loading

البنوك تجتهد لإعادة إحياء القطاع المصرفي في غزة

جيفارا سمارة

يحاول القطاع المصرفي (السلطة النقد والبنوك) إعادة إحياء القطلع المصرفي المشلول، في قطاع غزة المدمر بسبب حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، بعد عامين كاملين من توقف العمل.

وأغلقت البنوك والمؤسسات المصرفية في قطاع غزة أبوابها في اليوم الأول للعدوان في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنها أعادت فتح أبوابها خلال فترات وقف إطلاق النار رغم غياب الأمن والظروف الميدانية المعقدة وما تسببت به حرب الإبادة التي شنّتها دولة الاحتلال على القطاع. 

وكخطوة أولى في هذا المسعى، وعقب رفض الاحتلال الإسرائيلي، ادخال أي سيولة نقدية إلى قطاع غزة المحاصر، بدأت ستة فروع تابعة للبنوك بالعمل في قطاع غزة وتقديم خدماتها للجمهور، وفتح حسابات جديدة، والنظر في تفاصيل الحسابات التي أغلقت خلال الحرب لتفعيلها وتفعيل الحسابات القديمة.

سلطة النقد: الجهود منصبة لإعادة تشغيل المصارف تدريجيًا حتى التعافي التام 

وأشارت سلطة النقد في معرض الرد على أسئلة لـ”بالغراف” أن هذه الخطوة تمثل عملية العودة للجهاز المصرفي إلى العمل في قطاع غزة بعد الحرب، مما يتيح للمواطنين البدء بالحصول على الخدمات الأساسية التي تسهّل حياتهم اليومية بشكل تدريجي، إلى حين توفر الظروف والاحتياجات اللوجستية والأمنية اللازمة لإدخال السيولة النقدية للقطاع وتقديم مختلف الخدمات المصرفية.

وأكدت أن هذه الخطوة ستسهم في التخفيف من معاناة المواطنين عبر تمكينهم من الوصول إلى بعض الخدمات المصرفية المهمة مثل تفعيل الحسابات، استخدام وسائل الدفع الإلكترونية، وإصدار البطاقات، وإنجاز التحويلات، مما يمكنهم من إتمام معاملاتهم اليومية”. وأضافت أنها تسعى بكل جهودها من أجل إعادة تشغيل القطاع المصرفي بشكل تدريجي. وكلما توسعت عملية إعادة التأهيل والتشغيل، كلما تعززت قدرة البنوك على تقديم خدمات أوسع وأكثر فعالية بما يخدم عملية التعافي الاقتصادي في القطاع.

ولفتت سلطة النقد إلى أنها تعمل بالتنسيق مع البنوك على خطة مرحلية لإعادة تشغيل المزيد من الفروع وفقاً لجاهزيتها الفنية والتشغيلية، وسيتم الإعلان تباعاً عن الفروع التي ستدخل الخدمة، بما يشمل مختلف محافظات القطاع، إلى حين عودة العمل في كامل مؤسسات القطاع المصرفي غزة.

98% من البنية البنكية في غزة غير صالحة للعمل

وكانت حرب الإبادة قد ألحقت أضرارًا فادحة في قطاع البنوك، ما جعل وصول المودعين إلى أموالهم في البنوك شبه مستحيل نتيجة الدمار الذي ألحقته آلة حرب الاحتلال في القطاع المصرفي، حيث دمرت ما نسبته 93% من فروع البنوك العاملة في قطاع غزة، تعود لإحدى عشرة بنكًا محليًا ووافدًا كانت تعمل في القطاع، لتصبح ما نسبته 98% من البنية البنكية في غزة غير صالحة للعمل.

وأرجعت المصادر أن عدم شمول الخدمات المقدمة على السحب والإيداع هو نتيجة لعدم سماح الاحتلال الإسرائيلي بدخول السيولة النقدية إلى قطاع غزة حتى اللحظة، ما تسبب ويتسبب في شل الحياة في القطاع.

وتسببت هذه الحالة بظهور سوق سوداء، أو من ما يعرف في قطاع غزة ظاهرة “التكييش” وهي عمولات تتجاوز ال50% أو حتى الـ55% على كل حوالة نقدية ترد إلى غزة.

وفي ظل بدء عودة الحركة التجارية تدريجياً ودخول الشاحنات إلى القطاع، فإن سرعة إعادة تشغيل البنوك تمثل شرطاً أساسياً لإحياء الاقتصاد الغزي، وضمان دوران رأس المال وتسهيل التعاملات التجارية، فبدون نظام مالي قوي ومستقر ستظل غزة رهينة الفوضى النقدية.

أزمة نقص السيولة النقدية

وتعود أزمة السيولة النقدية إلى أسباب تراكمية منذ عدة سنوات كما يقول الباحث في الشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر، وينص بروتوكول باريس الاقتصادي الموقّع بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية عام 1994 على أن يضخ الاحتلال ما يحتاجه قطاع غزة من سيولة نقدية، ويخرج الفائض منها وقت الحاجة التي تقررها سلطة النقد الفلسطينية، وكان ذلك منتظمًا حتى قبل فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع عام 2007.

وبعد تولي حركة حماس حكم قطاع غزة أصبح الاحتلال يدخل كميات غير منتظمة من السيولة تتراوح ما  30% إلى 50% من احتياج القطاع فقط.

خلال فترة الحرب، وبسبب غياب الرقابة استغلت العصابات الإجرامية المجال أمامها لتنشئ سوقًا سوداء لتتحكم في حركة الأموال وتفرض سطوتها على عمليات السحب والتحويل والصرف، بعمولات تجاوزت 52% على سحب الأموال من الحسابات البنكية. هذه النسبة الصادمة جعلت الكثير يفقد مدخراته، واضطر التجار والمواطنون إلى التعامل بشروط مجحفة فرضها واقع الانهيار المالي.

وكانت مصادر من داخل قطاع غزة، تشير إلى وجود أيدٍ خفية تسحب السيولة من الأسواق خاصة من فئة 200 شيكل، مرجحًا أن يتم ذلك بتوجيهات إسرائيلية، وهي خطوة بديلة عن الخطة التي طرحها سابقًا وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر والتي كانت تدعو لإلغاء العملة من فئة 200 شيكل لزيادة الأزمة في غزة، وأن من يتحكم بنسبة العمولة هم الأشخاص الذين لديهم مبالغ مالية مودعة في حساباتهم البنكية وقرروا العمل بهذه الطريقة مستغلين حاجة سكان القطاع لمبالغ نقدية لشراء احتياجاتهم.

فيما كان الجانب الإسرائيلي يجبر التجار في وقت سابق من الحرب على شراء البضائع بالدفع نقدًا بهدف إخراج السيولة من غزة.

خظوة من المؤمل أن تشكل فاتحة لانفراجة اقتصادية

وقال المحلل والخبير الاقتصادي مؤيد عفانة، لـ”بالغراف” أن هذه حطوة عندما تُستَكمل، مهمة في الاتجاه الصحيح أولًا للقضاء على السوق السوداء التي أرهقت المواطن المُعدم في قطاع غزة، حيث وصلت العمولة على الحوالات في بعض الأحيان لأكثر من 54%.

واعتبر عفانة أنه من المؤمل أن تشكل هذه الخطوة فاتحة لما بعدها لتشكل انفراجة اقتصادية في قطاع غزة.

وأكد أن هذا لا يعني أن أمورًا كبيرة ومهمة مثل إعادة الإعمار ما تزال بعيدة، وأن هذه الخطوة خطوة في الاتجاه الصحيح.

وعبر عفانة عن أمله بأن تحذو كافة البنوك حذو الفروع الأربعة في كافة المحافظات للتخفيف على أبناء شعبنا في قطاع غزة.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني