خبي قرشك الأبيض “للجمعة السوداء”

هيئة التحرير

البلاك فرايدي” الجمعة السوداء أو كما يطلق عليها الجمعة البيضاء في الوطن العربي، الاسم الأكثر تداول حالياً في السوق العالمي والفلسطيني، خاصة في ظل الواقع المعيشي الصعب وسط ظروف اقتصادية صعبة، فالبعض ينتظر على أحر من الجمر العروض التخفيضية التي تطال كافة المجالات على مختلف المنتجات والسلع مهما كانت تصنف، فتكثر الاعلانات في الشوارع وعلى مواقع التواصل الاجتماعي وعبر الاذاعات وغيرها. 

الجمعة السوداء

الجمعة السوداء حدث سنوي يحصل في نهاية نوفمبر من كل عام، وهو الجمعة الأخيرة في شهر نوفمبر، ظهر هذا المصطلح في عام 1869 على اثر أزمة كبرى في الاقتصاد الأمريكي حيث تم اقتراح اجراء تخفيضات كبرى لضخ السيولة في الاقتصاد والتعافي من الأزمة .

وعن سبب التسمية يوضح مؤسس شركة مارت  يوسف دحدول في حديث ل”بالغراف” أنه جاء بسبب الكثافة الكبيرة التي حصلت في الأسواق في تلك الفترة التي كان فيها ما يسمى “عيد الشكر” مما أدى إلى انتشار الشرطة بشكل كبير جداً فاطلقت الشرطة تسمية ” بلاك فرايدي ” كدلالة على التعب الشديد الذي أصابهم خلال تنظيم فعاليات هذا اليوم.

 اكتشف التجار بعد هذه الحادثة أنها كانت ذو اثر رائع على أداء أعمالهم وأصبحت عادة سنوية بتنزيلات هائلة تساعد التجار على بدء سنة مالية مريحة وتعطي المستهلك فوائد عظيمة اذ يحصلون على السلع بأسعار مخفضة جداً.

التسوق الإلكتروني

ويبين دحدول أنه في عام 2015 تم إطلاق شركة مارت كأول شركة مسجلة متخصصه في التسوق الإلكتروني ، وبدأت بعمل أول “بلاك فرايدي” عام 2017 حيث أن هذا اليوم لاقى صدى مختلف عن باقي الحملات، ولكن لم يكن هناك الوعي الكافي من قبل الزبائن لمعنى الخصومات في تلك الفترة ، وفي عام 2018 ومع انتشار مشاهد “بلاك فرايدي” في أنحاء العالم أصبح هناك ملاحظة للمستهلك الفلسطيني لفائدة هذا اليوم ، حيث قامت مارت بترتيب حملة وصلت خصوماتها إلى 90% مع الشركات والتجار العاملين معها ، فكان هذا اليوم فارق كبير في ثقافة “البلاك فرايدي” في المجتمع الفلسطيني حيث كان الشراء موزع على كافه المدن الفلسطينية وحدث ارتفاع في حصه التسوق الإلكتروني في فلسطين مما لاحظوه على نمو الشركة بعد ذلك بأكثر من 60% في العام اللاحق.

وبحسب دحدول فإنه في عام 2019 بدأت الشركات تعي أكثر أهمية هذا اليوم وخصوصاً الماركات العالمية مما أدى إلى ثورة كبيرة على المنتجات نهاية عام 2019، ” ولاحظنا تغير في طبيعة الاستهلاك الفلسطيني حيث أن العديد من الزبائن أصبح يشتري أغلب احتياجاته من موقع Mart.ps في “البلاك فرايدي” وأصبح الكثير من الزبائن يعد ميزانياتهم لهذا اليوم لما فيه توفير كبير عليهم‏”.

ومع دخول جائحة كورونا تأثرت الشركات كثيراً عام 2020 مما أدى الى تراكم مخزون كبير لديها، ويقول دحدول:” كان التسوق الإلكتروني يحقق نمو منقطع النظير فتوجه التجار بشكل كبير إلى خصومات كبيرة جداً على المخزون مما أدى إلى ثورة أخرى أدت إلى تعزيز المفهوم ، هذا وقد أحدث نمو في شركة Mart.ps تجاوز ال 73% ذلك العام ورأينا تغير كبير على ثقافة المستهلك الفلسطيني حيث أن الوعي الكبير لحقيقة العروض والحصول على المنتجات من الماركات العالمية بأفضل سعر على الإطلاق كان عامل كبير لانتشار ثقافة ” BLACK FRIDAY”” وثقافة الماركات العالمية مثل “ADIDAS ” و “REEBOK ” وماركات أخرى ، بالإضافة إلى نمو كبير في الأقسام الخاصة بالمطبخ والمنزل خلال الجائحة.

 مثل هذه العروض كانت مؤشر مؤثر على الوضع الاقتصادي حيث أنها أدخلت السوق في معدل مرتفع من التبادل التجاري وانتشار السيولة مما أدى إلى انتعاش اقتصادي فترة الركود السنوية.

تشجيع الزبائن

تقوم الشركات التجارية بعرضها الخاص بها في هذا اليوم، الذي يعتبر موسم تجاري ضخم للعديد من السلع والمنتجات، وحول هذا يقول عضو الاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين الدكتور ثابت أبو الروس في حديث ل”بالغراف” :” أن هذا اليوم لتشجيع الزبائن على الشراء في نهاية السنة المالية، فالشركات تقوم بعمليات الجرد والتخلص من المخزون عن طريق عمل التنزيلات، فالدول الغربية تشهد تنزيلات واقعية وفعلية وحقيقية بأقل من التكلفة، وحديثاً في فلسطين بدأت تنهج هذا النهج، وبعد متابعات للعديد من الشركات  فبعضها يقوم بتخفيض الأسعار إما أن تصل إلى التكلفة أو زيادة عن التكلفة بقليل أو أقل من التكلفة، وتسعى أيضاً لهدفين مهمين أولاً تنشيط التجارة البيعية لمحالها التجارية، ثانياً التخلص من المخزون في نهاية السنة لتقوم بعملية الجرد، والحصول على النقدية غير المتوفرة حالياً في السوق، فهذه العروض عروض حقيقية يمكن الاستفادة منها لصالح المستهلك”.

وعن سلوك المستهلك اذا كان بحاجة للمنتج أم مجرد اغراء واستغلال لسعره المنخفض، فيرى أبو الروس أن المستهلك يتجه نحو القرار العاطفي، أغلب السلع التي يتم شراؤها هو ليس بحاجة إليها في هذا الوقت وتحديداً في الملابس والأحذية في هذه الأمور نظراً لأنه يلحق عاطفته،  ويتأثر بقرار ورأي زملاؤه، كأن يسمع شخص عن تنزيلات من خلال صديقه ويذهب بالتوجه فوراً إليه دون النظر للسلعة وهذا مسألة خطيرة جداً، لأن السلع هذه بذاتها في علم التسويق تسمى السلع العاطفية وليس سلع عقلانية كالطحين والأرز وغيره، ويلجأ البائعون بالتوجه نحو السلع العاطفية  بهدف التخلص منها وفي أغلب الأوقات يكون المستهلك ليس بحاجة لهذه السلع في الوقت الحالي، وإنما قام بشرائها لكي يقبل على الشراء فيما يسمى “بلاك فرايدي”.

في نهاية العام يكون هناك ضعف في الأسواق، فيهدف هذا النوع من التنزيلات إلى تنشيط الحركة التجارية في الأسواق، من خلال عمل العروض القوية، فلا يرى أبو الروس أن له أضرار سلبية على الوضع الاقتصادي في فلسطين سواء للمنتج أو المستهلك لأنه يقوم بالتخلص من مخزونه للحصول على مخزون جديد، فعلى المستهلك أن يختار قرار عقلاني وليس عاطفي بغض النظر عن الاغراء في التخفيضات، فالكثير من العائلات تنتظر هذا اليوم وتقوم بالتخطيط للشراء من أجل المرحلة المستقبلية والمواسم القادمة في هذا اليوم مستغلة التنزيلات والأسعار التي قد تناسب دخل البعض منهم.

فرصة مميزة

ومن جهته يرى الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور عاطف علاونة في حديث ل”بالغراف” أن مثل هذه المناسبات الاقتصادية التي تضمن إجراء تخفيضات على أسعار السلع الموجودة في السوق من أجل استقطاب الكثير من المستهلكين والزبائن يعود بآثار كبيرة وكثيرة على الجانبين، على جانب المنتج والبائع نفسه، وآثار على المستهلك نفسه حيث سيحصل على بضائع ومنتوجات بأسعار أقل مما كانت عليه قبل التخفيضات وهذا ينطبق على كل التخفيضات في السنوات السابقة،  وهذا يعني أن المستهلك يستطيع الآن يرفع من مستوى معيشته باستغلاله هذه التخفيضات السنوية والحصول على سلع أكثر مما كان يحصل عليه سابقاً وبالتالي مستوى معيشته يزيد وتكلفة سلة الأسرى تقل نتيجة وجود مثل هذه التخفيضات.

ويعتبر علاونة أن المشكلة التي قد تواجه المستهلك في تلك الحالة عدم انتباهه لتاريخ الانتاج أو لجودة المنتج سواء بالطعام أو الملابس أو الأحذية أو المستحضرات التجميلية، فلا يتم الانتباه لنوعية البضائع، فكثير من التجار يتخلصون من البضائع منتهية الصلاحية أو القريبة على الانتهاء من خلال هذه العروض، فمواصفات السلع والمنتوجات في هذه الحالة تختلف عن الأصلي، وبالتالي ننبه المستهلكين أن يتوخوا الحذر في مثل هذه الحالات وأن لا ينغروا بالتخفيضات، ويدققوا بالبضائع التي يشترونها ولا يتكلوا على نوع الماركة أو اسم المنتج فقط، فهذه فرصة للبائع لتسويق البضائع المتراكمة لديه خلال الفترات الزمنية القادمة، لأنه يكون متوقع لبيع ألف قطعة ولكنه لم يتمكن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة بسبب انخفاض الطلب وانخفاض الدخل وخاصة بعد جائحة الكورونا والتي أثرت على البلاد كثيراً، فبالتالي يلجأ لما يسمى “بلاك فرايدي” ليتخلص من السلع المتراكمة ويبيع أكبر عدد ممكن من المنتج الفائض، فبالتالي يحصل على ربحه المطلوب ويستبدل البضائع بشيء نقدي مما يؤكد على استمراريته في العمل، وخاصة من يعمل في البضائع الموسمية، حتى الأغذية والخضار والفاكهة أصبحت موسمية، فيساعد المنتج والبائع على رسم خطته ويساعده على تفريغ مستودعاته فهنا يكون ايجابي للبائع والمستهلك.

ويرى علاونة أن هذه العروض على الرغم من الوضع المعيشي إلا أنها مفيدة للجهتين البائع والمستهلك، من خلال الحصول على سلع لم يستطع الحصول عليها من قبل بسبب ارتفاع أسعارها، ولكن على المستهلكين التأكد من نوعية السلع وتاريخ انتاجها وجودتها وأن لا يجروا وراء التخفيضات دون النظر لحاجاتهم، فعملية البيع والشراء في الانترنت والمواقع الالكترونية لا تكون دقيقة ولا الأسعار صحيحة، فالتسويق يحصل فيه غش وعليه على المستهلك الانتباه. 

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة
الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعة