تسنيم دراويش
برعت الفنانة الفلسطينية رنا الفاخوري في صناعة مجسمات فنية تضج بعَبق التراث المعماري الفلسطيني، لتخط حكاية شعب بأكمله ولتعيد ذكريات طوى عليها الزمن وتجسدها بالإسمنت وبعض المواد المعاد تدويرها.
ورثت الفاخوري حب الفنون عن والدها الذي كان يعمل بالخزف، قبل أن تتزوج من صانع فخار فكان محيطها دافع قوي لاتجاهها للفن، خاصة بعد وفاة والدها فكان الفن هو طريقها الوحيد الذي ساعدها على الخروج من الاكتئاب وجعلها إنسانة أكثر إيجابية.
كانت انطلاقة الفاخوري بالفن عن طريق إعادة تشكيل البيوت الفلسطينية المهجرة بالإسمنت، وببعض المواد المعاد تدويرها مثل “الورق، والكرتون”، إضافة لإعادة تدوير الخامات الطبيعية مثل “الخشب، والنباتات الجافة، والرمل، والتراب”، فهذه العملية مهمة جداً من ناحية بيئية وفنية كذلك، كون المواد المعاد تدويرها أساسية بالعمل وليس لها بديل آخر .
طورت الفاخوري موهبتها من خلال التجربة المستمرة، حتى تمكنت من الوصول لمرحلة تستطيع فيها أن تحاكي أي قطعة يطلبها الزبون، وأصبحت القطع الفنية تشكل مصدر دخل مادي لها، فاستغلت دراستها بتخصص إدارة الإعمال في إدارة مشروعها الخاص وأسمته “تذكار”.
وعن مشروعها فتقول شعار تذكار هو نحن القصة التي كانت بكل تفاصيلها القصة التي لم تنته، فالبيوت هي قصتنا بحجارتها و شبابيكها وأبوابها ورائحتها حيث بكل تفصيلة هناك حكاية، مبينة أن أقرب القطع الفنية لقلبها هي التي تحمل نموذجًا لبيوت فلسطينية مهجرة، وأن أسعد لحظة عاشتها بهذا الخصوص عندما طلبت منها فتاة عمل نموذج مصغر لبيت جدها من صورته لتهديه لوالدها، مشيرة إلى أنها كانت تنتظر ردة فعل الأب عندما يرى الهدية فعندما عَلِمَت أنه بكى بكيت هي أيضاً، مفيدة أنها شعرت بمزيج من الألم والفرح، الألم على حال الشعب والفرح لأنها استطاعت إيصال رسالتها عن طريق الفن
لم تقتصر أعمال الفاخوري على إعادة إحياء البيوت القديمة فهي عَمِلَت أيضاً على تصميم أصص زراعية، وبسبب تواجد الأصص بحياتها بشكل دائم كون زوجها صانع فخار وبالرغم من كون الفخار عمل تراثي لا يضاهي بجماله و فعاليته الزراعة، إلا أنها أرادت أن يكون هناك مقصداً آخر غير الزراعة من الأصيص، حتى بدأت بتصميم الأصص بناء على طلب الزبون الخاص لتكوّن تحفة فنية كاملة، ولإضافة الحياة للقطعة الفنية اختارت أن تزرعها بالصباريات كونها تتحمل العوامل الجوية المختلفة، بالإضافة لأحجامها الصغيرة التي تتناسب مع قطعها الفنية.
لم تكن نظرة الفاخوري للطبيعة نظرة عابرة فمنذ طفولتها وهي تهتم بالتفاصيل الصغيرة لدرجة أنها كانت تتفحص نتوءات الأحجار بشكل دقيق جداً، ولذلك فأول ما تبدأ به في تصميم أي تحفة فنية هي التفاصيل الصغيرة وبعدها تنتقل للشكل العام، لتكتشف في النهاية أنها خرجت بنتيجة أفضل مما كانت تتخيل.
شجعت الفاخوري النساء على تجربة الفن بأشكاله كطريقة للتعبير عن ذواتهن، ورحبت بكل امرأة تود أن تصنع تذكارها الخاص، وذلك من خلال تقديم ورشات عمل للنساء في مختلف أنحاء فلسطين، ونتيجة للطلب الكبير خارج البلاد وصعوبة توصيل المنتجات بدأت بتقديم دورات للمغتربين عبر الإنترنت وسط اهتمام كبير ونجاح غير مسبوق.
مُرفق واحد • تم الفحص من قِبل Gmail.