هيئة التحرير
في مشهد جديد لم نراه من قبل اصطفت عشرات الأمهات أمام قاعات الامتحانات في إحدى المدراس أثناء تقديم طلبة التوجيهي لامتحانهم الأول في مبحث اللغة العربية، مشاهد لاقت انتشارًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي ما بين مؤيد ومعارض لهذا السلوك، فلماذا هذا السلوك وما هي تبعاته؟!
مديرة المدرسة أم عرفات وعلى صفحتها الشخصية على الفيسبوك تساءلت حول حكاية انتظار الأمهات والآباء للأبناء أمام قاعات الامتحانات وأنه تصرفًا مبالغًا به، مضيفة أنهم بالمدرسة يقدمون للطلبة الدعم النفسي والجسدي وكل ما يحتاجونه، فما الذي يفيده وجود الأمهات والآباء خارج القاعات.
وتساءلت أم عرفات حول إذا ما كانت هذا السلوك هو تقليد لإحدى السيدات التي كانت بانتظار ابنها العام المنصرم أمام إحدى القاعات.
وتقدمت مديرة المدرسة بنصيحة إلى الأمهات بالجلوس في المنازل والدعاء لأبناءهم وإعداد الطعام لهم فهذا أكثر فائدة لهم، متساءلة حول الأهل الذين لا ينتظرون أبناءهم أنهم لا يحبون أبناءهم وفقط من ينتظرهم هو من يحبهم، مؤكدة أن هذا تصرف مبالغ به جدًا.
سلوكيات ليست ضرورية ومبالغ بها
الخبيرة الاجتماعية فاتن أبو زعرور وفي حديث ل” بالغراف” أكدت أن هذه السلوكيات نراها لأول مرة وليس لها داعي، مبينة أن هناك مبالغة في حماية الأبناء الزائدة وهناك مبالغة بسلوك دعم الأولاد بشكل مبالغ به، وهذا سلوك غير محمود وغير إيجابي، مضيفة أن هذا السلوك به مصادرة لمساحة الثقة للإبن، ومساحة الإيمان بقدرته على إدارة أموره ومساحة الدخول لامتحان صعب والخروج منه بسلام.
وأضافت أبو زعرور أنه من المفترض تربية الأبناء لمرحلة معينة يستطيعون الاعتماد بها على أنفسهم، فهم سيكونون لوحدهم في العديد من الأمور الصعبة والأزمات وإن لم تثق الأم بقدرات ابنها وإمكانياته فعندها ستأخذ عنه كافة مهامه التي تستطيع أخذها، مضيفة أنه لو كان لدى الأم قدرة بالأمس على دخول الامتحان عِوَضًا عن ابنها لدخلته، ولذلك فهذه السلوكيات مبالغ بها وليس لها ضرورة وتعبر عن الشك بقدرات الأبناء، وأنه لولا تواجد الأمهات فإنهم ربما لن يستطيعوا النجاح، ولكن لا فالأبناء يمتلكون القدرات.
وأكدت أن دور الأهل يكمن في تهيئة الجو المناسب للدراسة داخل البيت، ويجب التعامل مع التوجيهي كغيره من الامتحانات وحتى أن الامتحانات القادمة في الجامعات أصعب، مضيفة أن رهبة التوجيهي التي يتم وضعها للأبناء وللعائلات يجب التخفيف منها، ومع أن الإمتحان للأسف مصيري في هذا البلد إلا أن النظام خفف منه من خلال إمكانية اجتيازه على أكثر من مرحلة، مشيرة إلى أنه يمكن توفير جو دراسي وجو تغذية وراحة لهذا الامتحان المصيري، ولكن يجب عدم العبث بنظام العائلة بأكملها لمجرد أن هناك طالب توجيهي بالمنزل.
ولفتت أبو زعرور أنه يجب الإيمان بقدرات الأبناء لأنهم مروا بمراحل، فالمرحلة الأساسية كان هناك اعتماد على الأهل فيها، أما المرحلة الثانوية فهناك اعتماد على الذات ويكون دور الأهل ثانوي بها، مبينة أنه يجب عدم المبالغة بهذه السلوكيات فبالتأكيد الأهل يحبون أبناءهم ويتمنون لهم تحقيق الإنجازات ولكن دون مبالغة حتى لا يتم فقدان الصورة الجميلة للخبرة التي يعيشها الأبناء.
وشددت أبو زعرور أنه بمثل هذه السلوكيات فإن الأم وضعت ضغطًا إضافيًا على نفسها وخلقت لنفسها مهمة جديدة إضافة لمهمتها كربة منزل وكموظفة وزوجة، فهي تلعب أدورًا كثيرة بالأساس وهي خلقت لنفسها دورًا آخر ألا وهو الحامية على مستقبل ابنها، متساءلة عمن وكلها بهذه المهمة التي هي دافع أمومي بالتأكيد ولكن هل يا ترى لا يمتلك الأب مثل هذا الدافع ليذهب إلى المدرسة، مؤكدة أنه في بعض الأحيان تأخذ الأمهات على عاتقهن مهمات ليست لهن وليست ضرورية، وهذا يخلق ضغطًا على الأبناء حيث هذه السلوكيات تُوحي لهم بأنه لولا وجودهم بجانبهم لم يكونوا لينجحوا، وهذا يُفقِدهم ثقتهم بأنفسهم وبقدراتهم، حيث إن كانت الأم لا تثق بقدرات ابنها ولا تثق به فكيف سيثق هو بنفسه.
وعقب انتشار الصور على مواقع التواصل الاجتماعي شهدت انتشارًا واسعًا وتعليقات متعددة ما بين ساخر لهذه التصرفات وما بين مؤيد أو معارض لها، وحول ذلك استنكرت أبو زعرور التعليقات الساخرة بحق الأمهات على وسائل التواصل الاجتماعي، فهي تصرفت من مُنطَلق أمومي رائع رغم أنه تصرف لا يجوز فهو يسبب ضغطًا على الأم وعلى الابن في ذات الوقت، مضيفة أنهن يعلمن أن وجودهن لن يقدم خدمة للطلبة ولكنهن جئن لتلبية شيء ذاتي، فالأم تعلم أنها لا تستطيع تقديم أي خدمة له وهو داخل قاعات الامتحانات ولكن تصرفها هذا هو لإشباع شيء من غريزتها الأمومية، فربما السلوك برمته هو لصالحها وليس لصالح الابن.
وتمنت أبو زعرور التوفيق لكافة الطلبة في امتحاناتهم.
من زاوية أخرى !!
من جانبها تقول الأم هبة الدنف أنه بالأمس كانت تجربتها الأولى مع ابنتها طفلتها كونها الأولى في العائلة التي تقدم ثانوية عامة، وأن الابن مهما كَبُرَ يبقى طِفلًا في عيني والديه
وأضافت أنها تفاجأت بنفسها منذ الصباح أفاقت باكرًا وقامت بإيصالها للمدرسة، مبينة أنها كانت تتمنى أن تدخل معها لداخل المدرسة وصولاً لمقعد الامتحان، كما أنها تفاجأت من بكاءها لحظة احتضانها لابنتها ووداعها وتمنيها لها بالتوفيق، مشيرة إلى أنها وبسبب قلقها عليها طوال اليوم لم تستطع إنجاز عملها
ولفتت الدنف أنه لا يمكن لوم مشاعر الأم وطريقة تعبيرها عن مشاعرها وحبها لأطفالها، فبعض الأمهات اخترن الجلوس في البيت والدعاء لهم والبعض قرر الانتظار خارج أبواب القاعات، مشيرة إلى أنه كان تصرفًا عفويًا وفِطريًا وكان نوعًا من التعبير عن حبهم وقلقهم
وتابعت بأنها كانت تظن أنها فقط هي الوحيدة القلقة على ابنتها، ولكنها وجدت الكثير من الأمهات اللواتي يبكين من خوفهم وتوترهم على أولادهم، مشيرة إلى أنه لا يجب أن تكون الصور محل نقد فهي ترجمة لمقولة “الجنة تحت أقدام الأمهات”
