تسنيم دارويش
في قلب قرية “خلاليل اللوز” جنوب شرقي بيت لحم، تبرز قصة نعمة ملش، المرأة الستينية التي لم يُنقص امتداد العمر من همتها شيئًا، فحوَّلت تحدياتها الصحية إلى فرصة زراعية فريدة لتكون أول مزارعة في فلسطين تزرع نبتة الأشواجندا.
بالنسبة لملش لم تكن الأشواجندا مجرد علاج فحسب، بل أداة لتحقيق الاستدامة ودخل مادي يعزز من قدرتها على مواجهة تحديات الحياة.
بدأت رحلة ملش مع الأشواجندا بعد معاناتها الطويلة مع مرض السكري، مبينة أن مستوى السكر في دمها كان يصل إلى 200، وعندما بدأت باستخدام الأشواجندا، انخفض إلى 120 مع التزامها بحمية غذائية، مشيرة إلى أن هذا التحول في صحتها دفعها للبحث عن سبل لتوفير النبتة في فلسطين، إلا أن صعوبة العثور على بذورها محليًا جعلتها تستوردها من الأردن لتبدأ زراعتها في أرضها في “خلاليل اللوز”، لتبدأ مشروعها الزراعي.
ورغم عشقها العميق للأرض منذ الصغر، لم تكن الزراعة بالنسبة لملش سوى هواية حتى بلغت الخمسين من عمرها، ففي تلك المرحلة قررت أن تُحول شغفها إلى مهنة حقيقية، حيث التحقت بدورات تدريبية في الزراعة العضوية المُستدامة، وبدأت بزراعة الأعشاب الطبية مثل “الميرمية، والروزماري”.
ومع مرور الوقت، بدأت في توسيع زراعتها لتشمل الأشواجندا التي كانت نادرة في فلسطين، موضحة أنها اختارت زراعة الأشواجندا لما لها من فوائد صحية كبيرة، وأيضًا فرصة لإفادة مجتمعية.
تتميز ملش بتركيزها على الاستدامة في مشروعها الزراعي، فهي تعتمد على مياه الأمطار ونظام الري بالتنقيط، وتستخدم السماد العضوي لتحسين جودة التربة، كما وتهتم بالاستفادة من كل جزء من نبتة الأشواجندا، حيث تعتبرها أكثر من مجرد نبتة، فهي باتت أملًا زرعته في أرضها، وتهدف إلى أن يستفيد منه كل من حولها.
لم يكن الطريق سهلًا أمامها، فقد واجهت تحديات عديدة، أبرزها سيطرة الاحتلال على الأراضي المحيطة، إضافة لمضايقات المستوطنين للسكان، إلا أن ملش ثابتة في أرضها ، مؤكدة أن الخوف ليس له مكان في قلبها، وهي تعمل في الأرض بإصرار، ولن يمنعنها أي شيء من الاستمرار.
واجهت ملش في بداية مشروعها سُخرية من المجتمع بسبب قلة معرفة الناس بنبتة “الأشواجندا”، لكن ومع مرور الوقت تغيرت نظرتهم عقب معرفتهم بفوائد هذه النبتة بشكل عملي، مشيرة إلى أن الناس كانوا يسألون باستغراب عن هذه النبتة، ولكن بعدما عرفوا فوائدها بدأوا يطلبون منها بذورها، الأمر الذي حفزها على تطوير مشروعها أكثر، مشددة على أن تغير الموقف المجتمعي كان بمثابة حافز إضافي لها للاستمرار في مشروعها، وجعلها تضع خططًا للتوسع.
تطمح ملش إلى أن يصبح مشروعها نموذجًا يُحتذى به في فلسطين وخارجها، فهي تعمل الآن على توسيع إنتاجها ليشمل زيت الأشواجندا وشاي خاص مستخلص من النبتة، كما وتسعى إلى تسويق بذورها عبر العطارين والمشاتل، موضحة أن هدفها هو تحسين صحة الناس، وتوفير دخل ثابت لعائلتها، مشددة على أنها لن تتوقف حتى تُحقق كل ما تصبو إليه.