loading

الاحتلال تجاوز الخطوط الحمراء !!

هيئة التحرير

يوم عصيب شهدته مدينة القدس المحتلة الخميس بعد اقتحام مئات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك في ساعات الصباح والظهيرة تبعه اقتحام واسع لالاف المستوطنين لمنطقة باب العامود والبلدة القديمة.

١٢٨٠ مستوطناً اقتحموا باحات المسجد الأقصى في الفترتين الصباحية والمسائية بحماية مشددة من قوات الاحتلال، حيث فتحت قوات الاحتلال عند الساعة السابعة صباحا باب المغاربة، وتقدم الاقتحامات الحاخام يهودا غليك وأعضاء من قيادات الاحتلال.

شتم المستوطنون النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ورددوا نشيد هتيكفاه، رفعوا العلم الإسرائيلي في ساحت المسجد الأقصى، واعتدوا على المواطنين في أزقة القدس وباب العامود، رفعوا رايات حركة كاخ ولاهفاه.

إرهاب المتطرفين جاء هذه المرة معززا بمشاركة أعضاء كنيست ووزراء في حكومة الاحتلال، على رأسهم وزير الأمن القومي الإسرائيلي “إيتمار بن غفير”، ووزير مالية الاحتلال “بتسلائيل سموتريتش”، وزير الطاقة “يسرائيل كاتس “، وكذلك عضو كنيست الاحتلال “بوعاز بيسموت”.

رمزية المشاركة..

وحملت هذه المشاركة لوزراء الاحتلال وأعضاء من الكنيست دلائل ورمزية، وحول ذلك يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي محمد أبو علان في حديث لموقع “بالغراف” :” لم تقتصر مشاركتهم اليوم فقط على مسيرة الأعلام، ولكنهم شاركوا في اقتحام المسجد الأقصى، وهذا سعي من هؤلاء الوزراء وأعضاء الكنيست لكسب التأييد الشعبي في أوساط المستوطنين، وأوساط اليمين الإسرائيلي المتطرف في حكومة الاحتلال”.

ويرى أبو علان أن هذه المسيرة تحشد أهمية وتلاقي تجاوب أوسع بين الإسرائيليين ونشطاء اليمين الإسرائيلي بعد ما حصل عام ٢٠٢١ من تصعيد واستخدمت المقاومة الصواريخ لمنع وتشويش المسيرة لمنع تدنيس المقدسات.

فرفعت درجة التحدي ما بين الاحتلال الإسرائيلي وبين الفلسطينيين بموضوع مسيرة الأعلام، بمعنى أن الاحتلال أصبح ينظر لهذه المسيرة كأنها مظهر من مظاهر السيادة والسلطة الإسرائيلية على مدينة القدس، وإن تنفيذها وحسم خط السير الذي تمشيه دائماً يعتبر مؤشر على سيادة وسلطة الاحتلال الإسرائيلي.

وأضاف:” أي تراجع وتعديل على ظروف ومسار هذه المسيرة، سيفهم بأنه تراجع إسرائيلي، ومن هنا نبعت أهمية المسيرة وصارت الأضواء تسلط عليها أكثر، وصارت تشكل نقطة تجذير أكبر وأوسع في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل عام، وعلى مدينة القدس بشكل خاص”.

ويعتبر أبو علان أن المهمة التي يجب التركيز عليها كفلسطينيين هو ادعاء الاحتلال بأن تنفيذ المسيرة هو مظهر من مظاهر السيادة الإسرائيلية هي كذبة سياسية كبيرة، لسبب رئيسي واحد، سيادة الدول بالعادة تطبق بالقانون وليس بالقوة، بينما الاحتلال الإسرائيلي  يطبق ما يسميه سيادة وتوحيد القدس بالقوة، فحوالي ٣٠٠٠ عنصر أمن إسرائيلي شاركوا بحماية مسيرة الأعلام، فحسب ما صرح ضابط بشرطة الاحتلال ان هناك عناصر شرطة مكشوفين وهناك من يعملون بشكل سري، وهناك وحدات تكنلوجية ووحدات خاصة لحماية مسيرة الأعلام، فلو صحت الرواية الإسرائيلية أن القدس موحدة وعاصمة دولة الاحتلال وتحت سيادتها وسلطتها لما احتاجت لكل هذه القوات لحماية مسيرة تقطع مسافة قصيرة نسبياً في مدينة القدس.

ويشير أبو علان أن رئيس عضو الكنيست ورئيس حزب اليمين بعت رسالة لنتنياهو وقال له أنه يجب أن يمنع الوزراء وأعضاء الكنيست من اقتحام المسجد الأقصى لأن لذلك أضرار سياسية من وراء خطوة كهذه، بمعنى حتى داخل المجتمع الإسرائيلي وتحديداً الأحزاب الدينية ويهود التوراة التي هي حليف رئيسي لنتنياهو ترى أن موضوع السيادة الإسرائيلية بهذه الطريقة كلام فارغ، وهذه الأمور لا تظهر سيادة إسرائيل بل بالعكس تسبب قلاقل أمنية داخل الدولة وعلى المستوى الدولي فحتى الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر حليف استراتيجي لإسرائيل تطلب من إسرائيل أن تضبط عملية الضغط النفسي لهؤلاء المستوطنين كي لا تؤدي للمزيد من المواجهات.

ولذلك فإن هذه المسيرة إذا وضعنا لها عنواناً فإنها نقطة احتكاك ونقطة انفجار أخذت طابع أوسع ما بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس تحديداً كما أوضح أبو علان.

ولفت بأنها لربما تكون سبب في حرب إقليمية بمعنى أنه عام  ٢٠٢١ كانت المسيرة سبب في عملية “حارس الأسوار” التي سماها الإسرائيليين وسمتها المقاومة “سيف القدس”، ولربما هذه المسيرة تدفع المقاومة لتطلق صواريخ من لبنان، وفي حال أطلقت صواريخ من لبنان لريما ترد إسرائيل عليها وتشتبك مع حزب الله، وتقود لحرب إقليمية.

وبالتالي باتت مسيرة الأعلام نقطة متفجرة ليست فقط على المستوى الفلسطيني الإسرائيلي بل قد تكون على المستوى الإقليمي، إذا كان هناك توحيد الساحات في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، فبالتالي قد تحصل حرب إقليمية إذا تمادت حكومة الاحتلال ومستوطنيه في ممارساتهم واعتداء على المقدسات وتدنيسها.

ومن جهته يرى المختص في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي أن مشاركة وزراء حكومة الاحتلال ليست رمزية، هي مشاركة فعلية في ترسيخ تعاون الحكومة الحالية مع المنظمات الإرهابية الصهيونية خاصة التي تعمل على تحقيق السيطرة التامة على القدس تحت عنوان “فرض السيادة الإسرائيلية” عليها، وفي أقصى درجات التطرف إلى السعي لبناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى عبر جهود منظمات “الهيكل”، وما يحدث تحول من الشعارات سابقاً، إلى الفعل على الأرض تدريجياً لتحقيق أهدافهم.

ويقول البرغوثي في حديث لموقع “بالغراف” أن بعد تصعيد عام ٢٠٢١ ومن ثم تولي حكومة نتنياهو الحكم بالتحالف مع الصهيونية الدينية بمكوناتها التي تضم سموتريتش وبن غفير، شكلت هذه المسيرة فرصة للتحدي ولمحاولة إثبات الحضور في القدس.

وتابع:” هنا يناقض الاحتلال نفسه، فهو يدعي أن القدس عاصمة إسرائيل الموحدة، لكنه وعبر مسيرة الأعلام أثبت ذلك، لأن الاحتلال يدرك فشله في فرض هذا الادعاء، لا توجد عاصمة في العالم تكاد تكون شبه ثكنة عسكرية على مدار العام، ويكون سكانها “أي المستوطنون” هم الخائفون دائماً، ولا توجد حكومة ترعى سنوياً مسيرة لإثبات أن عاصمتها هي عاصمتها، الوحيدة في ذلك دولة الاحتلال لأنها تدرك أن قلة من يصدقون أن القدس هي عاصمتهم”.

دلالة رفع رايات كهانا ولاهافا..

واعتبر المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن ما يجعل هذه المسيرة مسيرة كراهية ومنصة ربما أوسع منصة في العالم للتعبير عن العنصرية والعداء لغير اليهود ودعوات الموت للعرب هو فعلاً ليس فقط شعاراتها، ولا مسارها الاستفزازي هو أيضاً الجهات المنظمة لها والمشاركة بها مثل جماعة لاهافا والمعروف عنها أنها ضد الاختلاط ومع طهارة العرق اليهودي، ومعادية للعرب بشكل جداً عنصري، وعناصرها قاموا باعتداءات جسدية ضد الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٤٨،  ويحاربون الفلسطينيين في كل مكان.

ويؤكد منصور في حديثه لموقع “بالغراف” أن مشاركة الوزراء والمسؤولين وأعضاء الكنيست والبلدية في مسيرة الأعلام يجعلها تأخذ غطاء لهذه الحالة من الكراهية، وغطاء أمني وحماية من الشرطة، وغطاء سياسي بمشاركة السياسيين، لتتحول هذه المجموعات من هامش وجماعات منبوذة قليلة إلى مركز والتيار الذي يعبر عن الحالة التي وصلت لها إسرائيل.

ويشير إلى أن مسيرة الأعلام جوهرها قائم على فكرة توحيد المدينة، وتوحيد المدينة يعني تنظيفها من العرب، استكمال إخلاء العرب وإخراجهم وإفراغهها منهم، وأيضاً استكمال التطهير العرقي الذي بدأ عام ١٩٦٧ وتهويدها بالكامل وهذا هو جوهر الرسالة التي تحملها المسيرة، وهذا هو ما يعبر عنه جماعات كهانا ولاهافا والمستوطنين الذين بدأوا اليوم بتشكيل نسبة كبيرة في المدينة ومعظم المتظاهرين اليوم منهم.      

وشارك في المسيرة آلاف المستوطنين، بحماية معززة من قوات الاحتلال، وسط نشر حواجز عسكرية على الطرقات المؤدية لباب العامود، لمنع وصول المقدسيين إلى المنطقة.

ومرت المسيرة من باب العامود، وستمر حسب المسير من الحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس، وصولًا إلى حائط البراق.

كل هذه الاستفزازت جاءت بعد تهديد القيادة الفلسطينية من جهة والفصائل من جهة أخرى محذرة الاحتلال من تجاوز الخطوط الحمراء.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة