loading

في غزة صفقة مُرتقبة أم مجرد أحاديث إعلامية؟! 

هيئة التحرير 

تتزايد الأخبار المتعلقة باحتمالية إبرام صفقة ووقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يومًا في غزة، مع استمرار المفاوضات للتوصل لاتفاق شامل خلال هذه الهدنة المؤقتة، فهل بتنا أمام نهاية لحرب الإبادة المتواصلة منذ 14 شهرًا، وما احتمالية نجاح هذه الهدنة؟! 

 المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي بين أن هناك أكثر من اتجاه في وسائل الإعلام الإسرائيلية والمحللين الإسرائيليين بشأن الحديث عن الصفقة ولكن هناك حالة من التشاؤم، حيث المطلوب إبداء مرونة من كلا الطرفين، ولكن بعض المحللين يرون أن حماس قدمت نوعًا من المرونة وقد تقبل بصفقة لا تتضمن التعهد الإسرائيلي بوقف الحرب في المرحلة الأولى على الأقل، ولكنها لم تتنازل عن ضرورة إنهاء الحرب وعن ضرورة إطلاق سراح أسرى من كبار الأسرى وضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة. 

وأضاف أنه في المقابل يرون أيضاً أن نتنياهو لم يُبدي أي نوع من المرونة في هذا الاتجاه فهو يُصر على الاستمرار في الحرب ما يجعل حالة التشاؤم تسود في نظر المحللين الإسرائيليين الذين يقولون إن الأطراف الوسيطة بذلت جهدًا وقدمت مقترحًا يتضمن المرونة من الطرفين، مشيراً إلى أنه في نظر بعض المحللين حماس بذلت خطوة تجاه الصفقة لكن نتنياهو ما زال مترددًا، مفيدًا بأن عائلات الأسرى الإسرائيليين والمحللين يقولون إن سبب عدم التوصل لصفقة هو إدراك نتنياهو بأن الصفقة تعني بداية نهاية حياته السياسية، فهو سيسعى لإعاقة الأمر ولحرب طويلة الأمد أو بلا نهاية في غزة. 

من جانبه المحلل السياسي نهاد أبو غوش قال في حديث ل” بالغراف” إن كافة المؤشرات تدل على أنه جرى الاتفاق على الخطوط العريضة لإبرام صفقة، ولكن ما زال هناك الكثير من التفاصيل، مشيرًا إلى وجود العديد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية داخليًا وخارجيًا، إضافة للأزمة داخل الجيش، خاصة أنه وبعد إنجاز وقف إطلاق النار في لبنان جرى الحديث في الكثير من الأوساط الإسرائيلية بأن الوقت قد حان لإبرام صفقة في غزة. 

وأشار إلى أنه بعد القتل والتدمير واغتيال قادة حركة حماس،  والخشية المتزايدة يومًا بعد يوم من مقتل الأسرى واحدًا تلو الآخر سواء من خلال عمليات الجيش أو تدهور حالتهم الصحية، إضافة إلى الضغط الذي يمارسه ترامب حيث بدأ بإرسال مندوبيه للتعامل مع الأطراف المختلفة، إذ أرسل مندوبه ويتكوف للقاء رئيس الوزراء القطري ونتنياهو، إضافة للجهود المصرية والقطرية والتركية والأمريكية، فكل هذا ضاعف من إمكانية إبرام صفقة، مضيفاً أن إسرائيل تعمل من أجل بقاء طويل الأمد في غزة من خلال الإنشاءات والمباني الثابتة وعمليات التطهير العرقي وإيجاد مناطق معزولة. 

هدنة مؤقتة فقط 

أيهم أبو غوش بين أن إسرائيل تصر على أنه لن يكون هناك إعلانًا عن وقف لإطلاق النار، فهي تتحدث عن وقف مؤقت لمدة 60 يومًا لإدخال المساعدات والانسحاب التدريجي والجزئي من القطاع، وذلك دون تقديم أي وعد بوقف إطلاق النار أو بالانسحاب الكامل، مفيدًا بأنه وعلى ما يبدو فإنهم قدموا الوعد بالانسحاب الجزئي من قطاع غزة. 

وأردف أن ما يجري الحديث عنه هو الاتفاق الجزئي المؤقت والذي لا يشمل جميع الأسرى الإسرائيليين، بل يشمل الحالات الإنسانية من “كبار السن، والمرضى، والنساء”،  إضافة إلى أن إسرائيل أبدت بعض التنازلات الطفيفة في موضوع الانسحاب الجزئي مع الوعود بأن يبدأ النقاش بشكل أوسع لباقي القضايا خلال الفترة المؤقتة ال60 يومًا. 

بدوره يرى البرغوثي بأنه في أفضل السيناريوهات فإن إمكانية تنفيذ المرحلة الأولى مرحلة إطلاق عدد محدد من الأسرى الإسرائيليين على فترة تمتد ل42 يومًا، ثم من الممكن أن يختلق نتنياهو أي ذريعة للعودة إلى الحرب ومنع تنفيذ المراحل الثانية أو الثالثة من الصفقة التي من الممكن التفاوض عليها خلال المرحلة الأولى، هذا ربما أفضل السيناريوهات المتفائلة في اسرائيل تجاه الصفقة. 

وبين البرغوثي أن نتنياهو وحالة أن مصيره مرتبط بنهاية الحرب بغزة تجعل هذا السيناريو أو النقاش المطروح منذ فترة طويلة لم يتغير حتى الآن، حيث يوم أمس قال شقيق أحد الأسرى الإسرائيليين أن نتنياهو لا يريد انهاء الحرب والجيش انجر وراءه إلى حد كبير في مرحلة ما وتسبب بمقتل 36 أسيرًا اسرائيليًا، وأنه على الجيش أن يقول لنتنياهو كفى لأن العمليات تؤدي لمقتل الأسرى الإسرائيليين ولكن بالنسبة لنتنياهو فإن ذلك لا يهمه لأنه يريد الحفاظ على حكومته وبقاءها. 

وأردف أن ترامب يحاول أن تُبرَم الصفقة قبل دخوله للبيت الأبيض بمعنى أن يستلم الملف نظيفًا، ولكن من الصعب افتراض أن هذا الأمر سيتحقق قبل العشرين من يناير القادم، وذلك لأن العقبة في اسرائيل رغم أن الإدارة الأمريكية الحالية قلبت الأمر وتتهم الفلسطينيين بأنهم من يعرقلون الصفقة، رغم علم الجميع أن مقترح نتنياهو الذي تبناه بايدن ومجلس الأمن ووافقت عليه حماس عطله نتنياهو ما أعاق إبرام صفقة منذ عدة أشهر، ولذلك هناك حالة من  التشاؤم من قدرة الإدارة الحالية على التوصل لصفقة، وذلك لأن النقطة الرئيسية ستعود لقرار نتنياهو وشركائه الذين يهددونه بإنهاء الائتلاف الحكومي إذا ذهب لصفقة تُنهي الحرب. 

تشاؤم أكثر من التفاؤل 

 البرغوثي أوضح أن حالة التشاؤم تسود بشكل أكبر، بحيث وإن تم البدء بمفاوضات فالتجربة تشير إلى أن نتنياهو في اللحظة الأخيرة سيأتي إما بشروط جديدة أو مبادئ جديدة كما طرحها ذات مرة، أو ربما بعقبات جديدة تهدف إلى إفشال المفاوضات، وذلك إما بفعل شيء على الأرض أو بتصريحات تؤدي لردة فعل من حركة حماس ما قد يؤدي لإفشال المفاوضات، وهو ما حدث في المرات السابقة وقد يتكرر لأن ظرف نتنياهو الشخصي لم يتغير، بل ربما مشاكله بدأت تتعمق لأن محاكمته باتت قريبة كما أن الضغط عليه كبير بشأن لجنة التحقيق وهو يواجه أمر اعتقال دولي، وهو ما قد يوتره ويضغطه لمحاولة الإبقاء على الوضع كما هو. 

ويشعر البرغوثي بعدم التفاؤل، لأنه في الثوابت والمتغيرات  فإن الثابت الوحيد هو أن نتنياهو يرى نهاية مصيره الشخصي والسياسي مرتبطًا بالصفقة، وهو سبق وأن ضحى بعدد كبير من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة وبالجنود والاقتصاد الإسرائيلي وبسمعة اسرائيل، كما أنه دخل بحرب مع حزب الله وبمواجهة مع إيران، وذلك فقط لأنه كان يرفض الصفقة فما الذي استجد وما الذي تغير كي يذهب ويوافق على الصفقة حالياً، ووضعه سياسيًا وقضائيًا وعلى المستوى الدولي أسوأ من وضعه قبل المرحلة الحالية.

بدوره يرى أبو غوش بأن حركة حماس أبدت مرونة في موافقتها على جدولة الانسحاب، وليس أن يكون انسحابًا شاملاً ومسبقًا وبالتالي فإن رهان الوسطاء على أن هذه الصفقة المؤقتة سوف تخلق ديناميكيات وآليات تؤدي لوقف إطلاق نار كامل، خاصة وأن هذا مطلب قطاع عريض من الجمهور الإسرائيلي إضافة للضغط الأمريكي بهذا الاتجاه، مبينًا أن هناك خشية في إسرائيل بتورط الجيش بمزيد من الاستنزاف والقتال وهو ما قد يؤدي لإنشاء جو معادٍ لإسرائيل يطالب بمزيد من الاعتقالات ومذكرات التوقيف في المحاكم الجنائية الدولية. 

ولفت إلى أنه من الممكن خلال الأيام المقبلة التوصل لهذا الإتفاق الجزئي، لأنه كان هناك وفدًا إسرائيليًا في القاهرة الخميس المنصرم وعاد لمناقشتها في اسرائيل ومن ثم سيعود للقاهرة، مشيراً إلى أن إحدى العقبات أمام الاتفاق قد حُلت من خلال التفاهمات الفلسطينية الفلسطينية بإنشاء لجنة إسناد مجتمعية، حيث من أشرف عليها وساعد في بلورتها هو نفس الوسيط المصري الذي يعمل على بلورة اتفاق الهدنة المؤقتة. 

 وأضاف أبو غوش أن إسرائيل كان تتمسك بموقف لا بقاء لسلطة حماس في غزة ولا عودة للسلطة الفلسطينية لغزة، فأتت هذه الصيغة في محاولة للالتفاف على هذه العقبة من خلال تشكيل لجنة مستقلة مجتمعية من غزة بإشراف الحكومة والسلطة الفلسطينية، مبينًا أن هذه اللجنة لا يمكنها 

العمل تحت ظروف الحرب والتدمير واستمرار المذابح، فلا بد أن يكون هناك نوعاً من الهدنة سواء المؤقتة أو الدائمة لتمكين هذه اللجنة من العمل. 

احتمالية التوصل لهدنة دائمة! 

وشدد أبو غوش على أن احتمال التوصل لصفقة كاملة وشاملة يبقى قائمًا حال التوصل لهدنة مؤقتة، وذلك نظرًا لوجود ضغوطات دولية، معتقدًا أن العنصر الحاسم في هذا الأمر هو ترامب ولكن في ذات الوقت الجميع يعلم بأن نتنياهو لا يريد وقف الحرب، لأن إيقافها سيورطه في مزيد من المحكمة وقد يتفضى الإئتلاف الحاكم الذي يقوده، وبالتالي تبقى الأمور مفتوحة أمام خيارات لنتنياهو لكي يتهرب من هذه الاستحقاق عبر التصعيد وصرف الأنظار نحو جبهات جديدة مثلاً الجبهة السورية الآن أو الضفة، مفيدًا بأنه من الواضح أن نتنياهو يربط كل شيء بمصالحه الشخصية وحساباته الشخصية ومستقبله ومستقبل حكومته.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة