هيئة التحرير
في اليوم الـ22 من العدوان الإسرائيلي على غزة، يواصل جيش الاحتلال تكثيف قصفه لمناطق عدة في القطاع وشن سلسلة من الغارات هي “الأعنف” على الإطلاق منذ بدء الحرب. كما أعلن توسيع عملياته البرية بدءا من الليلة الماضية وقطع الاتصالات وخدمة الإنترنت بالكامل.
ويثير انقطاع الإنترنت عن قطاع غزة المحاصر مخاوف منظمات حقوقية دولية، وتخشى تلك المنظمات من أن يؤدي انقطاع الخدمة إلى حجب صورة ما يحدث في القطاع الذي يتعرض منذ ثلاثة أسابيع لقصف إسرائيلي مكثف، في الوقت الذي تحدثت فيه خدمة نت بلوكس NetBlocks المعنية بمراقبة الاتصال بالإنترنت، عن “انهيار الاتصال في قطاع غزة”.
وكانت شركة جوال الفلسطينية قالت في بيان لها: «نأسف للإعلان عن انقطاع كامل لطافة خدمات الاتصالات والإنترنت مع قطاع غزة في ظل العدوان المتواصل»، مضيفة «تسبب القصف الشديد في الساعات الأخيرة في تدمير آخر المسارات الدولية التي تصل غزة بالعالم الخارجي بالإضافة للمسارات المدمرة سابقا خلال العدوان مما أدى إلى انقطاع لكامل خدمات شركات الاتصالات عن قطاع غزة».
هيومن رايتس ووتش: قطع الإنترنت عن غزة قد يشكل “غطاء لفظائع جماعية”
منظمة “هيومن رايتس ووتش” المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان حذرت من أن انقطاع الاتصالات والإنترنت في القطاع قد يشكل “غطاء لفظائع جماعية”.
وفي بيان قالت ديبورا براون المسؤولة في هيومن رايتس ووتش إن انقطاع المعلومات هذا قد يكون بمثابة “غطاء لفظائع جماعية ويسهم في الإفلات من العقاب على انتهاكات لحقوق الإنسان”.
من جهتها قالت منظمة العفو الدولية إنها فقدت الاتصال بموظفيها في غزة. وأعربت المنظمة غير الحكومية عن أسفها لأن “انقطاع الاتصالات هذا يعني أنه سيصبح من الصعب أكثر الحصول على معلومات وأدلة ضرورية تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب المرتكبة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة، والاستماع مباشرة إلى أولئك الذين يتعرضون لهذه الانتهاكات”.
ووفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فقدت وكالات أممية عدة الاتصال بفرقها في غزة. وفي بيان قالت لين هاستينغز، منسقة الشؤون الإنسانية في أوتشا، إن العمليات الإنسانية وأنشطة المستشفيات “لا يمكن أن تستمر بلا اتصالات”.
التحكم في «رواية الحرب»
الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله قال إن “إسرائيل” تريد أن تتحكم بمجريات الحرب مثلما تريد أن تتحكم بـ «رواية الحرب»، وهذا ما دفعها لقطع خدمات الإنترنت عن قطاع غزة.
وأضاف: «إسرائيل تريد أن تكون هي المصدر الوحيد لأخبار الحرب، فمن الواضح أنها تنوي عمل مجزرة وسترتكب الكثير من القتل».
وأضاف عطا الله: «واضح أنه سيكون هناك مشاركة من جنود غير إسرائيليين، وستكون هناك استشارات من الغير، مثل الأميركيين».
وتابع: «حال بدء الغزو البري للقطاع فمن المؤكد أنه ستكون هناك خسائر إسرائيلية، وتل أبيب تريد أن تنتج صورة تناسبها وتناسب رغبتها في الانتقام».
أما السبب الثالث لقطع خدمات الإنترنت عن غزة، بحسب عطا الله هو أن “إسرائيل” ترفض وجود صحافة أجنبية في الجانب الفلسطيني لتغطية ما يحدث، وقال: «هؤلاء الصحفيون الأجانب يحظون بحصانة بحكم جنسياتهم، وهو الأمر الذي ترفضه إسرائيل وترفض وجود تغطية لما تنوي القيام به».
واختتم عطا الله تعليقه على قطع خدمات الإنترنت عن غزة مؤكدا أن الصحافة الإسرائيلية، والتي تتحكم فيها هيئة الرقابة العسكرية الإسرائيلية «سنزورا» ستكون هي المصدر الوحيد للأخبار وسيضطر المعنيون بالأمر إلى الاستقاء والاستنتاج من خلال ما يرد من الصحافة الإسرائيلية.
استراتيجية عسكرية إسرائيلية
مدير المركز العربي للدراسات السياسية في مصر د. محمد صادق إسماعيل، قال إن الأوضاع التي تمر بها غزة الآن، هي صعبة للغاية، أما عن سبب قطع الاحتلال الإسرائيلي الاتصالات والإنترنت عن غزة، قال إنها استراتيجية عسكرية معروفة لدى الاحتلال، خاصة حينما يتعلق الموضوع بالاجتياح البري والدخول البري لإسرائيل من خلال قطع كل وسائل الاتصال.
وأضاف صادق، أن سبب قطع الإنترنت عن غزة خلال عملية الاجتياح البري، هو تعجيز الفلسطينيين بتصوير المشاهد الصعبة، فضلا عن منع الوكالات أو أي من المواقع التي تبث الصورة إلى العالم من رصد الأوضاع الحالية التي تمر بها غزة، مشيرًا إلى أن هذه الأوضاع ستؤجج الصراع كله.
ومن جانبه، قال شادي محسن، باحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مصر، إن هناك عدة أسباب دفعت الاحتلال الإسرائيلي إلى قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة خلال العملية البرية، منها منع تداول الأخبار الخاصة بالقصف الإسرائيلي حتى لا يتم ترويجها بين الأهالي.
وأوضح محسن، أن النقل الإعلامي للأحداث الحالية في غزة، سيسبب مصدر ضغط على الاحتلال الإسرائيلي خلال العملية البرية، لذلك تم قطع الاتصالات والإنترنت عن قطاع غزة، حتى لا يتم النقل الإعلامي بالطريقة المعهودة في نقل الصورة والأوضاع الحالية، مشيرًا إلى أن هذه الأوضاع صعبة للغاية وغير مسبوقة من قبل في أي من الحروب.
الهلال الأحمر: فقدنا الاتصال بكل فرق غزة
هذا، وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنه “فقد الاتصال بمركز عملياته وبكل فرقه في قطاع غزة، بسبب قطع السلطات الإسرائيلية الاتصالات اللاسلكية والخلوية والإنترنت”.
وأضاف الهلال الأحمر أن هذا “يؤثر في رقم الطوارئ المركزي 101 ويعوق وصول سيارات الإسعاف إلى المصابين” في ظل استمرار الغارات، مبديا “قلقه العميق” حيال قدرة الأطباء على مواصلة تقديم الرعاية في ظل هذه الظروف، وكذلك حيال سلامة موظفيه.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن انقطاع الاتصالات وخدمات الإنترنت يعيق وصول سيارات الإسعاف إلى المصابين والجرحى.
الصحة العالمية: فقدنا الاتصال بكل شركاء المجال الإنساني في القطاع
قالت منظمة الصحة العالمية إنها فقدت الاتصال بموظفيها في غزة وبالمرافق الصحية وبكل شركائها بالمجال الإنساني في القطاع، وذلك في أعقاب قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي قطع الاتصالات والإنترنت عن القطاع بشكل كامل وبدء الجيش توسيع عملياته البرية.