loading

ريح حكومة اليمين هبّت على فلسطين

هيئة التحرير

مع عودة بنيامين نتنياهو إلى دفة الحكم عقب نتائج الانتخابات “الاسرائيلية ” الأخيرة وبدء تشكيل الحكومة، بدأت نتائج الانتخابات تنعكس على الأرض قبل التشكيل الرسمي، وبات الناس يشعرون بهذا التغيير في الحكومة على أرض الواقع، اعتداءات متكررة، واعدام بدم بارد، خطط جديدة لشرعنة البؤر الاستيطانية، وغيرها من الانعكاسات التي بدأت تظهر وكلها مؤشرات خطيرة تدل على مرحلة صعبة قادمة مع الحكومة الجديدة.

وبعد إعدام شاب فلسطيني بدم بارد قبل أيام في حوارة، قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي المكلف، “إيتمار بن جفير” للجندي الذي أعدم الشاب في حوارة: “أحسنت، عمل دقيق.. لقد شرفتنا جميعًا، وفعلت ما تم تكليفك به”، بينما قال غانتس: “دعمي الكامل للضابط الذي حيد الفلسطيني في حوارة”

وحول تشكل حكومة أحزاب اليمين، يقول المختص في الشأن الاسرائيلي خلدون البرغوثي في حديث ل”بالغراف” :” ما تتشكل هي حكومة أحزاب يمين ويمين صهيونية ديني استيطاني – وحريديم.. بنيامين نتنياهو في أزمة قضائية ويخشى أن يؤدي استمرار محاكمته إلى إدانته وبالتالي حرمانه من البقاء في الحكم، لذلك هو بحاجة لشركاء يسهلون عملية سن قوانين مثل قانون تجاوز المحكمة العليا، وقانون عدم محاكمة المسؤولين في قضايا الاحتيال وخيانة الأمانة، والقوانين التي تتعلق بتعيين القضاة، وغيرها من قوانين ستحيد دور القضاء كرقيب على أداء السلطتين التنفيذية أي الحكومة والتشريعية اي الكنيست”.

ويتابع البرغوثي في ظل حاجة نتنياهو لهؤلاء الشركاء تمكنت أحزاب الصهيونية الدينية من فرض جزء كبير من شروطها ومطالبها للانضمام للحكومة مثل الحصول على وزارات مهمة كالمالية “لبتسلئيل سموتريتش” والأمن القومي “لايتمار بن جفير” مع حصولهما على صلاحيات أخرى من صلاحيات وزارة الجيش وصلاحيات الشرطة وصلاحيات الإدارة المدنية لترسيخ الاستيطان وتعزيز مصادرة الأراضي الفلسطينية وهدم المنازل الفلسطينية، وشرعنة البؤر الاستيطانية، وكذلك توفير الغطاء للجرائم التي يرتكبها المستوطنون من جهة وقوات الاحتلال من جهة أخرى عبر تخفيف القيود على تعليمات إطلاق النار على الفلسطينيين حتى لو كانوا يلقون الحجارة فقط.

ويرى البرغوثي أن كل هذا مع معرفتنا بالخلفية الأيديولوجية لقادة الصهيونية الدينية القادمة من حركة ” كاخ “وفتية التلال، ورفض هؤلاء للخضوع لأي ضغوط سياسية حتى من نتنياهو نفسه، أو أية ضغوط دولية خاصة من الولايات المتحدة، فالتوقعات حتى من قبل المحليين الإسرائيليين ومن قبل الفلسطينيين فإن الفترة المقبلة قد تكون خطيرة ودموية.

ويعتبر البرغوثي أن سلوك جنود الاحتلال الدموي في الأيام الأخيرة، عشرة شهداء خلال أيام في كثير من الحالات كانت بمثابة إعدام ميداني، كما شاهدنا في حوارة مثلا، مع اعتداء جنود الاحتلال حتى على اليهود المناصرين للحقوق الفلسطينية كما شاهدنا في الخليل في الهجوم على ناشطي حركة “كسر الصمت”، وتهديدهم ومنعهم لاحقا من دخول الخليل، وكذلك تهديدات قوات الاحتلال للمواطنين في الخليل بأن ايتمار بن جفير “قادم لترتيب الوضع” وأن الفلسطينيين سيواجهون أياما صعبة.

على الرغم من وجود كل هذه السلوكيات والتصرفات سابقاً لكنه بدأ يبرز بشكل أوضح في اعتداءات المستوطنين وتهديدات الجنود الصريحة متأثرين بنتائج الانتخابات وصعود الصهيونية الدينية وتولي قادتها وزارات ذات تأثير مباشر على الوضع، يشير إلى أن الوضع باتجاه التصعيد الذي قد يكون داميا.

ومن جهته يرى مدير مركز المسار للدراسات نهاد أبو غوش أن نتائج الانتخابات الاسرائيلية تعكس تحولات عميقة في المجتمع الاسرائيلي ومواقف الكتل الاجتماعية والتيارات السياسية فيه، فالمجتمع الاسرائيلي ينزاح يوماً بعد يوم نحو اليمين والتطرف وهذا ينعكس على مواقف مختلف القوى فيه تجاه القضية الفلسطينية، لم تعد توجد قوى جدية تؤمن بحل الدولتين أو تعمل من أجل هذا الحل فضلاً عن تضمينه في برامجها الانتخابية.

ويعتبر أبو غوش في حديث ل”بالغراف” أن السلام والحل السياسي لم يعد موضوعاً للصراع بين القوى السياسية التي ركزت في دعايتها على القضايا الداخلية والحقوق المدنية ونزاهة الحكم، أقصى ما تقدمه هذه القوى هو الاكتفاء بالتعبير عن الدعم اللفظي لحل الدولتين والمطالبة بالانفصال عن الفلسطينيين بحجة عدم تعريض الهوية اليهودية للدولة للخطر، ثم الانسياق مع مخطط تصفية القضية الفلسطينية على قاعدة تبني الخطوط العريضة لصفقة القرن كما وضعها نتنياهو في  عهد حكومته السابقة واتفق حولها مع الرئيس ترامب.

ويبين أبو غوش أن أبرز ما أفرزته هذه النتائج هو تعزيز حجم ومكانة ونفوذ الفاشية الصهيونية الجديدة ممثلة بحزب الصهيونية الدينية، الذي ارتفعت قوته من 6 مقاعد إلى 14، وانتقل من هامش الخريطة السياسية الى مركزها مقابل اضمحلال واندثار اليسار الصهيوني التقليدي، هذه النتائج عززت ثقة هذه الأوساط المتطرفة بمشروعها السياسي “القائم على حسم القضية الفلسطينية بالقوة والحديد والنار ودون أي مفاوضات، وحتى التراجع عن اجراءات سابقة مثل قرار فك الارتباط واخلاء مستوطنات جنين ” ودفعها إلى رفع سعر مشاركتها في حكومة نتنياهو عبر المطالبة بحقائب ثقيلة ومقررة “الجيش والأمن الداخلي والمالية” وحتى لو لم تنل هذه الحقائب كما طلبت ، قدم لها نتنياهو بعض التسهيلات مثل تحويل وزارة الامن الداخلي ” بما هي وزارة تقنية تشرف اشرافا فنيا ولوجستيا على أذرع الشرطة” إلى وزارة أمن قومي سيكون الاستيطان في قلب اهتماماتها، وكذلك منحها حقيبة الجليل والنقب، وصلاحية الإشراف على الإدارة المدنية ووظيفة المنسق العام لجيش الاحتلال، ومهام وزارة الدفاع التي تشرف على الاستيطان.

ويتابع :” ارتفاع عمليات القتل والإعدام الميداني مؤخراً تؤكد أن هذه سياسة دولة الاحتلال بكل مكوناتها من حكومة وجيش ومستوطنين ودوائر حكومية وحتى السلطة القضائية، كلهم شركاء وأطراف في تنفيذ واقتراف مسلسل الجرائم الدموية التي ليست خيارا لهذا الحزب أو ذاك، أو لحكومة بعينها، بل هو خيار الاجماع الصهيوني الساعي لفرض الحل القائم على ضم المناطق المصنفة ج وتهويد القدس وتقويض أي فرصة أو  امكانية حل الدولتين، وحشر الفلسطينيين في أماكن سكنهم من دون أية حقوق سياسية أو سيادية”.

ويوضح أبو غوش أن علينا أن نتوقع مزيداً من التصعيد والأوقات الصعبة مع تنصيب حكومة نتنياهو، ولكن وجود هذا الفريق المتطرف في الحكم يوفر فرصة تاريخية للفلسطينيين لتشديد الحملة على دولة الاحتلال من أجل عزلها ومعاقبتها وفرض العقوبات عليها لكن ذلك مرهون بإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة واعتماد برنامج عمل فلسطيني موحد يحقق التكامل بين العمل السياسي ومختلف أشكال النضال على الأرض، هذا البرنامج يمكنه أن يستقطب الدعم العربي والدولي ويقلص من الاختلال في موازين القوى، دون ذلك لن يتدخل العالم لنجدتنا ولا لدعمنا واقصى ما سيقدمه العالم هو المزيد من الكلام المعسول بمعزل عن الفعل والخطوات العملية .

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة