loading

خيوط الأمنية: صغيرة فقدت إبهامها فكان التطريز إلهامها

تسنيم دراويش

في مدينة دورا جنوب الخليل كانت الطفلة أمنية الشرحة محط أنظار واهتمام الأهالي قبل خمس سنوات، بسبب معاناتها من مرض خطير تسبب بفقدانها إبهام يدها اليمنى وهي بسن الحادية عشرة من عمرها، محنة حولتها أمنية لمنحة شقت بها طريقها نحو أحلامها وأمانيها التي توجتها بمشروع “خيوط الأمنية” الذي استطاع تحقيق المركز الأول في “هاكثون السياحة المجتمعية” 

أمنية ابن الستة عشر ربيعًا تروي في حديث ل” بالغراف” كيف بدأت رحلتها مع مشروعها، فتقول إنها بدأت عقب إصابتها بمرض خطير في يدها، ما أدى لبتر إبهام يدها اليمنى، مضيفة أنه كان من المقرر لها أن تبدأ بجلسات علاج طبيعية، لكنها رفضت ولجأت للإبرة والخيط، وبدأت بتعلم فن التطريز عبر الإنترنت، ورغم أن فقدان الإبهام كان تحديًا، إلا أن أمنية وجدت في باقي أصابع يدها أداة لتحقيق إبداعها، مؤكدة أنها صحيح فقدت إبهامها، لكن الإلهام جاءها لتبدأ طريق التطريز.

لم يكن طريق الشرحة  مفروشًا بالورود فقد واجهت صعوبات خاصة في بداياتها، مبينة أنه في البداية لم تبدو القطع التي تطرزها جميلة وكان بعض الأشخاص ينظرون إليها بشفقة وكأنها لا تستطيع القيام بذلك، ولكن إصرارها وتحديها للنظرات المحبطة جعلها تواصل تطوير مهاراتها، إلى أن وصلت إلى إنتاج قطع ذات جودة عالية، بدأت بإهدائها للأهل والأصدقاء ونتيجة لردود الفعل الايجابية بدأت ببيع قطعها عبر  صفحاتها الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي.

لم يكن التطريز بالنسبة للشرحة مجرد حرفة بل هو عالمها الخاص وحلمها، عالم تملؤه الألوان والأفكار المبدعة التي تعكس حبها للحياة رغم كل الظروف التي مرت بها، ولتحقيق حلمها بدأت بالاعتماد على نفسها منذ الصغر حيث دعمت مشروعها بمصروفها الشخصي، إلى جانب الدعم النفسي من العائلة والأصدقاء، وفي شهر أكتوبر من العام المنصرم قررت افتتاح مشروعها الخاص “خيوط الأمنية”، فكان هذا الإسم لأنه يجمع بين اسمها الذي يحمل في ذاته معانٍ كبيرة، وبين الخيوط التي كانت وسيلتها لتحقيق أحلامها، فبالنسبة لها لم تكن الخيوط مجرد أداة بل كانت جسرًا لتحقيق أمانيها.

ولكن الحرب كان لها رأي آخر فبدأت الحرب بعد افتتاح مشروعها بأيام قليلة، مشيرة إلى أنها لم تخف من توقف الحرب مشروعها واستمرت به متوكلة على الله، مؤكدة أنها رسمت بالخيوط طريقها في أصعب الظروف ولم يخب ظنها فالطلب لم يقل بالحرب لأنها تقدم قطع خاصة تتناسب مع كل الأذواق والمناسبات بأسعار مناسبة لجميع الفئات ولا تعد باهظة الثمن مقارنة بالمشاريع المشابهة بالسوق، ويشمل مشروعها على تشكيلة منوعة من المنتجات المطرزة، مثل “الحقائب، الطارات، والملابس منها ” قميص الكرز وهو أقرب قطعها لقلبها والذي صممته بنفسها بعد بحث طويل عن قميص مزين بالكرز دون جدوى إلى أن تلطخ قميصها الأبيض بالحبر الأحمر فقررت إعادة تدويره بتطريز حبات الكرز على بقع الحبر الأحمر محققة حلمها في امتلاك قميص من هذا النوع”، إضافة إلى ذلك فإنها تقدم خدمات تعليمية للمبتدئين عبر صفحة  “خيوط الأمنية” على الانستجرام، وتخطط لتوسيع هذا الجانب بإطلاق كورسات تعليمية شاملة بعد أن تُنهي الثانوية العامة.

شاركت الشرحة مؤخرًا في “هاكاثون السياحة المجتمعية” الذي نظمته جامعة بيت لحم، وكان هذا الحدث بمثابة نقطة تحول محورية في حياتها، حيث في البداية لم تكن تعرف ماهية الهاكاثون وظنته مجرد تدريب عادي لكنها خاضت التجربة بشغف كبير، فكانت أصغر مشاركة ولكنها استطاعت تحقيق المركز الأول من بين 40 فكرة قدمت في الفعالية، مفيدة بأن هذه التجربة منحتها إحساسًا رائعًا ومختلفًا، حيث أتيحت لها الفرصة لمشاركة قصتها وتجربتها مع العالم دون أي تحضير مسبق، إلى جانب ذلك، ستتلقى دعمًا ماديًا سيساعدها على تطوير مشروعها في المستقبل.

ورغم انشغالها طيلة الوقت إلا أنها تستطيع التوفيق بين دراستها وعملها، من خلال  قدرتها على تنظيم وقتها بشكل جيد، حيث تجد دائمًا الفرصة لإتمام دروسها والاهتمام بطلبات زبائنها، مؤكدة أنه ورغم أنها الآن في مرحلة الثانوية العامة إلا أنها لن تتوقف، مبينة أنها تطمح عقب إنهاء دراستها تأسيس متجر خاص بها، يكون وُجهة للزوار من مختلف الأماكن.

كما وتتأمل الشرحة بأن تصل قصتها لجميع أنحاء العالم العربي، بهدف إلهام الآخرين بأن الله يعوض الإنسان أضعاف ما فقده إذا كان لديه إيمان قوي، موجهة رسالتها للناس بأن يجعلوا إيمانهم بالله دائمًا قويًا فهذا هو سر النجاح، مؤكدة  أن كل إنسان يملك القدرة على تحويل التحديات إلى فرص، وأن المثابرة والإصرار قادران على خلق أفكار جديدة تُسهم في تطوير المجتمع كما حدث معها في رحلتها، داعية الشباب لاكتشاف مهاراتهم وتطويرها.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة