنجزات الحركة الأسيرة، والمسّ بحقوقهم على صعيد الحياة الاعتقالية.

واستأنف الأسرى ومنذ الثاني والعشرين من آب/ أغسطس الجاري خطواتهم النضالية التي علقوها في شهر آذار/ مارس الماضي، بعد أن عادت إدارة السّجون التلويح بفرض إجراءاتها، واستندت خطوات الأسرى على مسار “العصيان والتّمرد” على قوانين إدارة السّجون، وذلك بالامتناع عن الخروج إلى ما يسمى “بالفحص الأمني”، وإرجاع وجبات الطعام، بالإضافة إلى ارتداء الزي البني (الشاباص)، وإغلاق الأقسام، وحل الهيئات التنظيمية.

بدوره دعا رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر جماهير شعبنا الفلسطيني ومؤسساته وفصائله، للتوحد خلف أسرانا ومعتقلينا في معركتهم البطولية، والتي ستدخل غداً مرحلة التحدي الحقيقي ببدء ألف منهم الإضراب المفتوح عن الطعام، مشدداعلى ضرورة أن يكون الشارع الفلسطيني على مستوى الخطوات النضالية والتحدي الذي سيخوضه أسرانا الأبطال داخل السجون والمعتقلات، لأنه في هذا التكامل ملامح نصر حقيقي سيتحقق رغماً عن إدارة السجون وحكومة الاحتلال.

وقال اللواء أبو بكر ” سيبدأ الإضراب غداً الخميس، وسيكون اليوم الثاني للإضراب يوم الجمعة، والذي سيتحول لهبة حقيقية تُشعل الشارع، ليكون رسالة واضحة لمنظومة الاحتلال وأدواتها، بأن المساس بأسرانا مساس بالكل الفلسطيني، وأن حقوقهم سننتزعها بالنضال والتضحية والفداء، وبالصمود والصبر لأبطالنا وماجداتنا في قلاع الأسر”.

تاريخ إضرابات الأسرى:

نفّذ الأسرى تاريخيًا 25 إضرابًا جماعيًا على الأقل منذ عام 1967، تمكّن الأسرى من انتزاع حقوق أساسية وخلالها شاركت الأسيرات مشاركة فاعلة إلى جانب الأسرى في معظم الإضرابات، وكانت أبرز هذه الإضرابات الجماعية

•          إضراب “عسقلان” عام 1970 وخلاله اُستشهد الأسير عبد القادر ابو الفحم، وهو أول شهداء الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال.

•          إضراب “عسقلان” الشهير عام 1976 واستمر لمدة (45) يومًا، حيث استأنف الأسرى الإضراب مجددًا عام 1977 واستمر لمدة (20) يوما، وهو من أطول إضرابات الحركة الأسيرة.

•          إضراب “نفحة” الشهير عام 1980، وفيه اُستشهد الأسيرين راسم حلاوة، وعلي الجعفري، والتحق بهما الأسيران، أنيس دولة، واسحق مراغة.

•          إضراب سجن “جنيد” عام 1984 استمر لمدة (13) يومًا.

إضراب آخر في سجن “جنيد” نفّذه الأسرى عام 1987 شارك فيه (3000) أسير فلسطيني، واستمر لمدة (20) يومًا.

•          وفي عام 1991، خاض الأسرى إضرابًا عن الطعام في سجن “نفحة” استمر لمدة (17) يومًا.

•          وفي عام 1992، نفّذ الأسرى إضرابًا عرف بإضراب أيلول الشهير، وشارك فيه نحو 7000 أسير، واُستشهد خلاله الأسير حسين عبيدات.

•          وفي عام 2000 نفّذ الأسرى إضرابًا استمر لمدة شهر.

•          وفي عام 2004 استمر لمدة 19 يومًا.

•          وفي عام 2011 أضرب الأسرى مدة 22 يومًا.

•          وتلاه إضراب عام 2012 استمر 28 يومًا.

•          وفي عام 2014 نفّذ المعتقلون الإداريون إضرابًا عن الطعام استمر 62 يومًا.

•          وكان آخر إضراب جماعي نفّذه الأسرى (إضراب الكرامة)عام 2017، واستمر لمدة 42 يومًا.

نفّذ نحو 400 أسير إضرابات فردية عن الطعام منذ أواخر عام 2011، جلها كانت ضد الاعتقال الإداري.

وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قرر في جلسته هذا الأسبوع اعتماد عدد من المشاريع الاستراتيجية وتكليف جهات الاختصاص الحكومية وضع الدراسات وخطط العمل التنفيذية لها وهي: صوامع تخزين القمح، ومحطات تخزين الوقود، وسدود المياه، ومشاريع الطاقة الشمسية للمخيمات، ومحطات تكرير المياه العادمة.

فيما صرح وزير الاقتصاد خالد العسيلي أن موضوع بناء صوامع القمح جدي والنتائج قريباً على الأرض، ونتوقع خلال الأسابيع القادمة تجهيز عطاءات شفافة لإنشائها، نظراً لأهمية المخزون الاستراتيجي الموجود.