محمد عبد الله
في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لضم فعلي لأراضٍ فلسطينية، صادقت الهيئة العامة للكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، بالقراءة التمهيدية، على مشروع قانون لفرض “السيادة الإسرائيلية” على مستوطنة “معاليه أدوميم” المقامة شرق القدس.
المشروع الذي تقدم به رئيس حزب “يسرائيل بيتينو” أفيغدور ليبرمان، يُعد جزءًا من مخطط أوسع يستهدف توسيع ما يُعرف بـ”القدس الكبرى” وفرض واقع ديمغرافي وجغرافي جديد على الأرض، بحسب ما يؤكد الخبير في قضايا الاستيطان خليل التفكجي.
في السياق، يقول الخبير في قضايا الاستيطان والخرائط خليل التفكجي أن ما يجري في قضية ضم مستوطنة “معاليه أدوميم” له هدفان استراتيجيان؛ الأول يتمثل في إحاطة مدينة القدس بالمستوطنات عبر إقامة حزام ثالث خارج حدود البلدية وضمها إلى داخلها، والثاني هو التغيير الديمغرافي، إذ إن ما يجري في القدس هو صراع على السكان، بمعنى جعل العرب أقلية واليهود أغلبية، وهذا يندرج ضمن هذا الإطار.
ويضيف في حديث خاص مع “بالغراف” أن هناك هدفًا ثانويًا، وليس استراتيجيًا، يتمثل في فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها عبر هذه المنطقة، من خلال إقامة بنية تحتية خاصة بالفلسطينيين في منطقة العيزرية وربطها بمنطقة رام الله، في مقابل بنية تحتية إسرائيلية مختلفة تمامًا.
ويوضح التفكجي أن “البنية التحتية الإسرائيلية تقوم على سرعة وسلاسة التنقل، بينما تُفرض على الفلسطينيين بنية تتيح حركة بطيئة ومجزأة، وهذا ما يجري الآن فعليًا”.
ويشير إلى أن الجانب الإسرائيلي ينظر إلى “معاليه أدوميم”، التي أُنشئت عام 1975 خارج حدود بلدية القدس، على أنها جزء من استراتيجية إقامة ما يسمى بـ”القدس الكبرى”، الممتدة حتى غور الأردن شرقًا، وتضم كتلة “معاليه أدوميم” والمستوطنات القائمة.
والهدف، وفق التفكجي، هو وضع مدينة القدس في قلب الدولة العبرية بعد أن كانت مدينة هامشية، “فإسرائيل تريد أن تُحاط هذه المدينة بالمستوطنات من أجل حماية العاصمة، باعتبار أن سقوطها يعني سقوط الدولة”.
ويكشف التفكجي عن مشاريع إسرائيلية مرافقة للمخطط، من بينها “إقامة مطار في منطقة النبي موسى يستقبل 35 مليون مسافر سنويًا، بينهم 12 مليون سائح، إلى جانب إنشاء بنية تحتية كاملة من شوارع عريضة وشبكات مياه وصرف صحي، مترافقة مع عملية تطهير عرقي للفلسطينيين في التجمعات البدوية في المنطقة”.
كما يوضح أن ما يجري هو محاولة إسرائيلية لربط تجمعات وكتل استيطانية كبرى بمدينة القدس، تشمل تجمع “غوش عتصيون” المكوّن من نحو 14 مستوطنة في الجهة الجنوبية الغربية، وتجمع “جفعات زئيف” المكوّن من 5 مستوطنات شمال غرب المدينة، بالإضافة إلى تجمع “معاليه أدوميم” شرقها. وقد جرى بالفعل ربط هذه الضواحي بشبكة الطرق السريعة المؤدية إلى القدس، ولم يتبقَّ سوى “شرعنة” الضم قانونيًا.
ويختتم التفكجي بالإشارة إلى أن مساحة القدس الغربية اليوم تبلغ نحو 126 كيلومترًا مربعًا، وفي حال تنفيذ ضم الكتل الاستيطانية المحيطة بها، فسترتفع المساحة إلى 193 كيلومترًا مربعًا، أي ما يعادل 10% من مساحة الضفة الغربية بأكملها، وهو ما يكرس واقعًا جديدًا على الأرض يصعب التراجع عنه مستقبلاً.




