loading

أحمد دراغمة: هدف في مباراة لا تنتهي

أحرار جبريني

في الثلاثين من شهر أيلول الماضي، أحرز الهداف الشهيد أحمد عاطف دراغمة هدفا في شباك مخيم بلاطة، بعدها بثلاثة أشهر وأقل استشهد مدافعاً عن مدينة نابلس في شارعٍ يبعد أمتار قليلة عن ذات المخيم، كان هدافا في مرحلة ذهاب دوري المحترفين في فلسطين، لكنه اختار أن يحرز ذهبياً في مباراة لا تنتهي.

منذ مطلع العام 2000 ولغاية كانون الأول 2022، طالت جرائم الاحتلال الاسرائيلي أكثر من 700 رياضيًا بينهم 66 طفلًا، من 17 لعبة رياضية، ولعل أبرز الرياضات المستهدفة كانت من نصيب كرة القدم والطائرة واليد والسلة ورفع الاثقال وألعاب القوى والسباحة، بالإضافة الى كرة الطاولة والمصارعة والكراتيه والتنس الارضي والتايكوندو والكونغ فو والملاكمة.

المعروف أن العلم يُرفع والسلام الوطني يُعزف لرئيس الدولة وللرياضيين الابطال، وقد أقدم الاحتلال على اغتيال هؤلاء حتى لا يرتفع علمنا، وإذا فتحنا ملف شهداء الحركة الرياضية الفلسطينية لن ننتهي فلكل شهيد رياضي قصة مع هدف وأمنية، ووجع عائلة وأصدقاء وحزن شعب بأكمله.

ومن النهاية، ستكون البداية بالشهيد الهداف أحمد عاطف دراغمة الذي بحركاته أصبح الهدف لقناصة الاحتلال، فارتقى شهيداً فجر الخميس، إثر مواجهات مع جنود الاحتلال عقب اقتحامهم للمنطقة الشرقية بمدينة نابلس لتأمين اقتحام المستوطنين لقبر يوسف بحجة أداء طقوسهم التلمودية.

بكلمات ممزوجة بالحسرة والألم قال محمود دراغمة، المدير الفني لفريق ثقافي طولكم: “إن خبر استشهاد أحمد نزل علينا مثل الصاعقة، فكنت بين المكذب والمصدق لما سمعته حيث تلقيت نبأ استشهاده في تمام الساعة الواحدة صباحًا”.

وأكد على أن أحمد ليس كمثله أحد بأخلاقه وأدبه داخل وخارج الملعب بالإضافة إلى موهبته ومثابرته وانضباطه التكتيكي والتزامه بالتعليمات، كما أنه يعتبر من أفضل اللاعبين الصاعدين، مستذكراً مباراتهم مع مركز بلاطة حين أشرك أحمد عند الدقيقة 90 وحسم النتيجة بهدف الفوز، مشيرًا إلى أن الشهيد كان دائما يفاجئه بإصراره ومستواه المتطور.

“تلقينا خبر استشهاد اللاعب أحمد دراغمة بصدمة كبيرة”، بهذه الكلمات استهل الصحفي والمحلل رياضي والإداري السابق في نادي ثقافي طولكرم محمد العراقي، واصفاً الشهيد بالمهاجم المقاتل القوي والسريع الذي يلعب بحماس واندفاع داخل المستديرة، موضحاً بأن اللاعب أحمد هو بالأصل ابن نادي طوباس وانتقل هذا الموسم 2022-2023 إلى نادي ثقافي طولكرم من أجل خوض تجربة جديدة في عالم الاحتراف، وخلال مرحلة الذهاب اندمج أحمد بشكل سريع مع زملائه وشارك في ست مباريات من أصل إحدى عشرة مباراة خاضها فريقه هذا الموسم مسجلاً ستة أهداف، حيث غاب عن خمس مباريات بداعي الاصابة مما أثر تهديفياً على الفريق بسبب قدرته على انهاء الهجمات في شباك المنافسين.

وأوضح العراقي بأن اللاعب كان سيقدم موسماً استثنائياً نحو فضاء أوسع في عالم المستديرة، مؤكداً على أن نادي ثقافي طولكرم سيفتقد لخدمات اللاعب الشهيد خاصة أن هذه الفترة أشرفت الإدارة على إعداده و تأهيله من الإصابة ليقود خط الهجوم في مرحلة الإياب، متابعاً بان الاعتماد عليه كان بنسبة كبيرة، مضيفاُ بأن اللاعب كان يطمح بالانضمام للمنتخب الوطني، ولكن قضاء الله وقدره اختاره شهيداً بالسماء ليسجل بالجنة بدلاً من شباك المنافسين بالدوري المحلي، حيث أنه سجل اجمل واثمن هدف في مسيرته في شباك الاحتلال الصهيوني.

ويضيف العراقي “تابعنا العالم يدافع عن قضايا هامشية وربما غير أخلاقية، إلا أنه لا ينظر الى قضية الشعب الفلسطيني بذات المنظور مع تلك القضايا، حيث شاهدنا في بطولة كأس العالم بعض المنتخبات اعترضت على تقويض الحريات في دولة قطر رغم انها تتنافى مع الثقافة العربية والأخلاقية، وأيضا شاهدنا سابقاً كيف قام الاتحاد الدولي لكرة القدم بمنع المنتخبات الروسية والاندية من المشاركة باي نشاط إقليمي ودولي بسبب حرب دولتها على أوكرانيا، بينما لما نتابع أو نشاهد الفيفا تحاسب وتفرض عقوبات على المنتخب الاسرائيلي وأنديته بسبب ما يقوم به بانتهاكات تمارس بحق الرياضيين والأندية الرياضية الفلسطينية من اقتحام للملاعب وإصابة و قتل اللاعبين بدم بارد دون أن نرى أي قرار من قبل المجتمع الدولي يسعى لمنع هذه الانتهاكات”.

وبخصوص ذلك أكد العراقي على أن لا أحد ينظر إلى قضيتنا ويدافع عنها، مطالباً المجلس الأعلى للشباب والرياضة والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم واللجنة الأولمبية، التواصل أكثر مع الجهات الدولية وتكثيف جهودهم من أجل فضح ممارسات وانتهاكات الاحتلال الاسرائيلي بحق الرياضة الفلسطينية.

من جانبه دعا المحلل الرياضي عبد الفتاح عرار بالرحمة للاعب الشهيد قائلا: “الف رحمة ونور على روحه الطاهرة وتبا للاحتلال الذي يستهدف البشر والشجر والحجر، لقد كان وقع خبر استشهاده كالصاعقة، فقد عرفته منذ بداية هذا الموسم اذ سطع نجمه بما يمتاز به من سرعة وقوة بدنية ولفت أنظار المحللين لأنه ينفذ الهجمة المرتدة كمحترف وتنبأت بأن يكون له شأن ولم أكن أعلم أن رصاص الغدر سينال من هذا الشاب اليافع الخلوق الملتزم صاحب الاداء الراقي والورقة الرابحة لمدربه وناديه، ليس غريباً أنه اصبح هدافاً لفريقه فالشمس لا تغطى بغربال وربما لولا هذا المحتل الغاشم لأصبح هدافا للدوري.

وتابع: “لا زلت أذكر هدفه في مرمى شباب السموع هذا الموسم عندما نفذ مرتدة قبل وسط الملعب ولم يتوقف إلا حين أودعها الشباك مهدياً فريقه هدف الفوز”.

بدوره، أشار مدرب منتخب الناشئين لؤي الصالحي إلى أن الشهيد لاعب صاعد مع نادي طوباس وكان عليه أنظار من قبل موسمين حين صعد طوباس إلى دوري المحترفين ولكن ضعف الإمكانيات المادية والبشرية أثرت على أنه يفرض نفسه بالشكل المطلوب إلا أن الموسم الحالي انتقل رفقه مدربه الحالي محمود دراغمة إلى ثقافي طولكرم لتكون أولى تجاربه الاحترافية، حيث برز بشكل كبير بحكم معرفة المدرب لإمكانياته.

وأضاف الصالحي على أن الشهيد كان لاعباً في مركز خط الهجوم ويتمتع ببنية جسدية قوية وسرعة عالية ومهارة جيدة ولكن ميزته على أطراف الملعب بحكم حبه للمساحات، مؤكداً على أن المدربين والمحللين توقعوا أن يتم اختياره لتمثيل المنتخبات الوطنية، ولكن قضاء الله وقدره اختاره.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة