loading
الاضرابات الفردية

الإضراب الفردي للأسرى.. معركة محفوفة بالمخاطر!

هيئة التحرير

قبل أكثر من عشر سنوات خاض الأسير المحرر والقيادي بحركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان إضرابًا عن الطعام ضد اعتقاله الإداري، ليكون بذلك أول من دشن تجربة الإضراب الفردي، والتحق به مئات الأسرى أضربوا فرديًا عكس ما جرت عليه العادة بالإضراب الجماعي، فيما يثار نقاش بين الحين والآخر، عن جدوى الإضرابات الفردية، أو هل باتت مرهقة للحركة الأسيرة والشارع الفلسطيني؟

ونفذ الأسرى تاريخيًا 25 إضرابًا جماعيًا على الأقل منذ عام 1967، حيث تمكّن الأسرى من انتزاع حقوق أساسية وخلالها شاركت الأسيرات مشاركة فاعلة إلى جانب الأسرى في معظم الإضرابات، بينما نفذ نحو 400 أسير إضرابات فردية عن الطعام منذ أواخر عام 2011، جلها كانت ضد الاعتقال الإداري، بحسب معطيات لنادي الأسير الفلسطيني.

مخاطر الإضراب

وسط مئات الإضرابات الفردية عن الطعام، فإن أصواتًا بدأت تتصاعد حول مخاطر الإضراب الفردي على الحركة الأسيرة والشارع الفلسطيني، وسط دعوات لإعادة تقييم هذه التجربة من الإضرابات.

يقول رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر لـ”بال غراف”: “هنالك موقف من فصائل العمل الوطني ومؤسسات الأسرى حول الإضرابات الفردية التي يخوضها الأسرى، بضرورة تركها، لكن في حال اضطر الأسير لخوض الإضراب، فإننا لا نستطيع تركه لوحده في هذه المعركة”.

ولهذا انوع من الإضرابات مخاطر عدة، منها بحسب أبو بكر، أنها أرهقت الشارع الفلسطيني والحركة الأسيرة، والحشد والدعم للأسرى بدأ يقل، خاصة أن هذه الإضرابات لا تتوقف، “لذا كان هنالك إجماع للأسرى بضرورة وقف هذه الإضرابات، وأن تكون هنالك خطوات جماعية، فجاءت فكرة مقاطعة محاكم الاعتقال الإداري”.

يشدد أبو بكر على ضرورة أن يوجه كل تنظيم عناصره بضرورة الالتزام بعدم خوض إضرابات فردية، والأمر بحاجة لتوعية داخل السجون.

ويؤكد مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية “حريات” حلمي الأعرج في حديثه إلى “بالغراف”، أن التوجه العام للحركة الوطنية والأسيرة بعدم اللجوء إلى الاضراب الفردية رغم أهميتها وشرعيتها في التصدي للاعتقال الإداري، ورداً على حالة الظلم والاضطهاد والقهر التي يتعرض لها المعتقل الإداري.

لكن الأعرج يؤكد أن هذه الإضرابات الفردية تستنزف طاقات الشعب الفلسطيني وقواه السياسية ومؤسساته، وأحياناً تحرج الحركة الأسيرة حال لم يتم الوقوف مع المعتقل الإداري بالشكل المطلوب، خاصة أن تلك الإضرابات دائمة مستمرة دون توقف، وتبقي الشعب الفلسطيني بحالة استنفار دائم مرهق ومكلف ومحرج إن لم يكن الدعم بالمستوى المطلوب.

يقول الأعرج: “من حيث المبدأ لسنا مع الإضرابات الفردية، لكن عندما تشتد معركة الأسير المضرب فرديًا يجب أن يلتحم الشعب الفلسطيني مع أسراه، وعدم ترك الأسير وأن يتم دعمه، لكن من المهم أن يدرك الجميع أن الإضراب الجماعي مهم، ومجرد التلويح به قد يشكل انتصارًا كما حدث بخطوات الأسرى الأخيرة”.

ويشدد الأعرج على أهمية تعميق الالتزام وأن يقوم كل فصيل بالخارج والداخل بتوعية عناصره بخطورة الإضراب الفردي والتأكيد على أهمية الإضراب الجماعي، “حيث أن الاحتلال يحاول الاستفراد بالأسير المضرب فرديًا ويتركه لأطول فترة ممكنة ويعرض حياته للخطر”.

“نخوض الإضراب مجبرين”!

لا ينكر الأسير المحرر ماهر الأخرس والذي خاض إضرابًا عن الطعام قبل سنوات، في حديث لـ”بالغراف” أن الإضراب الفردي عن الطعام هو خيار ليس بالسهل، لكن الأخرس يشدد على أن الأسير عندما تتعذر أمامه الخيارات “يضطر لخوض الإضراب الفردي”.

ويقول الأخرس: “إننا نخوض الإضراب الفردي مجبرين بسبب هذا الاعتقال الظالم، والأسير يخوض الإضراب لوحده دون أن يجبر أحدًا على مساندته، حينما أضربت أبلغت الأسرى عدم مساندتي وجر الحركة الأسيرة لهذه المعركة”.

غالبية الأسرى ممن خاضوا معركة الإضراب الفردي، بحسب الأخرس، انتصروا في إضراباتهم، وهو أمر إيجابي، ويقول: “لكننا بحاجة لتوعية الأسير إن خاض تجربة الإضراب الفردي أن لا يتم خداعه، وكيفية إدارة الإضراب، وهي قضية يجب أن تدرس”.

تجربة بحاجة لتقييم

في ظل وجود وجهتي نظر حول تجربة الإضراب الفردي، مع التأكيد عهلى ضرورة عدم ترك الأسير لوحده، كي لا تستفرد سلطات الاحتلال به، فإن هنالك دعوات جادة لضرورة طرح القضية في ميزان النقاش واستخلاص العبر.

ويقول الكاتب والأسير المحرر وليد الهودلي لـ”بالغراف”: “هنالك وجهتي نظر بين الأسرى حول قضية الإضراب الفردي، بين داعٍ الإضراب، كون الإضراب الفردي يضعف الإضراب الجماعي، ويرفع سقف أيام الإضراب، لذا لا بد من اللجوء للخطوات الجماعية فقط”.

وهنالك وجهة نظر أخرى، بحسب الهودلي، وهي دعم الإضراب الفردي، خاصة أن مؤيدي وجهة النظر هذه يرون أنه لو كان هنالك إضراب جماعي لما اضطر بعض الأسرى لخوض إضراب فردي.

ويرى الهودلي، أن الأسرى حينما لا يجدون خطوة جماعية وعليهم ضغوط وظلم كبير خاصة بما يتعلق بالاعتقال الإداري، فإنهم يضطرون لخوض الإضراب الفردي، ويقول الهودلي: إنني أرى إن كان التوقيت مناسبًا لخوض إضراب فردي فلا مانع أن يكون هنالك إضراب فردي فهو يغذي الشارع الفلسطيني بنفس ثوري ويغذي قضية الأسرى”.

أي إضراب وفق الهودلي، بحاجة لتقدير الظرف السياسي والأحداث التي تشغل الناس في الخارج، لأنه في حال وجود حدث كبير يغطي على الإضراب، ومن الأفضل قبل خوض الإضراب أن يتم تداول الأمر مع الأطر التنظيمية حتى يتم نصحه، وأن يكون لدى الأسير وعي وتقدير موقف وأن لا يكن معزولاً عن الخارج.

بعض الأسرى يضطر لخوض الإضراب الفردي في بداية اعتقاله حينما يعتقد أن هنالك ظلم كبير وقع عليه، ويخبر مخابرات الاحتلال حين اعتقاله، ويقول الهودلي بالشأن: “قد يكون هنالك تقدير موقف من قبل الأسرى، وربما يصبح الإضراب الفردي تحت إشراف الحركة الأسيرة، بحيث يتم تبني الإضراب الفردي من الحركة الأسيرة بشكل (تكتيكي)”.

ووفق الهودلي، فإن الإضراب الفردي جيد في بعض الأحيان، وقد ترجح حسناته على سلبياته، وفي المقابل قد ترجح سلبياته، لكن “كل حالة أدرى بنفسها، ولا بد من أن يكون هنالك تخطيط ووعي ومشاورة مع الأسرى، وإن لم تحسب الأمور جيدًا قد يكون خوض الإضراب بهذه الحالة تهورًا”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة