loading

عودة الاغتيالات !!

هيئة التحرير

سبعة أشهر من العمليات العسكرية تواصل إسرائيل فيها استهداف شبان المقاومة بالضفة الغربية، بعد إعلانها عن عملية “كاسر الأمواج” للقضاء على المقاومين، لكن رغم ذلك تتزايد أعمال المقاومة، ولم تتمكن إسرائيل حتى الآن من كسر تلك الأمواج متخبطة بردودها، على العمليات، حتى حاصرت القدس ونابلس، وصولاً إلى سياسة الاغتيال بالعبوات الناسفة لتامر الكيلاني القائد بمجموعة “عرين الأسود” بنابلس.

لهذه الأسباب اغتالت إسرائيل الكيلاني

بعد نحو أسبوعين من حصار نابلس، إثر عملية نفذتها “عرين الأسود” قرب قرية دير شرف غرب نابلس، وما تلاها من عمليات للعرين، لجأت إسرائيل لاغتيال الكيلاني بعبوة ناسفة موجهة ومخطط لها، بعد غياب لسنوات منذ انتفاضة الأقصى “الثانية”، لتوصل عديد الرسائل.

ويقول المختص بمتابعة الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان دراغمة لـ”بالغراف”: “إن عودة الاحتلال لسياسة الاغتيالات بهذه الطريقة لتوجيه رسالة لـ(عرين الأسود) بعدم وجود حصانة لهم، والوصول إليهم داخل معاقلهم”.

ويتابع أبو علان، “كما يريد الاحتلال ومخابراته (الشاباك) استعادة نظرية الردع الإسرائيلية التي تآكلت في الضفة الغربية بعد تزايد العمليات في جنين ونابلس ورام الله والخليل، رغم إطلاقه عملية (كسر الأمواج) في شهر مارس\ آذار 2022، لوضع حد لموجة عمليات المقاومة”.

ويرى “أبو علان” أن قوات الاحتلال تريد إيصال رسالة أخرى من خلال عملية اغتيال الكيلاني، إلى الداخل الإسرائيلي في ظل الشكاوى المتكررة بفقدان الأمن الشخصي للمستوطنين والمجتمع الإسرائيلي، كما أن عملية الاغتيال تأتي قبل انتخابات الكنيست بأسبوع لإيصال رسالة من المستوى السياسي الإسرائيلي بأنهم سيقضون على المقاومة المسلحة بالضفة الغربية”.

ولأن إسرائيل تشعر بأن أية عملية عسكرية تنفذ فيها اجتياحات تستدعي مزيدًا من التصعيد والاشتباك، فإن ذلك يؤدي إلى خطورة على الجيش ويوقع مزيدًا من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، فإنها عادت لتنفيذ سياسة الاغتيالات، فهي تريد أضرارًا أقل، في هذه المرحلة تحديدًا، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله في حديث لـ”بالغراف”.

الاحتلال لم يعترف رسميًا بعملية الاغتيال

رغم المؤشرات التي تدلل بشكل واضح أن وراء عملية اغتيال الكيلاني يقف وراءها الاحتلال، وكذلك ما ورد في الإعلام العبري من اتهامات واعتراف ضمني بمسؤولية الاحتلال عن اغتياله، إلا أن الاحتلال لم يعترف رسميًا بمسؤوليته عن الاغتيال.

ويقول “أبو علان”: “إن ذلك سياسة وأسلوب لدى الاحتلال، وهنالك الكثيير من عمليات الاغتيال كان يترك المسؤولية عنها غامضة، وذلك يعود إلى أن الاحتلال ربما لا يريد تحمل مسؤولية مباشرة عن تبعات العملية، فالظروف مختلفة عن الانتفاضة الثانية”.

وبحسب “أبو علان”، فإن هذه السياسة الإسرائيلية التي تعتمد على اغتيال المقاومين يراد منها الوصول إليهم دون اللجوء إلى عملية عسكرية أوسع لها محاذيرها، وهو يريد استنزاف المقاومين عبر حصار نابلس، وتجنيد الرأي العام ضد “عرين الأسود”.

ويتابع “أبو علان”، كذلك يريد الاحتلال تقييد نطاق المقاومة بمنطقة جغرافية محددة، وأن لا تتسع شعبيًا، كما أن العمليات العسكرية ضد شمال الضفة قد تدخل جبهات أخرى للمعركة كغزة والجبهة الشمالية، وهو ما لا يريده الاحتلال، فلجأ للرد بعمليات اغتيال ضد المقاومين.

الاغتيالات خيار مضمون قبل الانتخابات

عودة سياسة الاغتيالات بالعبوات الناسفة، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين، في حديث لـ”بالغراف” أنها تأتي في ظل إدراك إسرائيل أن تنفيذها لعملية عسكرية واسعة في جنين أو نابلس لن تحقق نتائج مضمونة، في الوقت المتاح قبل الانتخابات.

ويرى شاهين أن لجوء إسرائيل لهذا الأسلوب من الاغتيالات، يجنبها أية أمور لا تريدها قبل الانتخابات، في سياق محاولة تحقيق نتائج لرئيس حكومة الاحتلال يائر لابيد ووزير جيش الاحتلال بيني غانتس، والترويج بأنها إنجازات، وأنه لا يوجد خسائر في صفوف جيش الاحتلال.

هل تشكل “عرين الأسود قلقًا للاحتلال؟

أصبحت “عرين الأسود” تشكل قلقًا دائمًا لدى الاحتلال، وبمجرد وجود مسلحين ومقاومة، بغض النظر عن حجمها، فإن ذلك هو مصدر قلق لدى الاحتلال يريد القضاء عليه، والأخطر بالنسبة لإسرائيل أن “العرين” تشكل ظاهرة جديدة عناصرها لا ينتمون للفصائل الفلسطينية، يؤكد “أبو علان”.

ووفق “أبو علان”، فإن جيش الاحتلال لا يريد لـ”العرين” أن تتكرس، وتظهر بمواقع أخرى من الضفة الغربية، لذا لجأ لحصار نابلس والعمل على التخلص من عناصرها، وهو ما لمح له وزير جيش الاحتلال بيني غانتس خلال لقاء معه قبل أيام مع صحيفة “يديعوت أحرنوت”، حيث أشار غانتس إلى أن جيش الاحتلال لم يفقد السيطرة، وأن “العرين” مجموعة تضم العشرات فقط ويجب أن تنتهي، فيما يحذر “أبو علان” من إمكانية لجوء الاحتلال لطرق أخرى في تنفيذ اغتيالات بحق “عرين الأسود” بحسب الظرف في كل مرة، فقد يلجأ للاغتيال عبر الطائرات المسيرة.

وبحسب “أبو علان”، فإن الإعلام العبري تحدث أن رئيس حكومة الاحتلال يائير لابيد ووزير جيش الاحتلال بني غانتس طلبوا تجنب عملية عسكرية واسعة في مرحلة الانتخابات، وذلك لتقليل عدد الضحايا الفلسطينيين، ولتعزيز قوة السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية قبل انهيارها بشكل نهائي، بالتزامن مع العمل على منع انتفاضة جديدة.

في المقابل، يشير أبو علان إلى ما كتبته صحيفة “إسرائيل اليوم” بأن “عرين الأسود” فهمت أن عناصرها تحولوا من مطلوبين لملاحقين، بعد اغتيال الكيلاني، ويعرفون الآن أنهم مخترقين وضعفاء، لكن الضربة التي تلقوها ستزيد الدافعية لديهم لتنفيذ عمليات.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن “عرين الأسود”، هي الظاهرة الجديدة التي تعبئ الفراغ الذي أحدثته إسرائيل بعدما تمكنت من إيعاد دور السلطة السياسي وتحييد دور فصائل المقاومة بالضفة الغربية نوعًا ما.

يقول عطا الله: “إن ظاهرة (عرين الأسود) جاءت لملئ هذا الفراغ الذي أحدثته إسرائيل كبديل طبيعي لهذا الغياب لدور السلطة والفصائل، وهو أمر مقلق لإسرائيل، خاصة في حال انتشار ظاهرة العرين وتعميمها، ما يعني أن إسرائيل ستكون بمأزق كبير جداً”.

ووفق عطا الله، فإنه من المبكر القول: إن إسرائيل فشلت أمام الحد من ظاهرة “عرين الأسود” والأيام المقبلة ستوضح ما يجري ونحن بمنتصف المعركة، لكن “عرين الأسود” لا تزال تشكل مأزقًا لإسرائيل، التي اعتقدت لحين من الزمن أنها باتت تسيطر على الأوضاع.

يقول عطا الله: “إن (عرين الأسود) جاءت لتفشل كل مخططات إسرائيل التي وضعتها طيلة السنوات الماضية، وفوجئت بظاهرة العرين ومتانتها وقوتها، والرسائل التي ترسلها وحجم العمليات المكثفة، وعدم قدرتها على إيجاد حلول للتعامل معها، لذلك تحاول إسرائيل التصعيد بأشكال الهجوم على هذه الظاهرة”.

تصعيد محتمل

يتوقع الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين أن تستمر إسرائيل بهذا النمط من عمليات الاغتيال، أو اللجوء لاستخدام الطائرات المسيرة، لتجنب تبعات أية اجتياحات وإرضاء الجمهور الإسرائيلي بشكل واسع، في مقابل رد فلسطيني من المقاومين، على ذلك التصعيد الإسرائيلي، والذي قد يرتفع حتى بعد الانتخابات.

لكن الخبير بالشأن الإسرائيلي محمد “أبو علان” يؤكد أن تحقيق الاحتلال لرسائله من خلال اغتيال الكيلاني، يعتمد على الميدان، والتجربة أثبتت أن هذه العمليات لا تشكل ردعًا للمقاومة، حيث أن عملية اغتيال مؤسس كتائب شهداء الأقصى الشهيد رائد الكرمي مطلع الانتفاضة الثانية لم توقف المقاومة بل تصاعدت وانتشرت ووصلت إلى المناطق المحتلة عام 1948، وهو ما يعني أن اغتيال القائد بـ”عرين الأسود” تامر الكيلاني يشكل حافزاً للمقاومين لتنفيذ مزيد من العمليات.

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن الوضع الحالي في ذروة التصعيد، خاصة أن إسرائيل تتحدث عن 25 قتيلاً لديها منذ مطلع العام الجاري حتى الآن، وهو عدد كبير بالنسبة لإسرائيل، مقارنة بالسنوات الماضية.

ويشير عطا الله إلى أن ما تشهده الضفة الغربية ليس بالضرورة أن يكون انتفاضة شعبية، ونحن أمام ظاهرة مختلفة جاءت ارتباطاً بطبيعة الظرف المختلف عن الظروف السابقة.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة