هيئة التحرير
كما ينبتُ العشبُ بين كفر عين وبيت ريما ولدا شقيقين معاً، جوادٌ وظافر، عين تنامُ لتصحو عين، شقيقان نحنُ، فسر بقربي كفاً بكف، معاً نصنعُ المجدَ والأغنيات، لماذا نسائلُ هذا الطريق لأي مصير يسيرُ بنا، ومن أين لملم أقدامنا، فحسبي وحسبك أنا نسيرُ معاً إلى الأبد، شقيقان إلى أن ينام القمر.
وميضُ نارٍ وصوت رصاص، ومنادٍ ينادي على الإسعاف، صرخةٌ اخترقت سكون الفجر، شقيق هبّ لمساعدة شقيقه، أحدهما هبّ لنجدة الآخر وسط إطلاق نار كثيف، وكأنه كان يخطُ في عتمةِ الليل قصيدةً، من وسط الروح تَطلع، ذات الكلمات في الخاتمة والمَطلع: يا شقيقي إن كنتَ سترحل فلن ترحل وحدَك.
في المشفى ينوحٌ أب مجروح على طفلين، وأم تحاول مواساته فتصيحُ معه، جمعٌ يداري الدموعَ فتصيرُ سيوفاً تجرح، وآخرين لم يكتموا الصرخات فخرجت تكبيراتٌ تصدَح، على طاولةٍ كبيرةٍ باردةٍ جثمانين مسجيين ملفوفين بأعلام وكوفية، وفي القلب غصة، وفي الروح جمرات.
من مجمعٍ طبي إلى جامعة، حيث بيرزيت، التي ما لبثت تودع شهيداً خلف آخر، هذه المرة شهيدين، شقيقين، الأول تخرج حديثاً والثاني سار على دربه، فلحقه إلى ذات الجامعة وإن اختلف التخصص، أمام صرح الشهداء في قلب الجامعة، العهد هو العهد والقسم هو القسم.
الاحتلال والجريمة
أجمع شهودُ العيان أن الشهيدين الريماوي ارتقيا خلال تصديهما لقوات الاحتلال خلال اقتحامها لبلدة كفر عين شمال مدينة رام الله المحتلة، أحدهما أصيب بالرصاص، فهبّ الآخر لنجدته فأمطرتهما قوات الاحتلال بالرصاص مجدداً، فارتقيا شهيدين على الفور.
وقال محمود الرفاعي رئيس مجلس كفر عين في حديث لبالغراف إن لدى قوات الاحتلال عادة اقتحام البلدة رفقة البلدات المجاورة في بني زيد الغربية، فشهدت هذه البلدة اقتحام لبيت ريما الملاصقة لكفر عين، ثم تم اقتحام البلدة.
وأكد أنه عقب الاقتحام اندلعت مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، فكان الشابين جواد وظافر الريماوي من بلدة بيت ريما مع الشبان في هذه المواجهات، فأصيب أحد الشقيقين برصاص الاحتلال ليحاول شقيقه إنقاذه ولكنه لم يتمكن فأطلق الاحتلال النار عليه أيضاً قبل أن يستشهدا، مضيفاً أن الاحتلال أصابهم إصابة مباشرة وخطيرة
وأضاف الرفاعي أن الشهيدين من عائلة مناضلة فعمهما الأسير ظافر الريماوي والمحكوم بالسجن ل32 عامًا، مشيراً إلى أنهم من عائلة متعلمة فوالدتهما معلمة في إحدى مدارس البلدة ووالدهما يعمل في وزارة الشباب والرياضة
وأشار إلى الشاب جواد خريج جامعة بيرزيت والشقيق الآخر ظافر ويدرس الهندسة في عامه الثالث، مؤكداً أن الشابين رائعين ومحبوبين ويشيد بهم كل من يعرفهم.
وقال كايد الريماوي رئيس مجلس قروي بيت ريما أنه في فجر اليوم اقتحمت قوات خاصة وقوات الاحتلال بلدة كفر عين فتصدى لهم الشبان فأصيب أحد الشقيقين بجراح خطيرة ومن ثم أصيب شقيقه أيضاً بجراح خطيرة، فاستشهد الأول على الفور ونقل إلى المستشفى ومن ثم تم نقل الآخر إلى المستشفى في محاولة لإنقاذه قبل أن يستشهد
وأكد أن الشابين كانوا من الشبان الوطنيين بنشاطهم في جامعة بيرزيت وتصديهم لقوات الاحتلال عند اقتحامها البلدة، إضافة إلى أخلاقهم الكبيرة وهم من أحسن شبان البلدة، وهم من عائلة مناضلة فعمهم ظافر الريماوي معتقل ومحكوم بالسجن ل 32 عامًا..
جواد عبد الرحمن الريماوي (٢٢ عاما) وظافر عبد الرحمن الريماي (٢١ عاما)، من بلدة بيت ريما شمال رام الله، الأول تخرج من جامعة بيرزيت تخصص علوم مالية ومصرفية والثاني طالب يدرس الهندسة والتكنولوجيا، أعلنت الجامعة الحداد، ونكست الأعلام.
إدانة واسعة
وأكدت جامعة بيرزيت أن اعتداءات الاحتلال لن تثني شعبنا عن ممارسة حقه في المقاومة، ولن تثنيها عن القيام بدورها الأكاديمي والتنويري الذي عمّدته بدماء أبنائها الطلبة. وتدعو الجامعة، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، إلى إدانة هذا العدوان، ولجم عبثية إسرائيل واستهتارها بالحقوق الأساسية لأبناء شعبنا وانتهاكها لحرمة جامعاته.
رئيس الوزراء محمد اشتية، قال إن اغتيال الشقيقين جواد وظافر ريماوي، من بيت ريما، والشاب مفيد إخليل من بيت أمر، جريمة بشعة، كما كل جرائم الاحتلال، وتصعيد يحمل نذر مخاطر كبيرة، تعكس فكر، وسلوك الجناة، وما يتوعدون به أبناء شعبنا من جرائم، دون أدنى التفاتة للقوانين والشرائع الدولية.
لناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة قال لصوت فلسطين، إن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم ويجب ان تحاسب عليها، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية واليمينية القادمة أعلنتا الحرب اليومية على الشعب الفلسطيني.
أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ، إن جريمة نكراء ترتكبها قوات الاحتلال باغتيال الشقيقين جواد الريماوي وظافر الريماوي في كفر عين شمال غرب رام الله، واصفاً جريمة الإعدام بدم بارد بحق الشقيقين الريماوي بسلوك فاشي لقوات الاحتلال، واستباحة للدم الفلسطيني بتعليمات سياسية.