loading

اسرائيل لم.. لن تنتصر

عبد القادر بدوي

” المناورة البريّة” ذلك الإسم الذي أطلقه الاحتلال على عمليته العسكرية في غزة، بدلاً من الاستخدامات المعتادة مثل “الاقتحام أو الغزو البري”، الأمر الذي لاقى جدلًا ورفضًا في بعض الأوساط الإسرائيلية وذلك من أجل تحقيق اختراق في ملف المأسورين وإعادتهم، أو أن الجنود غير جاهزين للقتال البري، والإسم بحد ذاته يحمل معاني ومفاهيم متعددة بحسب المختص بالشأن الإسرائيلي عبد القادر بدوي

في القاموس العسكري الإسرائيلي، فإن “المناورة البريّة” تعني الأسلوب الهجومي الذي يشمل الهجمات الاستراتيجية والتكتيكية، لتمكين الجيش من الحصول على تفوق بالقوة وميزة عسكرية من خلال تنفيذ عدة تحركات، بشكل متزامن ومتكامل، بغية تحسين القدرة على البقاء في أرض المعركة  وضرب “العدو”، باستخدام أساليب كالحصار والتطويق لتحقيق ” النصر” بالحرب.

يقول بدوي نقلاً عن “رونين إيتسك” أنه في الحرب الجارية، تم تقسيم المناورة البرية إلى ثلاث مراحل أولها “مناورة الإغارة” وتعني إغارة القوات البرية بقوة على موقع محدد أو الحصول على صيد معين والعودة فوراً، وذلك بهدف تعظيم الإنجاز وتقليل التهديد الذي ستتعرض له القوات” تماماً كما فعل الاحتلال في الأسبوعين الأولين، حيث هدفت الإغارة ل “نقل المعركة إلى أرض العدو”، والتوغل الجزئي حرق الأرض أو تهيئتها أو دراستها

“مناورة التطويق التاجي” هي المرحلة الثانية وتعني الدخول بقوات برية كبيرة وتطويق المساحة المستهدفة بشكل يسيطر قدر الإمكان على الداخل والخارج بهدف السيطرة، وذلك بخلق حالة من الضغط بالتحكم بالحاجيات الأسياسية من “الطعام، والمياه، والوقود، وغيرها”، بحيث يمكنها ذلك من جمع معلومات استخبارية دون التعرض للفخاخ وهي هجمات دقيقة وسريعة وتتضمن ” مناورة الإغارة”.

المرحلة الثالثة هي ” مناورة الإحتلال” وهي تأتي بعد إدراك المستويين الأمني والعسكري بأنه لا مفرّ من السيطرة على الأرض كلها، بهدف القضاء على التهديدات أو تحقيق الأهداف العسكرية. وفي هذه المرحلة يتم إدخال قوات كبيرة ومتنوعة من القوات البرية للوصول للهدف المطلوب وهو “التطهير” من خلال التنقل بين المنازل والطرقات والأحياء 

ووفق بدوي فهناك من يرى أن مفهوم “المناورة البرية” الذي تبنّته إسرائيل يُقصَد به “المناورة متعدّدة الأبعاد”، حيث لا يتم فقط الجمع ما بين (سلاح البر، الجو والبحر)، وإنما أيضاً توسيع قدرات المناورة العسكرية لتضم أبعاداً ومجالات إضافية مثل الحرب السيبرانية، والنفسية والمعلومات، القتال في الفضاء تحت- أرضي حيث الأنفاق ، بالإضافة إلى عمليات الإنزال الجوي بهدف جمع المعلومات أو تنفيذ اغتيالات، وتهدف إلى تقسيم القطاع إلى أجزاء أربعة: “شمال، وسط، جنوب وسط، وجنوب”، حيث السيطرة على كل جزء لوحده.

يظهر أن إسرائيل انتقلت بالفعل بعد ثلاثة أسابيع تقريباً من الحرب إلى مرحلة “مناورة الإغارة”، ومنها إلى مرحلة “التطويق” استناداً إلى الحصار الذي تفرضه على مدينة غزة، وبعد التركيز على القصف الجوي في الأسابيع الماضية، حيث أعلن الجيش الإسرائيلي أنه قد أتم بالفعل إطباق الحصار- “التطويق”- على مدينة غزة،  والسيطرة على مفرق النصيرات والتقدم باتجاه قلب مدينة غزة، وهي عملية تسير ببطء وفقاً للمراسلين العسكريين كما هو مخطّط في “المناورة البرية”.

بدوي يؤكد أن هناك جملة من التحدّيات (المعيقات) التي قد تُفشل أهدافها أو تزيد من تعقيدها، بحسب تحليلات الاحتلال، فمثلاً هناك ملف المأسورين حيث لا يستطيعوا تجاهل أصوات الأهالي  لعقد صفقة تبادل لفترة طويلة، وأيضاً  المعيق العسكري حيث أن الإستجابة الميدانية العسكرية للمقاومة وفقاً للتقديرات الإسرائيلية استفادت من تجارب الدخول البري السابقة للقطاع  ما يعني أنها تحضّرت جيداً من جهة ثانية.

والمعيق الثالث هو التدخل الأمريكي رغم الدعم اللامنتهي إلا أن الضوء الأخر الأمريكي قد يتقلص مع مرور الوقت، إضافة للضغط الأمريكي على إسرائيل للقبول بهدنة إنسانية قد يعيق عمل ” المناورة البرية”، وأيضاً التخوف من دخول حزب الله نتيجة ارتفاع عدد الشهداء والجرحى، تزيد من التكهنات للضغط الأمريكي على إسرائيل للقبول بحل سياسي، إضافة للمعيق الاقتصادي حيث تخصيص موازنة ضخمة للمناورة البرية، والخسائر الباهضة في الاقتصاد يشكل ضغطًا حول استمرار تنفيذ “المناورة البرية” لوقت طويل كما هو مُعلن

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة