حنين قواريق
تُسمع همسات أحاديث المسنين في المقهى الذي اعتادوا على الجلوس فيه منذ نعومة أظافرهم…يوضع الفحم على الأرجيلة، ويجلس الأصدقاء على الكراسي الخشبية العتيقة، مستظلين بأغصان الشجر التي تخبرك بعمر المكان.
يتوسط مقهى الشيخ قاسم البلدة القديمة في نابلس، ويعد من أقدم أماكنها وشاهد على حضارتها، إذ يعود تأسيسه إلى حوالي مئتي عام، يمتلكه الآن الأخوان رائق ومحمد كلبونة بعد أن كانت قديماً للشيخ قاسم.
وفي حديث مع أحد رواد المقهى القدماء، قال كاظم الرمحي (٦٥عاماً) من مدينة نابلس ل”بالغراف” : “هذا المقهى قديم جداً، كنت آتي إلى هنا منذ الصغر مع والدي، إذ يعتبر المقهى محطة لاجتماعات أهل البلد، لأن نابلس كانت عبارة عن البلدة القديمة فقط، فمعظم السكان كانوا يسكنون بالبلدة القديمة”.
وتابع: “بعد الانتفاضات وتغير الأوضاع، وخصوصاً بتوسع مدينة نابلس، وازدياد عدد المقاهي، أصبح الإقبال على المقهى خفيفاً، لكن الزبائن القدامى مثلي، ما زلنا نحضر إلى المقهى باستمرار”.
وعن سبب تسمية المقهى بالشيخ قاسم أرجعه الرمحي قائلاً: “سمي المقهى بذلك لأنها كانت ملك للشيخ قاسم، ولم يحالفني الحظ برؤيته، فهو كان على زمن جدي وأبي، ثم قبل حوالي سبعين سنة تضمنت عائلة كلبونه المقهى، واستمروا بالعمل فيه ولم ينتقل الأبناء إلى مهنة أخرى، ولم يغيروا الاسم”.
لم يغير مالكي المقهى من أصالته وشكله بل احتفظوا به على حاله، ليتمكن الجيل الصغير من لمس التراث القديم من خلال الأماكن، وليشعر الزبائن بأنهم بمقاهي دمشق القديمة, وكان يستقبل الزبائن ليلاً نهاراً، على مدار ٢٤ ساعة.
وفي هذا السياق يقول الرمحي: “لم يرمموا المقهى لأن جمالها بالتراث القديم، ولو تجددت لتلاشى رونقها، بها نتذكر آباءنا وأجدادنا، وإذا تغيرت التصميمات اختفى التراث، فكلنا نعرف أن ما يثبتنا في أرضنا هو تراثنا وحضارتنا”.
وقد زار المقهى الكثير من الشخصيات الاعتبارية على مر الزمن، من سياسيين وشعراء، بالإضافة لكبار تجار مدينة نابلس، عدا عن تصوير فيلم فرنسي فيه.
ويقدم المقهى المشروبات الأساسية كمان كان سابقاً كالشاي, والقهوة، والزهورات، والعصائر، بالإضافة للأراجيل والتمباك بأسعارها الشعبية البسيطة، ولم يتيح خدمة الإنترنت في المقهى.