أماني شحادة
صنعت امرأة في قطاع غزة زاوية تُعد الأولى من نوعها سُميت بـ “مياو كافيه”، كرّست بها مشهدًا يؤكد قول الفيلسوف والطبيب الألماني ألبرت شفيترز: “هناك طريقتان للاحتماء من مآسي الحياة: الموسيقى والقطط”.
نعيمة معبد (53 عامًا)، افتتحت مقهًا خاصًا لمحبي القطط في قطاع غزة، خاصة أولئك الذين لا يستطيعوا اقتناء القطط لأسبابهم الخاصة
تُربي معبد القطط منذ صغرها إلى يومها هذا، وتعتبرهم شغفها الكبير في هذه الحياة، إذ تداعبهم وتغمرها السعادة بوجودهم حولها وتفهم ما يريدونه من تصرفاتهم وطريقة مياواتهم
وعن فكرة المشروع الذي لاقى رواجًا هائلًا على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول معبد والشغف يملأ حديثها: ” هذا المقهى هو مكان هادئ مخصص لمحبي القطط غير القادرين على اقتناء القطط في بيوتهم لأسبابهم الخاصة، والتي تحرمهم أن يكون لديهم كائنًا أليفًا يقضون الوقت معه ويرفع وتيرة سعادتهم ويُشعِرهم بالراحة، إنه فرصة فريدة لهم”
ويهدف مشروع الكافيه في بنده الأول لمساعدة المواطنين الغزيين في التخفيف من أعباء وضغوطات الحياة التي تعصف بهم من خلال مجالسة ومداعبة قطط لطيفة هادئة وأليفة، بحسب قول معبد
وفي تفاصيل هذا المقهى الفريد من نوعه، يحتوي قسمًا خاصًا معلّقة فيه زوايا خشبية صغيرة تدوسها أيدي القطط الصغيرة المدللة، والتي تلتف على رقبة كل واحدة منها قلادة تحمل اسمها، يقترب منها الزوّار يتعرفون على القطط ويبدأون بملاعبتهم وملاطفتهم في هذه الزاوية بمقابل خمسة شواقل خلال نصف ساعة
يُعلق على حائط الكافيه عشر صورٍ مرصوصة بالأسود والأبيض تحمل كل واحدة منها صورة قطٍ واسمه، ليزيد هذا جمال وبساطة المكان ويُظهر مدى أهمية هذه القطط.
حائطٌ زجاجي يفصل زاوية القطط المهيأة لنومها وجلوس محبيها معها، بحسب معبد، إذ يبدأ القسم الثاني من الكافيه خلف هذا الزجاج والمُعدّ لجلوس العائلات والزوّار لاحتساء مشروبات باردة أو ساخنة يقدمها الكافيه كباقي مقاهي القطاع
وأوضحت معبد بأنها وأولادها صمموا المكان والديكور واختاروا الألوان، مبينة أنها سعيدة بهذا المشروع الذي يعبّر عما تحب ومتعلقة به منذ صغرها
وبشأن هذا العدد من القطط وأنواعها، أفادت معبد بأنها تربي القطط في منزلها، ولكن أصدقائها من محبي القطط ساعدوها في الحصول على المزيد
ولأن أنواع القطط الموجودة في الكافيه بحاجة لرعاية بشكل خاص، تقول معبد أنها تتعامل مع عيادة بيطرية مرخصة، حيث قدّم الدكتور البيطري الرعاية الصحية الخاصة والتطعيم المناسب لهذه القطط الصغيرة قبل عرضها وإدخالها في الكافيه، إضافة إلى يطمئن عليهم كل فترة، خوفًا عليهم وعلى نفسيتهم بعد مقابلة عدد من الزوّار وملاطفتهم لهم
واستدركت صاحبة المشروع أنها عملت على مدار سنوات طويلة بالمؤسسات الإنسانية التي تساعد الجميع على أن تكون الحياة أفضل، مردفة بأنها تحب إكمال رسالتها الإنسانية بتخفيف العبء والآلام عن المواطنين في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، والذي يعاني أوضاعًا معيشية واجتماعية صعبة، وذلك عبر إكمالها لمشروع الكافيه ونجاحه.
وذكرت معبد أنها تخرجت منذ 30 عامًا من قسم التمريض في أحد الجامعات في القطاع، ثم حصلت على شهادة إدارة الأعمال، وتوجهت بعدها للعمل في المؤسسات الدولية والمحلية في إدارة المشاريع، حيث واجهت مشكلة صحية أودت بها إلى تقديم الاستقالة من العمل، والتفرغ للبدء بمشروعها الذي يهتم بجانب الصحة النفسية وهو “مياو كافيه”
وفي ختام حديثها، أشارت ابنة الـ (53 عامًا) إلى أنها لم تدعو أحد قبل الافتتاح، لكن الانتشار الواسع على السوشيال ميديا ساعد في نجاح مشروعها وحصولها على زوّار، وعلى الجانب الآخر بينت أن المشروع لاقى انتقادات كثيرة، ولكنها ريادية في شيء تحبه، وهي سعيدة بالتعليقات الإيجابية التي تثني على مشروعها والرسائل التي وصلتها وطلب الكثيرين زيارة المكان
يجدر الذكر أن الفلسطينيين في غزة يميلون لاقتناء حيوانات أليفة مثل القطط والكلاب، ويهوون تربيتهم؛ لقضاء ساعات من الترفيه مع هذه الحيوانات التي تزيل عن كاهلهم قسوة الحياة