هيئة التحرير
أعلنت دول ” إسبانيا والنرويج وإيرلندا” اعترافها بدولة فلسطين خلال مؤتمر صحفي، وبينت الدول أن الخطوة تأتي في إطار هدف إقامة دولة فلسطينية متماسكة على حدود العام 67
ورحبت الرئاسة الفلسطينية بهذه الخطوة، مثمنة هذا القرار، كما ووجه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ شكره لدول العالم التي اعترفت وسوف تعترف بدولة فلسطين المستقلة، مؤكداً أن هذا هو السبيل للاستقرار والأمن والسلام في المنطقة، في مقابل ذلك عبرت ” إسرائيل” عن رفضها وغضبها من هذا القرار وقامت باستدعاء سفراء النرويج وإيرلندا عقب قرارهم
وحول ذلك قال المحلل السياسي جهاد حرب في حديث ل ” بالغراف” إن هذه الخطوة مهمة باعتبار أن هذه الدول هي من أوروبا الغربية، وبالرغم من أهميتها إلا أنها خطوة سياسية رمزية لا تُحدث تغيير على أرض الواقع ولكنها يمكن أن تساعد في ما يتعلق بترسيخ عملية السلام، حيث الاعتراف المبدأي بحق الشعب الفلسطيني في الحصول على الدولة في موازاة الشعب ” الإسرائيلي” الذي لديه دولة، إضافة إلى أنها تساعد على مزيد من الاعترافات من الدول الغربية الأخرى والتي من المتوقع أن يكون هناك موجة أخرى نهاية هذا الشهر لاعتراف عدد من الدول بدولة فلسطين مثل ” بلجيكا، سلوفينيا، مالطا” حيث أصبح هناك 12 دولة من الاتحاد الأوروبي تعترف بفلسطين وإن تم إضافة ثلاثة آخرين فسيصبح العدد 15
وبين حرب أن هذا الاعتراف ربما يعني إنهاء عصر الفيتو الإسرائيلي على إقامة الدولة الفلسطينية، حيث كانت مع بعض الدول الغربية مثل أمريكا تمنع بالفيتو حق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته، على اعتبار أنها تقول إن الدولة الفلسطينية وحدودها نتيجة المفاوضات مع الإسرائيليين، فاليوم لم تعد كذلك حيث يمكن القول إن الفيتو لم يعد كاملاً لإسرائيل في هذا الشأن، مضيفاً أن هناك أيضاً الرواية الإسرائيلية التي تضررت كثيراً خلال الأشهر السابقة ولم تعد هي الضحية بل أصبحت الجلاد والشعب الفلسطيني هو الضحية الذي يحتاج إلى الاعتراف بحقوقه العادلة
وأفاد حرب أن هذا الاعتراف قد يشكل فاتحة وخطوة مشجعة للدول الأخرى للاعتراف بدولة فلسطين، حيث هناك المصوتين في الأمم المتحدة بأن فلسطين دولة مؤهلة فهم قد يعترفون بفلسطين، فمثلاً فرنسا أعلنت أن فلسطين مؤهلة وصوتت لذلك، ولكنهم صرحوا بأن هذا ليس الوقت المناسب للاعتراف بها كدولة ولكن ربما في الأسابيع المقبلة يكون الوقت المناسب.
وبين أن ذلك سيشجع أيضاً المؤسسات الحقوقية والمواطنين والمؤسسات المساندة للشعب الفلسطيني أن تضغط على حكوماتها للاعتراف بدولة فلسطين، فقد تصبح قضية الاعتراف بدولة فلسطين وحقوقها جزءاً من النقاش الداخلي مثلما حصل في الحرب على غزة، حيث أصبحت جزءًا من النقاش الداخلي في أمريكا بعد المظاهرات والاحتجاجات الطلابية، فهي قد تشغل ضغط على الأحزاب الذين يسعون الحصول على أصوات الناخبين، فتكون مسألة الحرب على غزة والاعتراف بدولة فلسطين أحد نوايا التصويت ومؤثر في نوايا الشعوب بالتصويت في الإنتخابات القادمة بهذه الدول
وأوضح حرب أن إعادة النقاش داخل مجلس الأمن حول حصول فلسطين على دولة كاملة العضوية موجود، فالجمعية العامة طالبت بذلك بقراراها قبل أيام والذي صوت لصالح ذلك 143 دولة، ولكن هناك صعوبة بإزالة الفيتو الأمريكي خاصة في هذه المرحلة، ولكن ربما في نهاية العام بعد إجراء الانتخابات الأمريكية قد يكون هناك نقاش حول ذلك، مضيفاً أن ما يتم سماعه من تصريحات في البيت الأبيض فهو لا يشجع على ذلك، على اعتبار أنه لا يوجد تغيير في السياسة الأمريكية المنسجمة مع السياسة الإسرائيلية.
وأشار إلى أن الأمر ليس مستبعداً حيث كان هناك نقاشًا حول الإعتراف بفلسطين، وربما تتواجد فرصة لتمرير عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة بامتناعها عن التصويت وعدم استخدامها للفيتو ولكنه يبقى احتمالاً ضئيلاً، على غرار ما جرى في عهد أوباما وتمرير قرار 2334 المتعلق بعدم شرعية الاستيطان فهي امتنعت عن التصويت بوقتها ومُرر القرار وذلك على الرغم من ” ديمومة” الفيتو الأمريكي ضد مصالح الشعب الفلسطيني
وحول ردة فعل إسرائيل على هذا القرار أوضح حرب أنه كان هناك هستيريا من التصريحات الإسرائيلية ضد هذا القرار، وذلك لأن لديها تخوف من دول أخرى قد تعترف بدولة فلسطين، فهي تريد الإبقاء على الفيتو، فأغلب الأحزاب الإسرائيلية لا ترغب بخيار حل الدولتين، هناك فقط أطراف اليسار الذين يريدون خيار حل الدولتين وهم لا يشكلون الكثير في الحكومة والكنيست الإسرائيلي.
ولفت إلى أن هناك تخوف إسرائيلي من تسونامي اعتراف بالدولة الفلسطينية في الدول الأوروبية، وهو ما ينم عن فشل الديبلوماسية الإسرائيلية في منع اعتراف الدول الأوروبية بالدولة الفلسطينية، مضيفاً أن هذا الاعتراف جاء بعد يومين من طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرة جلد لرئيس الحكومة الإسرائيلية ووزير جيشه وهو ما يعني أن الرواية الإسرائيلية ضُرِبت وديبلوماستها لم تعد قادرة على تبرير أعمالها وشعار الدفاع عن النفس لم يعد مُجدي ولم يعد قادر على حمايتها في ظل استخدامها للقوة المفرطة ضد الشعب الفلسطيني، فهي ترى أنها تنهار أمام العلاقات الدولية وتخاف مستقبلًا من العزلة، فهم مثلاً بعد القرار قاموا باستدعاء سفراء هذه الدول ومنعوهم من دخول الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما سيشكل خللاً في العلاقة مع هذه الدول
وأوضح أن وجود المقاطعة والاحتجاجات الطلابية وسحب الاستثمارات يزيد من تخوفها من تطور الأمر لإجراءات أخرى غير خطوة الاعتراف، فقد تسمح الاتفاقيات بين هذه الدول وفلسطين بإمكانية رفع قضايا في المحاكم الوطنية بهذه الدول ضد مجرمين الحرب الإسرائيليين ويصبحون ملاحقين في الدول الأوروبية التي تعترف بدولة فلسطين، فهذه الخطوة قد تكون لها تبعات أخرى أوسع من مجرد الاعتراف والشكل الرمزي الذي يتم الحديث عنه
من جانبه يرى الباحث في الشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي في حديث ل” بالغراف” إن هذا الإعتراف مهم ومن المفترض أن يكون له تبعات على الأرض من ناحية فلسطينية، بمعنى وجود إجراءات أخرى تتعلق باعتبار اسرائيل دولة تحتل دولة أخرى وليست احتلال للأراضي الفلسطينية إنما احتلال لدولة فلسطين، فهذا من الممكن أن يكون لديه تبعات أخرى على الأرض وفي العلاقة مع إسرائيل وسياسة هذه الدول تجاه إسرائيل
وبين أن ردة فعل اسرائيل كانت غاضبة فقد استدعت سفراء من دول النرويج وإيرلندا وفي خطوة مشابهة مع إسبانيا، وهناك رفض لهذا الاعتراف ورفض لقيام دولة، فاقتحام بن غفير للمسجد الأقصى يؤكد على ذلك
وأفاد البرغوثي أن الموقف الإسرائيلي ليس غريباً أو جديداً فنتنياهو منذ اللحظات الأولى لاتفاقية أوسلو وحتى اليوم لديه نفس الموقف برفض قيام الدولة الفلسطينية وصرح بذلك أكثر من مرة، مبينًا أن ردة الفعل الإسرائيلية متوقعة، ولكن الإجراءات فسموتريتش مثلاً وفي رسالة له لنتنياهو يعلن فيها نيته وقف تحويل أموال الضرائب بشكل تام للسلطة الفلسطينية، وهو ما قد يؤدي لانهيارها
وأشار إلى أن غالانت أعلن عن إلغاء قانون الإنفصال بمعنى عودة الاستيطان لشمال الضفة، وهو ما يشمل المستوطنات التي شملها القانون، ما يعني عودة الاستيطان بقوة إلى شمال الضفة وهناك قابلية لذلك حيث تنشط حركات الاستيطان والبؤر الاستيطانية انتشرت في الضفة، مؤكداً أن الإجراءات التي تحدث على الأرض هي تماماً للقضاء على قيام دولة فلسطينية على أرض الواقع، وهي استمرار لسياسة الحكومات الإسرائيلية السابقة حتى اليسارية منها، مؤكداً أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أوضح حكومة في الإجراءات والموقف
وبين أن وسائل الإعلام بدأت في تناول موضوع كيفية تأثير هذا الاعتراف على الإسرائيليين ولكن من المبكر الحديث حول ذلك، ولكن من الممكن أن يصبح التعامل معهم حول إن كان إسرائيلياً يعيش في مستوطنة أو في ” تل أبيب” مثلاً، فمثلاً السفارة الأمريكية في تل ابيب كانت ترفض طلب الفيزا من مستوطن وتحوله على قنصليتها في القدس لأنه يعيش في الأراضي الفلسطينية بحدود العام 67، فكانت ترفض معاملته كالإسرائيلي الذي يعيش بتل أبيب، فكيف ستنعكس الإجراءات على الأرض في الدول التي اعترفت في فلسطين، فهذا غير واضح ولكن هناك تخوف إسرائيلي من وجود تبعات فعلية لهذا الاعتراف