loading

نساء غزة معاناة مضاعفة مع استمرار الحرب

ترجمة محمد أبو علان/ خاص بالغراف

كل من يعيش في قطاع غزة من نساء وشيوخ وأطفال ورجال يعيش معاناة الجوع والتهجير ونقص الماء والدواء، وذلك بسبب قتل الاحتلال لكل مكونات الحياة في القطاع الصحية والتعليمية، وخدمات البنية التحتية، لا بل وتسوية كل غزة بالأرض، وفقد بالمطلق للأمن والأمان، ولكن معاناة النساء في القطاع معاناة مضاعفة، خاصة النساء الحوامل والنساء المرضعات والفتيات المراهقات، حيث تفتقد شريحة النساء للاحتياجات الصحية الأساسية، والرعاية الطبية والأدوية وكثير من الأمور المتعلقة بحياة النساء.

صحيفة هآرتس العبرية أعدت تقريراً عن حياة النساء في قطاع غزة معتمدة على بيانات وتقارير من مؤسسات صحية، ومن مؤسسات حقوقية وإعلامية، وهيئات تابعة للأمم المتحدة، وعبر التواصل مع نساء ذات علاقة بالموضوع من قطاع غزة، واستقت منهن معلومات عن واقع المرأة في القطاع.

ومما جاء في تقرير هآرتس: النساء في قطاع غزة تدفع ثمن قاسٍ، أمراض، حالات إجهاض، جوع وزواج بالإجبار، عشرات آلاف النساء الحوامل يعايشن كارثة نقص الأمن الغذائي، حسب الأمم المتحدة، ارتفاع حاد في حالات الإجهاض وغياب الرعاية الطبية، شهادات من قطاع غزة بينت كيف يؤثر الدمار في غزة ليس فقط على من يعايشه، بل أيضاً لمن سيلد فيه عما قريب.

حسب لجنة الإنقاذ الدولي (IRC)، (150) حالة ولادة يومياً في قطاع غزة في كل يوم من ال (458) يوم من أيام الحرب على غزة، وكل أيامهن مرت عليهن في ضائقة ودمار، خلال الشهور القيلة القادمة ستنضم إليهن نساء كثر، وحسب اليونيسف، اليوم في قطاع غزة (155) ألف امرأة حامل وامرأة مرضعة، ومليون امرأة يعشن في مخيمات النزوح، ولن يتضررن فقط من أضرار الحرب التي طالت كل سكان قطاع غزة.

الأطباء ومؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية يحذرن من الإضرار بحياة الفتيات في قطاع غزة، وفي حالة أطفالهن، أمراض وحالات إجهاض وإصابات وجوع، وقلة الظروف التي تمكن من النظافة الأساسية، لا يضر فقط في حياة النساء، بل على حياة من يجلبن لهذه الحياة.

وتابعت صحيفة هآرتس عن حالة النساء في قطاع غزة خلال الحرب وبالاستناد لتقارير مؤسسات دولية: منذ انهيار المنظومة الصحية في قطاع غزة من الصعب الحصول على مؤشرات الأمراض في قطاع غزة، وعن حالات الإجهاض والولادة المبكرة، في الشهور الأولى من الحرب نشرت وزارة الصحة الفلسطينية أن هناك ارتفاع بنسبة 300 % في حالات الإجهاض في قطاع غزة، ومنذ ذلك الحين لم تنشر معطيات جديدة.

من استطلاع للأمم المتحدة من نهاية ديسمبر بين النساء الحوامل والمرضعات، 76% من النساء الحوامل أبلغن عن فقر الدم، 99% أبلغن عدم القدرة الحصول على الخدمات الطبية والمكملات الغذائية، 55% أبلغن عن صعوبات في الرضاعة الطبيعية، و99% عانين من نقص حليب الأم، 96% من الأطفال والنساء في قطاع غزة لا يحصلن على تغذية كافية.

في الشهور الأخيرة تفاقمت أكثر وأكثر قضية التغذية، في بداية نوفمبر، قدر صندوق السكان في الأمم المتحدة بأن (3000) امرأة حامل في قطاع غزة يعشن كارثة بسبب انعدام الأمن الغذائي، وحسب خبراء في الأمم المتحدة، الرقم ارتفع الآن ل (8000) امرأة.

إلى جانب الضغط النفسي، تواجه النساء الحوامل مع جهود جسدية كبيرة مثل نقل المياه على سبيل المثال، تلوث ونقص في المياه النقية، والجفاف ومشاكل صحية أخرى، الدكتورة فداء النادي دكتورة أطفال من مستشفى ناصر في خانيونس قالت الأسبوع الماضي لراديو علم (راديو في مدينة الخليل): حتى لو حصلت النساء على الطعام، فإنه غذاء معلبات ذات نوعية رديئة، يشكل خطر على صحتهن وصحة أجنتهن.

ووفق حديث الطبيبة من مستشفى ناصر، بسبب عدم وجود عدد كافي من الحاضنات يضطر الأطباء لإدخال طفلان في الحاضنة الواحدة، وحسب NBC قبيل الحرب كان في شمال قطاع غزة (105) حاضنة أطفال في ثلاث مستشفيات، قصف الجيش الإسرائيلي خرب غالبية حاضنات الأطفال، وبقيت تسع حاضنات عاملة في مستشفى كمال عدوان، وبعد إخلاء المستشفى قبل أسبوع ونصف، لم يتبقى أي حاضنة أطفال عاملة في شمال قطاع غزة.

ونقلت الصحيفة في تقريرها عن نساء غزة أقوال للناشط في قطاع غزة غازي أبو جياب عن قصة لأمرتين حوامل من قطاع غزة، هالة الهسي 25 عاماً أصيبت بجراح في ساقها بسلاح إسرائيلي عندما كانت في الشهر الثاني من حملها، بعد أسبوع بدأت تشعر بنزيف والآم، فقط بعد 12 ساعة تمكن زوجها من أخذها للمستشفى على عربة يجرها حصان.

هالة الهسي قالت لأبو جياب في حوار نشره في موقع DARAJ: “انتظرت ساعات حتى تمكنت من الدخول لقسم الطوارئ، مئات النساء كن ينتظرن دورهن”، وفي منتدى التفكير الإقليمي لمعهد فان لير:” بعض عمليات الفحص قرر الطبيب خضوعها لعملية لاستخراج الجنين من رحمها”، وبعد ساعات قرر الأطباء مغادرتها المستشفى بسبب حالة الاكتظاظ في المستشفى.

عنان أبو جامع، تبلغ من العمر 30 عاماً قالت لأبو جياب: حملها انتهى بعد ثلاثة شهور إثر طلب الجيش الإسرائيلي من عائلتها إخلاء حيّهم في منطقة بني سهيلا، حيث اضطرت للسير مسافات طويلة حتى وصلت لمعسكر نازحين، في الليلة الأولى في المخيم شعرت بالنزيف والألم، وفي اليوم التالي في المستشفى تبين أن الجنين لا نبض له، وفي نفس اليوم سبع نساء خضعن لعمليات إجهاض.

وتابعت هآرتس عن واقع نساء غزة: مشكلة خطيرة في قطاع غزة وهي عدم توفر وسائل منع حمل ما يحدث حالات حمل غير مخطط لها، سناء البالغة من العمر 34 عاماً وهجرت أربع مرات خلال الحرب قالت لهآرتس:” النساء في غزة يدفعن ثمن كبير في حملهن، لا يوجد وسائل منع حمل، ولا مجال أمام النساء لزيارة طبيب نساء، النساء التي لديها وسيلة منع حمل في الرحم، لديها حاجة لتبديله لا مجال أمامها لذلك، ومن تحتاج لفحص روتيني أو إرشادات منع حمل كل هذا غير متاح لهن.

سناء وجهت انتقادات حادة بأن الضائقة الاقتصادية تجعل الأسر تزوج بناتها بسبب المبلغ التقليدي الذي يحصلن عليه عند الزواج، وقالت في هذا السياق:” زواج كهذا يقود لحالات حمل غير مخطط لها، الضائقة الاقتصادية تدفع الأسر لتزويج بناتهن مقابل أكياس من الطحين، أو خيمة جديدة، عائلات تريد الحفاظ على بقائها حتى على حساب تزويج بناتهن وعواقبه”.

نور، تبلغ من العمر 29 عاماً أم لطفلان من غزة، وتسكن الآن في دير البلح روت:” مع اندلاع الحرب قلت لزوجي نحن لا نستطيع أن ننجب أطفال آخرين، وهو وافقني على ذلك، لا يوجد إطار تعليمي، ليس هناك إمكانية للتعايش مع الحمل ونحن ننزح من مكان لآخر، المرأة الحامل بحاجة لخصوصية ومكان آمن، وكل هذا غير متوفر في قطاع غزة”.

وتابعت سناء في حديثها:” وسائل منع الحمل في غزة تعتبر من المحرمات، يتحدثون عن نقص في الطعام والماء والأدوية، ويتحدثون عن الدمار، ولكن لا يتحدثون عن وسائل منع الحمل، محبط، كل امرأة هنا مسؤولة عن مصيرها، إن هي حملت، ربما ينتهي الأمر بشكل غير جيد، صديقتي حامل، وضعها الصحي تدهور، لم تتمكن من إجراء فحوصات ومتابعة طبية، وشكل الحمل خطر عليها، ولم تعلم أين ستلد، ولا أين ستسكن”، عندما كانت تعمل الأونروا في قطاع غزة وزعت وسائل منع حمل، وإرشادات تنظيم الأسرة، “اليوم تباع وسائل منع الحمل بأسعار عالية، ولا يوجد مال لدى الجميع” قالت نور.

نتــائــج تــدميــرية:

مشكلة شائعة في قطاع غزة وتتفاقم، النقص في لوازم النظافة الشخصية للنساء والفتيات، حيث تضطر النساء لاستخدام الملابس وبقايا قطع ملابس بالية وأشياء أخرى، سوزان (اسم وهمي) ممرضة جنوب قطاع غزة، روت لمنظمة “جيشا/وصول”: “أكثر شرائح السكان معاناة هن الفتيات المراهقات والنساء الحوامل، الفتيات اللواتي تأتيهن الدورة الشهرية ليس بمقدرهن الحصول على الفوط الصحية ومنتجات مناسبة، ولم تكن أمهاتهم متواجدات لمساعدتهم وإرشادهم في هذه التجربة الجديدة، ناهيك عن النقص بالمياه”.

وتابعت الممرضة من جنوب قطاع غزة لمنظمة “جيشا/ وصول:” واقع صحي ووسائل حماية أدت لحالات تلوث كثيرة خاصة بين الفتيات والنساء، لم يكن بمقدوري التوفير لهذه الفتيات ما يلزمهن، أو لمساعدتهن في التعامل مع أنفسهن بطرق نظيفة وآمنة، وكانت هذه هي الطلبات الأصعب والأقسى، كنت عاجزة أماهم، وفي مثل هذه الحالات أي علاج طبي أو نفسي لن يكون بمقدوره مساعدتهم، وكل ما تبقى لي، وأستطيع فعله هو تهدئتهم ودعمهم”.

وفق منظمة المرأة التابعة للأمم المتحدة، قرابة (690) من النساء اللواتي يعشن في معسكرات النزوح في الجنوب في سن الدورة الشهرية، إلى جانب المشاكل الصعوبات التي يعيشها كل سكان معسكرات اللجوء، الفتيات والنساء يواجهن مشكلة عدم توفر أساسيات النظافة الشخصية، بدون ورق تواليت، وبدون مياه جارية، وصابون، وحمامات.

وعن الفحوصات للنساء قالت الممرضة سوزان “اسم وهمي”: ” فحصت النساء، ولاحظت حالات التلوث الذي يعانين منه، ولكن لم يكن بمقدوري مساعدتهن أكثر، العلاج لمشكلتهن وسائل حماية أفضل، لا يمكنهن الحفاظ على حماية أنفسهن لعدم توفر الأدوات والوسائل، ولم يكن بمقدوري تزويدهن بالأدوية دائماً نتيجة النقص في الأدوية”.

كما ينقص معسكرات النزوح الخصوصية وتوفر الأمان للنساء، من استطلاع أجرته الأمم المتحدة في أربعة معسكرات نزوح قبل أسبوعين تبّن أن: النساء يضطررن السير لمسافات طويلة من أجل استخدام الحمامات، النساء والفتيات يتخوفن من السير في الليل لتجنب المخاطر، مما يضطرهن للبحث عن وسائل بديلة لقضاء الحاجة.

وختمت هآرتس تقريرها عن واقع النساء في قطاع غزة في ظل الحرب بجزء من تقرير لأطباء من أجل حقوق الإنسان جاء فيه:” الإجهاد الدائم والتوتر والأحداث المؤلمة تترك نتائج وخيمة على الصحة النفسية والعقلية عند النساء الحوامل وأطفالهن”.

منظمة الصحة العالمية من جهتها ترى في الأثر النفسي للحرب تأثير مباشر وأحياناً قاتل يؤدي لحالات إجهاض، ولولادات مبكرة، وكلما استمر التوتر في غزة، معاناة النساء الحوامل والنساء المرضعات ستكون في إزدياد.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة