هيئة التحرير
لا يتوقف النجاح عند عمر معين، وتحقيق الأحلام لا يقف بطريقها شيء حينما ترافقها الإرادة والتصميم على تحقيقها مهما كانت الظروف، وأن تلمس وتعيش إنجاز لطالما انتظرته حينها تكون الفرحة عارمة لا يضاهيها شيء، وهذا ما حصل مع الأم دعاء ذياب وابنتها أنسام ذياب من قرية مزارع النوباني شمال غرب رام الله، حينما اجتزن سوية الثانوية العامة بتفوق وإنجاز
دعاء التي عادت للدراسة بعد انقطاع ٢٠ عامًا، تَوجت عودتها هذه بنتيجة وتفوق بمعدل ٩١.٦، فيما حصلت ابنتها على معدل ٨٣، لتغمر الفرحة بيتها وعائلتها ومحبيها
دعاء ابنة الثمانية والثلاثين ربيعًا وفي حديث ل” بالغراف” أكدت أنها انقطعت عن التعليم عقب زواجها بعد الأول ثانوي وقررت إعطاء أولويتها لعائلتها، فهي أم لسبعة أبناء، لكن حلم وشغف الدراسة لديها لم يتوقف وبقي مُلازِمًا لها طيلة هذه السنوات، وبقي لديها الإصرار بأنها سَتُكمِلُ تعليمها وتنهي الثانوية العامة
قبل عامين بدأت فكرة العودة للدراسة تراود دعاء ولكن الأمور لم تجري كما تريد، إلى أن جاء هذا العام لتقرر مع ابنتها بعد مشاورتها أن تقدمان التوجيهي سوية وهو ما فرحَت له ابنتها كثيراً، فدعاء انقطعت عن التعليم حينما كانت تحمل ابنتها أنسام في أحشاءها، وفق ما تقوله دعاء والتي تؤكد أنها حصلت على دعم زوجها وبقية أطفالها لهذه الفكرة
اختارت دعاء أن تُكمِل الثانوية العامة بالفرع التجاري لميولها لهذا الفرع، واعتمدت على ذاتها في كل شيء في التعليم الذي كان صعبًا بشكل كبير خاصة بعد العودة من هذا الانقطاع الطويل، فبدأت بمتابعة الدروس والبحث عبر الانترنت وخاصة اليوتيوب وتحديداً القناة التعليمية الخاصة بالاستاذ أحمد جبر، إضافة إلى المساعدة من عدد من المدرسين من مختلف أنحاء الوطن، وأيضاً من مدرسة مزارع النوباني وعارورة حيث كانت تحصل منهم على الإمتحانات السابقة وشرح للمواد المشتركة، موجهة شكرها الكبير لهم جميعاً
لم يكن عامًا دراسيًا سهلاً لدعاء فقد مرت بظروف صعبة حيث توفي شقيقها ومَرِض والدها بعدها، ليؤثر عليها ذلك كثيراً ولكنها بقيت على إصرارها لتجتاز هذه الامتحانات وتُحقق شغفها، مؤكدة أن أول امتحان كان أصعب يوم بالنسبة لها فما بين خوفها على ابنتها وما بين تقديمها لامتحانها، إضافة إلى أن الانقطاع والعودة لم يكن بالشيء السهل فلم تكن تعلم شيئًا عن المواد، إضافة إلى أنه وبسبب الإضراب الذي حصل في المدراس تأثرت ابنتها كثيراً لدرجة أنها قررت أن تؤجل عامها الدراسي فقامت بالاعتناء بابنتها ودراستها وثنيها عن قرارها هذا، مشيرة إلى أنه من يملك الإرادة والشغف يصل فلا شيء مستحيل
وعن يوم النتائج أردفت دعاء بأن نتيجتها وصلت قبل نتيجة ابنتها إلى أن وصلت نتيجتها، وبقيت معانقة لابنتها لفترة طويلة لتعيشان فرحة هذا الإنجاز، مبينة أنها كانت أجمل وأصعب سنة في عمرها حيث رفقتها مع ابنتها وخوفها عليها وتشجيعهن لبعضهن البعض، إلى أن تكلل تعبهن هذا بهذه الفرحة
وعن موازنتها لعملها بداخل البيت ودراستها أكدت أن هذا شيء صعب جدًا، ولكنها حصلت على الدعم من زوجها وأولادها الذين كانوا خير عون وداعم لها، لمساعدتها بتحقيق حلمها وشغفها موجهة شكرها لهم لمعاونتها لتحقيق ما حققته
معبرة عن شكرها لله الذي أكرمها بإدخال الفرحة على قلب عائلتها بعد وفاة شقيقها، وخاصة والدها الذي تأثر كثيراً بهذا الإنجاز، إضافة إلى رؤيتها الفرحة في عيون عائلتها والمقربين منها
لن تقف أحلام عند هذا الإنجاز فهي تنوي استكمال دراستها الجامعية، وتطمح بدراسة التسويق الالكتروني وهي تحظى بدعم زوجها الذي يشجعها على استكمال تعليمها، موجهة رسالتها إلى كل أم وكل إمرأة لديها حلم وتطمح لاستكمال دراستها بأن لا تتوقف وتسعى لتحقيق ذلك، مبينة أن الحياة صعبة ولا يأتي شيء بكل سهولة ولكن بالإصرار والمحاولة وحسن الظن بالله والسعي يحصل الإنسان على ما يريده
من جانبها تقول ابنتها أنسام في حديث ل” بالغراف” أن تقديم التوجيهي رفقة والدتها كان شيء وشعور جميل، مبينة أن والدتها انقطعت عن التوجيهي بسبب حملها بها وكان حلمها أن تتقدم للتوجيهي، مضيفة أنها كانت فَرِحَة بها وبقرارها لاستكمال التوجيهي فبذلك تستطيع والدتها تحقيق حلمها، وأيضاً يكون تشجيعًا لها خلال دراستها كونه يوجد لديها منافس فهي تحب المنافسة
وأردفت أنسام بأنها كانت تدرس رفقة والدتها المواد المشتركة فهي بالفرع الأدبي ووالدتها بالفرع التجاري، مبينة أن والدتها كانت داعمتها في لحظات ضعفها خاصة عندما قررت عدم استكمال هذا العام وتركها للعام القادم بسبب الإضراب المدرسي، إلا أن دعم والدتها لها جعلها تَرجِع عن قرارها هذا، مشيرة إلى أنها أيضاً وقفت بجانب والدتها ودعمتها خاصة بعد وفاة شقيق والدتها فتأثرت والدتها كثيراً فقدمت لوالدتها الدعم الكبير في محنتها هذه، وأيضاً كانت تقدم لها الدعم خلال فترة الامتحانات خاصة في امتحان المحاسبة تلك المادة التي تتصعب منها والدتها كثيراً فوقفت الى جانبها وساندتها
وعن انتظار نتيجتها ووالدتها أكدت أنها كانت أصعب، لحظات حياتها مع أن الشعور كان جميلًا، مضيفة أنها كانت لحظة جميلة عندما علمت بمعدلها ومعدل والدتها، مشيرة إلى أنها تفتخر بوالدتها وبمعدلها، وترفع رأسها بوالدتها فهي حققت حلمها وبتفوق رغم كل الظروف التي مرت بها