أحمد أبو جنيد: طالب الإعلام المشتبك

حلا خلايلة

في سجل الحضور والغياب، كان أحمد كثير الغياب وقليل الحضور وحجة الغياب كانت سراً لا يعلمه الأساتذة، غيابه كان في سبيل الدفاع عن الوطن، لم يكن أحمد مجرد طالب بكلية الاعلام بجامعة القدس المفتوحة بنابلس، بل أيضاً كان حارس مخيم بلاطة، وعينه التي لا تنام، ولأجل ذلك طارده الاحتلال، وقتله برصاصة بالرأس ليخطفه من بين أفراد عائلته ومحبيه ومن مقعد دراسته، وينهي حلمه وعائلته بأن تشاهده برداء التخرج، فسجل أحمد غيابه الأبدي في كل سجلات الحضور، ليلتحق بسجل شهداء فلسطين، لكنه سيبقى الحاضر دوماً بقلب عائلته، وأزقة المخيم.

الطالب الشهيد

الشهيد أحمد أبو جنيد ٢١ عاماً طالب علاقات عامة في جامعة القدس المفتوحة، غيابه أمس لم يكن كأي غياب سابق له، فبدأ محاضريه باستحضار مواقفه وتذكره ووجدوا مبرر غياباته المتكررة بعد استشهاده.

المحاضرة في كلية الإعلام في جامعة القدس المفتوحة  بنابلس منار صبرة تقول في حديث ل”بالغراف” :” من المواقف التي لا أنساها لأحمد لقائي الأخير به قبل اسبوعين حينما سألته عن وضعه الصحي بعد إصابته بشهر تقريباً فقال لي إن وضعه مستقر وحين أشرت إلى وضعه الأمني أجابني بابتسامة “خليها على الله الطريق هذا مكملين في”، أذكر ابتسامته حينها ولم أستطع النظر في عينيه أكثر شعرت أنه يعرف طريقه حقاً”.

وتكمل صبرة:” أحمد لم يكن ملتزماً بالحضور خلال السنة الأخيرة بسبب إصاباته المتكررة ومطاردته من قوات الاحتلال ولكن بعد ٣ أعوام على تدريسي له أجزم أنه كان محبوباً من الجميع وأكثر ما يميزه ابتسامته الخجولة التي لا تغيب عن وجهه، كان يعتذر عن غيابه الدائم بكل أدب”.

الشهيد أحمد كان من الناشطين في الحركة الطلابية وهذا ما جعله مقرباً من الطلبة، في كل الوقفات الوطنية كان حاضراً وكان مؤثراً، ولا تنكر صبرة أن الفترة الأخيرة وظروف مطاردة الشهيد جعلته بعيداً عن الجامعة والطلبة ولكن كان يعجبها حرصه الدائم رغم مخاوف الاستشهاد على النجاح.

وبعد نبأ استشهاده كتبت صبرة عبر صفحتها على موقع الفيس بوك:” ما شفت أحمد بسلاحه وما بعرف عنه كثير كمقاوم بس ما بنسى ضحكته وابتسامته وهو داخل على المحاضرة بالمرات القليلة اللي كان يحضر فيها مع بقية الطلاب، بذكر كيف كان يتحايل ويحاول يبرر عدم حضوره أو تسليمه للواجبات “مشّيها مس” بابتسامة وخجل، حتى لو ما مشيتها يا أحمد خلصت القصة”.

وبدوره عند الحديث عن الشهيد أحمد وأثره كطالب قال المحاضر في جامعة القدس المفتوحة أيهم أبو غوش في حديث ل”بالغراف” :”لم أعرفه، ولم ألتق به، كان الطالب الوحيد الذي لم يقدم واجباً في مساق أحاضر به في القدس المفتوحة في نابلس، سألت عنه، أعرفه على الورق في كشف الطلبة، ولكنني لا أعرف خصائصه، تفاجأت بخبر استشهاده من زميلة لنا، قالت لي: كنت تسأل عن أحمد أبو جنيد، قلت لها نعم، فأخبرتني بأنه استشهد في اشتباك مسلح، وقفت للحظات لا أعرف ما أرد، ثم بكيت، وتمنيت له الرحمة وأن يجعله في جنة الخلد، هكذا نحن نرى طلاباً اليوم على مقاعد الدراسة، ونتفاجأ بخبر استشهادهم، إنه قدر شعب يعيش تحت الاحتلال، يحمل القلم والكتاب نهاراً، ويضطر إلى الدفاع عن نفسه ليلا”.

ومن جهته يؤكد الصحفي والمحاضر في الجامعة ذاتها بكر عبد الحق أن الشهيد كان قليل الحضور، السبب المتعارف عليه كثرة إصابته ولكن لم يكن أحد يعلم أن هذا السبب الأساسي.

وعن أحمد الطالب يقول عبد الحق في حديث ل”بالغراف” :” أحمد كان طالب صامت، ولسوء الحظ أني صادفته في مساق واحد فقط وكان قليل الحضور ولم نكن نعلم أنه كان يمر بفترة مطاردة أو عليه ملاحقة أمنية من قبل الاحتلال، بالأمس فقط عرفنا سبب غياب هذا الشاب الذي ابتسامته لا تفارق وجهه، خفيف الظل وصاحب الأجواء الخاصة في المحاضرة رغم حضوره النادر”.

ويتذكر عبد الحق أن الشهيد كان قد حضر مساق تصوير مع زملائه والتقط أكثر من صورة جميلة في الجولات التي كان يعملها مع الطلاب، وتفاجئ عبد الحق أن الشهيد لم يكن مسجلاً للمساق وإنما كان يحضره فقط مع زملائه بدافع الشغف وحب التصوير.

عرفه زملاؤه بالشاب الخدوم، وجابر الخواطر، وملبي احتياجات كل من يطلبه، كان شاباً وطنياً، وعن ذلك يبين عبد الحق أنه بحكم قرب الشهيد أحمد من الحالة الوطنية وانخراطه بها عكس ذلك على أدائه الأكاديمي واختياره للموضوعات الخاصة بالمشاريع، الشهيد كان يفصله أقل من عام ويتخرج ولم يحصل على شهادة البكالوريوس في الصحافة ولكنها اختار شهادة كبرى، ويؤكد عبد الحق أن لو الشهيد أكمل تعليمه لأصبح زميلاً جيداً في الميدان لأنه شجاع وآثر على نفسه ليحمي رفاقه من الاحتلال.

ويقول عبد الحق:” على الرغم من أننا ودعنا أحمد بيوم مليء بالحزن والوجع، إلا أنه في الوقت نفسه أحمد مصدر فخر لزملائه في الدراسة وللهيئة التدريسية التي تعاملت مع أحمد في السنوات الثلاثة الماضية، وبكل فخر سأتحدث أنني كنت أستاذ لطالب شهيد مقدام يتمتع بشجاعة كبيرة”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة
الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعة