loading

وقف إطلاق النار في لبنان: هل نجحت إسرائيل بفصل الجبهات؟!

هيئة التحرير

دخل فجر أمس اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان، وذلك بعد أكثر من عام على دخول حزب الله اللبناني جبهة إسناد لغزة، اتفاق ينص على وقف الاحتلال لعمليات القصف في الجنوب اللبناني والإنسحاب التدريجي من المناطق الحدودية، مع ضمان وقف حزب الله لكافة عملياته ضد الاحتلال، وذلك بضمان أمريكي فرنسي، فما أبعاد هذا الاتفاق؟! 

الكاتب والمختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي قال في حديث ل” بالغراف” إن هناك إنتقادات إسرائيلية كبيرة لهذا الإتفاق، حيث تقييم الإتفاق يعتمد على مدى تحقيق إسرائيل لأهدافها من حربها في لبنان، مضيفًا أن المنظور الإسرائيلي العام يطالب بحرب تقضي على حزب الله وتجرده من السلاح وتمنع وجوده في منطقة جنوب نهر الليطاني، وذلك مع القضاء على التهديد الصاروخي تحديدًا وهو الشيء الذي لم يتحقق، مفيدًا أنه حتى عودة بعض سكان الجنوب اللبناني للجنوب قبل عودة مستوطني الشمال للشمال آثار انتقادات شديدة.

وأكد أن هناك إنتقادات أيضاً على المستوى السياسي داخل الإئتلاف الحكومي ضد هذا الإتفاق، وفي ذات الوقت حظي الإتفاق بدعم من داخل المعارضة، مشيرًا إلى أن عائلات الأسرى الإسرائيليين شنوا هجومًا شديدًا على أعضاء الكنيست مطالبين بالذهاب لصفقة، حتى أنهم أيضًا قاموا بعمل مقارنة بين حزب الله الأقوى والذي من المفترض أن يتم استكمال المعركة معه إلا أنه تم عمل إتفاقية معه، فيما مع حركة حماس والتي تأسر 101 إسرائيليًا ووضعها العسكري بات أسوأ من وضع حزب الله يُمتنع عن عقد صفقة معها، وهو ما يضع علامات استفهام كبرى على هذا الموقف.

ولفت البرغوثي إلى أن هناك مواقف مختلطة في إسرائيل حيث نتنياهو يروج لهذا الاتفاق والذي من خلاله يحاول إنهاء الجبهة مع لبنان مع محاولة تحقيق مكاسب فصل الجبهات، لكنه بذات الوقت لم يسلم من الإنتقادات وحتى من داخل الإئتلاف الحكومي، مبينًا أن هذه الانتقادات لن تتحول لإجراءات الإنسحاب من الإئتلاف الحكومي خاصة من قبل بن غفير الذي عبر عن معارضته الشديدة لهذا الإتفاق، لكنه لم يهدد من الانسحاب من الحكومة. 

وأكد أن إسرائيل وجهت ضربات قوية لحزب الله على المستوى السياسي والقيادي والعسكري وعلى مستوى القدرات، مشيراً إلى أنه إن تم تنفيذ بنود الإتفاق كاملًا كما هو مطروح فإنه سيقلص أو سيمنع التواجد العسكري للحزب في الجنوب وهو يحسب إنجازا لإسرائيل، ولكن التهديد الصاروخي للحزب يتجاوز المنطقة المشار إليها، خاصة إذا استطاع الحزب الاحتفاظ بقدراته العسكرية في ظل المعادلة الطائفية والسياسية في لبنان التي ستتجنب الدخول في مواجهة مع الحزب لأمن إسرائيل.

 وأوضح البرغوثي أن هذه هي الإشكالية الكبرى داخل إسرائيل تجاه هذه الإتفاقية، ولذلك يُرى من قبل كثير من المحللين وحتى الداعمين لهذا الإتفاق في هذه المرحلة أن أهداف الحرب لم تتحقق، حيث لم يتم القضاء على الحزب ولم يتم تحقيق الأمان لمستوطني الشمال للعودة لمستوطناتهم، فرئيس بلدية المطلة دعا سكان المطلة لعدم العودة وأن يتوزعوا في الداخل وأنهم لن يعودوا في ظل شروط الصفقة الحالية.

من جانبه يرى المحلل السياسي جهاد حرب في حديث ل” بالغراف” أنه في هذه الحروب لا يوجد منتصر ومنهزم، ولكن حزب الله تعرض لضربات قاسية على مستوى القيادة السياسية والعسكرية من خلال اغتيالهم، وكذلك فإن قدرات حزب الله تعرضت لضربات واسعة وكبيرة، مضيفًا أنه في ذات الوقت تعرضت قوة الردع لدى إسرائيل للكثير من التهشيم وبالتالي فإن إسرائيل لم تنتصر وحزب الله لم ينهزم.

ولفت إلى أن هذا يشير إلى أن الإشكالية الرئيسية بقيت كما هي وهو وجود الاحتلال، حيث قد تنخفض حدة التوتر وقد تتوقف لعدة سنوات من خلال اتفاقية وقف إطلاق النار، ولكن على الأغلب سيعود التوتر لهذه المنطقة وهو ذات الحال في حالة حدوث وقف لإطلاق نار في غزة، إلا أن عودة الاشتعال ستكون ممكنة لأن الإشكالية الرئيسية بقيت باستمرار الاحتلال في هذه المنطقة.

وقف إطلاق نار محتمل في غزة

وحول إمكانية عقد وقف لإطلاق النار في غزة عقب هذا الاتفاق يأمل حرب أن يُسهم وقف إطلاق النار في لبنان بوقف الحرب على غزة، مؤكداً أن كافة القضايا مترابطة مع بعضها البعض ولكن ليس بشكل أوتوماتيكي، بمعنى أنه ربما لن يتم حصول وقف لإطلاق النار في غزة على الرغم من حصوله في لبنان، أو ربما يكون هذا الاتفاق مَدخلًا لمزيد من الضغط على الحكومة الإسرائيلية للوصول لوقف لإطلاق النار في غزة.

 وبين حرب أنه من الواضح من استطلاعات الرأي في إسرائيل خلال اليومين الماضيين، أنها تشير إلى رغبة واسعة من الجمهور للوصول إلى إتفاق، وذلك لأنهم يعتقدون أن الأولوية لعودة الأسرى الإسرائيليين متعلقة بالجانب العسكري، معتقدًا أن الضغوطات ستزداد على الحكومة الإسرائيلية للوصول إلى اتفاق بالرغم من اختلاف أهداف الحرب الإسرائيلية على لبنان مقارنة بأهدافها بالحرب على غزة، ولذلك قد نشهد خلال الأسابيع القادمة الوصول أو قرب الوصول لاتفاق في غزة.

بدوره يرى البرغوثي أن هذه الاتفاقية من المفترض أن تدفع باتجاه وقف إطلاق النار في غزة، ولكن على الإعتبار الخاص بنتنياهو سواء على مستوى محاكمته التي حاول التذرع بالحرب وأنه لا يستطيع الإدلاء بشهادته نظراً لإدارته للحرب وليس لديه استعداد للإدلاء بهذه الشهادة، مضيفاً أن نتنياهو يريد إبقاء اسرائيل في حالة طوارئ وبالنسبة إليه غزة هي المحور والجبهة الرئيسية الآن والضفة أيضًا، وذلك من أجل البقاء في حالة الطوارئ وأن يُبعد عن نفسه شبح المساءلة والتي هي لجنة التحقيق حيث يوجد الآن ضغوطًا لمحاولة مساومة المحكمة الجنائية لإقامتها.

وبين أن لجنة التحقيق رسمية وليست لجنة تحقيق سياسية أو حكومية كما يحاول نتنياهو تشكيلها وذلك بهدف محاولة تعطيل أو إلغاء أوامر الاعتقال، مضيفًا أن نتنياهو يريد إبقاء إسرائيل في حالة طوارئ ليمنع تشكيل لجان حيث وضع شرطًا بأن لا يتم تشكيل أي لجان تحقيق في أحداث السابع من أكتوبر قبل نهاية الحرب، ولذلك فهو يريد إطالة أمد الحرب في غزة للهروب من المساءلة وهو ما يجعل المحللين متشائمين من إمكانية الذهاب لصفقة في غزة، لأن ذلك يعني انتهاء الحرب وبداية المساءلة لنتنياهو وهو الشيء الذي لا يريده.

وأكد أن لجنة التحقيق الرسمية في إسرائيل هي عبارة عن محكمة فعلية يقودها رئيس المحكمة العليا حيث قراراتها مُلزمة، وإذا ما أدانت نتنياهو بالمسؤولية المباشرة سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا عن أحداث السابع وما سبقها وما تلاها، فقد يخسر منصبه وقد يحاكم جنائيًا في قضية الإهمال الذي أدى لأحداث السابع من أكتوبر، مضيفًا أن نتنياهو ليهرب من ذلك فإنه يريد حرب لا نهاية لها في غزة.

رد إيراني مرتقب

وحول تصريحات نتنياهو بالتفرغ الآن للاستعداد للرد الإيراني المرتقب أوضح البرغوثي أنه حديثه هذا يأتي بعد تصريحات إيرانية بأنها سترد على الضربة التي تعرضت لها، مضيفًا أن نتنياهو يستخدم شبح إيران بشكل دائم حتى لو لم تهدد إيران بضربة، وذلك كي يُبقي إسرائيل أيضًا في حالة طوارئ فهو عادته أن يُبقي إسرائيل في حالة توتر مع وجود عدو لها، وذلك لكي يُحافظ على منصبه وادعاءاته ويظهر نفسه كقائد، مشيرًا إلى أنه لو انتهت الحرب في غزة فإنه سيحاول إبقاء حالة التوتر مع إيران كي يَبقى في نفس السياق للمحافظة على منصبه وإبعاد شبح المساءلة عنه.

  فيما يرى حرب أنه وعلى مدار ١٥ عامًا ومنذ عام 2009 إلى اليوم ونتنياهو يهدد بضرب المشروع النووي الإيراني ولكنه عندما جاء الوقت الذي مَكنه من القيام بذلك لم يذهب لضربه، مضيفًا أنه يضع إيران كبعبع في المنطقة ويجعل الحديث عن الصراع مع إيران كمحاولة لتغييب الأنظار عن الصراع الأساسي وهو الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وذلك لتغييب الأنظار عنه، مستبعدًا احتمالية وجود حرب قريبة مع إيران وذلك على الرغم من محاولات نتنياهو الحديث عن ذلك، الذي قد يحاول إغراء الإدارة الأمريكية بذلك.

فصل الجبهات 

يتساءل الكثير حول موضوع فصل الجبهات عقب توقيع هذه الاتفاقية يؤكد حرب أن إسرائيل نجحت من خلال وقف إطلاق النار في لبنان بفصل الجبهات، وهي جبهة الإسناد الأهم التي كانت وهي الأوسع والأقرب خاصة من خلال القدرات المتوفرة لحزب الله، وهي الأكبر من قدرات الآخرين لأن الإسناد كان دائماً و مباشرًا وسريعًا، فيما الإسناد من جبهات أخرى جغرافية مثل اليمن والعراق قد تكون غير منتظمة ولذلك تأثيرها على إسرائيل محدودًا مقارنة بتأثير الحزب، ولذلك فإن إسرائيل قد نجحت في فك الجبهات وخاصة جبهة لبنان. 

فيما يرى البرغوثي أن فصل الجبهات هو أحد أهداف نتنياهو، وأنه إن تحقق هذا الهدف لنتنياهو من الصفقة بفصل الجبهات فالوضع سيكون صعباً جداً في غزة، وذلك لأن العبء العسكري في المواجهة مع حزب الله سيتراجع بشكل كبير، وجيش الاحتلال سيتفرغ بقوة أكبر في غزة مع حصوله على الغطاء والدعم الدولي وخاصة الأمريكي.

المطلوب فلسطينيًا 

 حرب أشار إلى أن الأمور صعبة ومن الواضح أنه لا توجد نهايات مُبشرة، وذلك نظرًا لحجم الدمار الهائل والمعاناة الواسعة التي لحقت بالشعب الفلسطيني وذلك في ظل غياب قيادة موحدة للشعب.

وأكد أن المطلوب فلسطينيًا هو توحيد الجهود الفلسطينية وإنشاء حكومة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومحاولة الضغط للوصول لوقف لإطلاق النار بغزة، وهذا يتطلب أن تفوض حركة حماس منظمة التحرير الفلسطينية بالتفاوض حول القضايا المتعلقة بالحرب في القطاع، وذلك حتى يتم تقليص المعاناة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة تحديدًا.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة