هيئة التحرير
أثارت “جمعية خود وأعطي الخيرية” مؤخراً، قضية في غاية الخطورة، حيث تواجه كثير من المواطنات الفلسطينيات “مستورات الحال” شبح الحبس، بعد صدور أوامر تنفيذ من المحاكم، وذلك إثر قيام وزارة الصحة بتحويل ملفات المطالبات المالية إلى النيابة العامة، والتي تم البت بها في المحاكم المختصة بصدور أوامر تنفيذ بحق المتخلفين والمتخلفات عن الدفع.
هؤلاء النسوة الغارمات كما يوضح مدير “جمعية خود وأعطي الخيرية” رائد دويك في حديثه لـ بال غراف، وقعنّ على كمبيالة لوزارة الصحة لعدم امتلاكهن المبالغ المالية المطلوبة أو التأمين الصحي، وذلك بعد تلقيهن أو تلقي أحد أبنائهن خدمة العلاج في مشافي حكومية. مضيفاً أن المفاجئ في الأمر أن بعض تلك الحالات مسجلة لدى وزارة التنمية الاجتماعية على أنها حالات فقيرة أو مريضة أو من ذوي الإعاقة وتتلقى مساعدات من الوزارة.
يقول دويك إن هذه القضية أُثيرت بعد أن توجهت مواطنة لمكتب الجمعية في مدينة بيت لحم، إذ وصلها بلاغ بوجوب دفع 500 شيقل وإلا ستتعرض للسجن، حيث كانت قد تلقت خدمة صحية في أحد المشافي الحكومية، ولا تمتلك التأمين الصحي الحكومي أو المبلغ المطلوب في حينه، فوقّعت على كمبيالة.
ويضيف أن الجمعية انطلقت بعد هذه الحالة للبحث في ملف الغارمات، والأمر المفاجئ أن هناك العديد من المواطنات صادر بحقهن أمر حبس على مبالغ مالية بسيطة، فعلى سبيل المثال سيدة تلقت العلاج بـ 230 شيقل صادر بحقها أمر حبس، وسيدة أخرى تواجه أمر تنفيذ على 105 شواقل فقط، وغيرها الكثير من الحالات.
وطالب دويك وزارة الصحة بدراسة ومراجعة الملفات قبل تحويلها إلى الجهات المختصة، فلا يعقل أن يتم تحويل مطالبة مالية بـ 230 شيقل وأن يصدر أمر حبس بحق مواطنة فلسطينية لعدم تمكنها من دفع هذا المبلغ البسيط، مضيفاً أن الدائرة المختصة في وزارة الصحة تقوم بتحويل جميع المطالبات المالية إلى النيابة العامة دفعة واحدة دون فحصها أو دراستها، مؤكداً أنه من الضرورة مراجعة الإجراءات المتخذة في مثل هذه الحالات، وقبل ذلك إعادة النظر في القانون الناظم لهذا الملف والأخذ بعين الاعتبار ذوي الدخل المحدود والفقراء خاصة النساء منهم، لأن التعامل مع هذا الملف بهذا الشكل فيه امتهان لحقوق وكرامة المواطن الفلسطيني.
وقال إن الجمعية أطلقت حملة لتسديد ديون المواطنات الغارامات والمستحقة لوزارة الصحة، حيث تم السداد عن 45 حالة حتى الآن بمجموع 25 ألف شيقل، مضيفاً أن الحملة ستشمل مختلف المحافظات ودراسة الحالات الأكثر حاجة وسداد ديونها بالاعتماد على أهل الخير، موجهاً رسالة لميسوري الحال للمساهمة في انتشال الغارمات الفلسطينيات مما هنّ فيه.
وأوضح أن الحديث لا يدور عن كمبيالات بمبالغ مالية كبيرة، وإنما بدأت الجمعية بالعمل على المطالبات التي تقل قيمتها عن 2000 شيقل ومتعلقة بخدمة تلقي العلاج من خلال وزارة الصحة. وقد عملت الجمعية على التأكد من أن هذه الحالات بحاجة وأنها من العائلات المستورة، وأن اختيار مساعدة تلك الحالات يتم بناء على دراسة.
وقد زودت “جمعية خود وأعطي الخيرية” موقع بال غراف بنسخ من سندات قبض لمبالغ مالية قامت الجمعية بسدادها عن غارامات صادر بحقهن أوامر تنفيذ.
الهيئة المستقلة
وقال رئيس الهئية المستقلة لحقوق الإنسان عمار الدويك في حديث ل ” بال غراف” إن الهيئة لديها موقف ردعي ضد حبس المدين من الأساس، فكيف وإن كان ضد شخص فقير أصلاً ويتلقى خدمة من الحكومة من المفترض أن تكون حق لهم، مبينًا أنهم سبق لهم أن قاموا بإرسال رسالة للرئيس للمطالبة بتعديل قانون التنفيد، بحيث أن لا يتم حبس أي شخص على دين يقل عن ١٠٠٠ دينار أردني، وأن يتم البحث عن وسائل بديلة مثل المنع من السفر وغيره بدلًا من الحبس، ولكن للأسف ما زال قانون التنفيذ ساري المفعول ويتيح حبس المدين على ديون حتى على ١٠٠ شيقل.
وأكد دويك أنهم قاموا بتدقيق الموضوع مع جمعية ” خود وأعطي الخيرية”، ووجدوا أن هناك عشرات أوامر الحبس الصادرة بحق أشخاص سواء نساء أو غيرهن، مسجلين حالات اجتماعية وفقراء.
واضاف أن الهيئة المستقلة ستعقد لقاء يضم الأطراف ذات العلاقة بين “وزارة التنمية الاجتماعية، ووزارة الصحة، والنيابة العامة، والشرطة القضائية، ومجلس القضاء الأعلى، ووزارة العدل، وجمعية خود واعطي الخيرية”، وذلك لبحث آلية يمكن أن يتيح القانون لوزيرة الصحة بإعفاء الحالات الاجتماعية، وأن يكون هناك آلية لتبادل المعلومات بين وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية، في ظل عدم وجود تبادل معلومات حول الحالات الاجتماعية الفقيرة، مضيفاً أنهم يودون بحث آلية مع الجهات ذات العلاقة لحماية هذه الفئات المهمشة والفقيرة من التعرض لملاحقات قضائية أو حبس على خلفية تلقي العلاج والخدمة من الحكومة، مؤكدًا سعيهم لهذه الآلية وبأنهم لمسوا من خلال تواصلهم مع الجهات الرسمية نيتهم التوصل لصيغة حل حول هذا الموضوع.
وبين دويك أنه لا يتم تنفيذ أوامر الحبس هذه، ولكن مجرد وجود أمر حبس على شخص يضعه تحت دائرة الخطر ومنع من السفر وأن يتم توقيفه على أي نقطة تفتيش، وبالتالي فإن مجرد وجود أمر حبس به تأثير سلبي على حياة الإنسان، مضيفاً أن الشرطة القضائية لا تنفذ أوامر الحبس على مبالغ بسيطة، ولكن يكون اسم المدين موجود لديهم.
وأكد أن الهيئة تطالب بإلغاء حبس المدين بشكل تدريجي، وأن يتم البدء بشكل عام برفع سقف الحد الأدنى للحبس، حيث حالياً لا يوجد حد أدنى، فالهيئة تطالب بأن يكون 1000 أو 2000 دينار بالمرحلة الأولى، وبالتالي عدم تعرض أصحاب الديون البسيطة لأوامر الحبس، بينما يكون هناك إجراءات أخرى لتحصيل الديون لصالح حقوق الدائنين.