بشار عودة
في خضم الحرب المستمرة على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول للعام الماضي، يقف متطوعو الهلال الأحمر الفلسطيني في الخطوط الأمامية، متحملين المخاطر والتحديات لإنقاذ الأرواح.
من بين هؤلاء الأبطال، يظهر عماد البحيصي ورمضان أبو منديل، اللذان قدّما مثالًا حيًا على الشجاعة والتفاني في ظل ظروف ميدانية قاسية وخطيرة. لكل منهما قصة مليئة بالتضحيات والمواقف الصعبة التي تعرضوا لها خلال تقديم المساعدة الإنسانية وسط الحرب الإسرائيلية الشرسة.
بدأ عماد البحيصي، الذي انضم متطوعًا إلى الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام 2006، رحلته بعد أن تأثر بمشاهد سيارات الإسعاف والمسعفين وهم يرتدون سترات الهلال الأحمر وينقلون المصابين والشهداء.
فضوله دفعه للتقديم كمتطوع في الجمعية، ومنذ ذلك الحين شارك في العديد من الدورات والبرامج التي تقدمها الجمعية، سواء في مجال الإسعاف والطوارئ (101) أو تخصصات أخرى.
خلال الحرب الحالية على غزة التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، واجه عماد تحديات عديدة، من بينها فقدان زملائه أثناء تنفيذهم للمهام، حيث تم استهدافهم بشكل مباشر من قبل الطائرات الحربية.
وذكر عماد البحيصي المتطوع في الهلال الأحمر الفلسطيني أنهم أحيانًا يتوجهون إلى أماكن مستهدفة ليجدوا أنفسهم تحت إطلاق نار مباشر، كما حدث مؤخرًا في مخيم البريج، حيث أسفر الاستهداف عن استشهاد عدد كبير من المدنيين وإصابة آخرين.
وأشار إلى أن الأوضاع الميدانية تزداد صعوبة على حركة الإسعاف بسبب الكثافة السكانية العالية، وسوء البنية التحتية، ومشاكل الصرف الصحي، مما يعيق استجابة طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني.
ورغم إصابته السابقة في مسيرات العودة عام 2018، التي أجبرته على التحول من العمل كمسعف إلى ضابط حركة، وهو عمل يعتمد بشكل كبير على التواصل مع المواطنين، يواصل عماد التزامه تجاه إنقاذ الأرواح.
قبل أن يصبح ضابط حركة، كان عماد مستجيبًا أوليًا، ويعمل على مستوى ثالث في سيارات الإسعاف، لكن إصابته في مسيرات العودة بعد استهدافه بإطلاق نار مباشر من الاحتلال أجبرته على التحول إلى ضابط حركة.
ويقول عماد إنه خلال عمله كـ”ضابط حركة”، واجه تحديات كبيرة خلال الحرب الحالية، منها انقطاع وسائل الاتصال بشكل متكرر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما يؤثر على التواصل مع الجمهور.
ورغم كل تلك التحديات، يأمل عماد أن يستمر في عمله في الهلال الأحمر الفلسطيني، سواء كمتطوع أو موظف رسمي، بعد رحلة طويلة امتدت لأكثر من 17 عامًا.
أما رمضان أبو منديل، متطوع في الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام 2017، فقد بدأ مسيرته التطوعية مع انطلاق مسيرات العودة، حيث عمل في برنامج الرعاية الأولية، ومع اندلاع الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، انتقل للعمل في الإسعاف.
يصف المتطوع أبو منديل عمله بأنه إنساني بالدرجة الأولى، ورغم المخاطر الكبيرة، يؤكد أن الهدف الأساسي هو إنقاذ حياة الإنسان مهما كانت الظروف.
يتحدث رمضان عن الضغط النفسي الكبير الذي يتعرض له فريق الإسعاف، خاصة عند انتشال أشلاء جثامين الشهداء جراء القصف الإسرائيلي.
ويضيف: “من أصعب المواقف التي مرّت علي خلال الحرب كانت حالة امرأة حامل، حيث وجدنا جنينها بجانبها بعد استشهادهما نتيجة قصف من الطائرات الإسرائيلية”.
كما يشير إلى تعرضهم لاستهداف مباشر من قبل الاحتلال، قائلًا: “قبل عدة أشهر، أُصيب اثنان من زملائي أثناء توجهنا لموقع وردت عنه إشارة بوجود أكثر من 70 شهيدًا بالقرب من حاجز أبو هولي، وقد خرجنا تحت قصف عنيف”.
قصص عماد ورمضان تعكس واقعًا مريرًا يعايشه المتطوعون في الهلال الأحمر الفلسطيني بغزة، حيث يقدمون أرواحهم في سبيل إنقاذ الآخرين، ويتحملون أعباء الحرب النفسية والجسدية بروح من التضحية والصمود.