في الحلقة الجديدة من بودكاست “حكي مدني” الذي يقدمه الزميل علي عبيدات تحدث رامي صالح مدير مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان عن الصعوبات والمعاناة التي يعانيها المقدسيين، والانتهاكات الكبيرة التي يتعرضون لها
صالح بين أنه ما بين أكتوبر 2023 لغاية أكتوبر 2024 هناك موافقات لإنشاء 19 مشروعًا استيطانيًا جديدًا في القدس، حيث خلال السنوات القادمة سنرى 100 ألف مستوطن ينتقلون، مضيفًا أن الاحتلال يحاول فرض وقائع جديدة على الأرض وهي غير قابلة للتعديل، مفيدًا بأن جميع مخططات الاحتلال ترمي إلى التوسع الاستيطاني، كما أن المساحة الفلسطينية التي تعتبرها العاصمة المستقبلية لدولة فلسطين، فتوجهات الاحتلال هي لإلغاء ومحو هذه المساحة من خلال أن يكون هناك استيطان جديد داخل المدينة.
وأفاد صالح بأن التضييق على المقدسيين ازداد في المدينة بعد السابع من أكتوبر 2023، حيث هناك ارتفاع بأعداد مفتشيين البلدية وهدفهم إعطاء مخالفات للفلسطينيين بشكل عشوائي للتنغيص على المواطنين والتضييق عليهم من خلال هذه المخالفات، إضافة إلى مخالفات البناء وأيضًا الهدم، فمنذ السابع من أكتوبر تم هدم 26 منشأة في حي البستان الذي يريد الاحتلال تحويله لحديقة توراتية تخدم المستوطنين، مؤكدًا أن هناك مضاعفة في عدد أوامر الهدم التي نُفِذت.
وحول ردة الفعل بين أن ردة الفعل الرسمية فإن السلطة الفلسطينية تحاول ولكنها حُيدَت وعُزِلَت، مشيراً إلى أن الطموح هو أن يكون هناك بيانات من وزارة الخارجية وأن يكون هناك دور أكبر للسلطة الفلسطينية في موضوع الهدم، فيما شعبيًا فلا يوجد أي حراكات على مستوى الجماهير وكأن عملية هدم أي منزل تخص العائلة نفسها، وهذه الحالة أتت بعد السابع من أكتوبر نظرًا للتضييقات على المجتمع المقدسي والشباب فالقمع الذي حدث للشبان على أبسط الأشياء جعلهم يأخذون نوعًا من اللامبالاة من الشارع المقدسي.
وأشار إلى أنه هناك تصاعدًا لعملية الهدم الذاتي نظرًا لعدة أسباب أبرزها العبء المادي المترتب على عملية الهدم والتي سيضطر لدفعها لبلدية الاحتلال حال قيامها هي بالهدم، والتي تكون باهضة جدًا ولذلك فهو يقوم بهدم بيته بنفسه، منوهًا إلى أن البناء في القدس لم يعد منشآت هي فقط غرف صغيرة فقط، وهو ما أدى إلى لارتفاع أسعار المنازل وارتفاع آجارها في القدس.
وأضاف صالح أن الاحتلال ومن خلال هذه الإجراءات يحاول فرض الأسرلة في مدينة القدس وتفريغها من السكان الفلسطينيين، حيث هناك توجه لضغط المواطن المقدسي وتوجيهه للخروج من القدس لمناطق خارج الجدار، حيث هناك 121 ألف نسمة يقطنون في كفر عقب وشعفاط وهم يشكلون 33% من التركيبة الفلسطينية في مدينة القدس وهي تفتقر لأدنى خدمات البنية التحتية.
ولفت إلى أن واقع عمل المؤسسات الفلسطينية داخل مدينة القدس جدًا صعب وهي مهددة بالترحيل، وعدد كبير منها وعقب إقامة جدار الفصل العنصري خرجت من القدس وباتت تقدم الخدمات من شمال الضفة، وعدد قليل من هذه المؤسسات استمرت في تقديم خدماتها من داخل مدينة القدس وهي تعمل في إطار ضيق جدًا وعليها الالتزام بالأنظمة والقوانين لضمان استمرارية عملها وتقديم خدماتها للمقدسيين.
وأوضح صالح أن هناك 104 مؤسسات تم إغلاقها في مدينة القدس ما بعد عام 2000، وأبرزها بيت الشرق وهو مرجعية مقدسية فلسطينية ولكن أغلق داخل القدس، موجهاً شكره لكافة المؤسسات التي تقدم أي دعم للمقدسيين من خلال دفع الغرامات أو توفير محامي التي تقوم بها السلطة الفلسطينية، مبينًا أن ما ينقصهم في القدس هو وجود مهندسون يقومون بمتابعة أوامر الهدم، حيث لا تستطيع المؤسسات القانونية المقدسية توفير ذلك لأنها ذات تكلفة عالية، متأملًا من السلطة الفلسطينية توفير ذلك.
وتابع بأن المؤسسات العاملة في القدس تعمل بصعوبة كبيرة حيث هناك رقابة مالية عليها وهناك تضييق كبير على عملها، مشيراً إلى وجود عمل أهلي ضخم في القدس ولكن ما تقوم به سلطات الاحتلال من أسرلة وإغواء لعمل الشبان والشابات في المؤسسات الإسرائيلية بمبالغ طائلة جدًا، فهناك الخطة الخماسية التي تسعى لتغيير القدس الشرقية وتعديلها بما يتعلق بالتعليم والشباب والبنى التحتية بمبالغ طائلة، فهناك مبلغ مليون دولار تم رصدها لهذه المشاريع، مشيراً إلى أن هذا الأمر صعب جداً للمؤسسات القيام بمقارعة هذا الأمر.
وبين صالح أن الاحتلال فرض رقابة على المؤسسات التعليمية داخل مدينة القدس وليس فقط على المناهج إنما أيضًا على الكوادر التعليمية في هذه المؤسسات، وهل هي ضمن معايير سلطة الاحتلال حيث هناك توجه لموافقة الشاباك على تعيين المدرسين في هذه المؤسسات، وأيضًا هناك رقابة على المناهج وعدم قبول أي مناهج تابعة للسلطة الفلسطينية، وهناك العديد من المدارس التي تعرضت لتهديد الإغلاق وعدم تجديد ترخيصها.
وأفاد بأن هناك تضييق أيضًا على الأندية الرياضية على صعيد كافة المستويات وهم يريدون قطع النسيج الإجتماعي ما بين القدس وباقي محافظات الوطن، حيث مثلاً يرفضون إقامة مباريات بين أندية القدس وباقي أندية الوطن، مفيدًا بوجود وعي لدى الجماهير الفلسطينية بالمراكز الجماهيرية ولا يثقون بها، مؤكداً أن هذه المراكز خطرة جداً على المقدسيين حيث هناك مبالغ هائلة وضخمة يتم ضخها في هذه المراكز ولكنها لا تنعكس على المواطن الفلسطيني بأي قدر من التوجهات، مؤكداً أنهم يريدون أن تكون هذه المراكز الواجهة لتمرير العديد من المشاريع الاستيطانية.
وحول التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى أوضح صالح أننا بتنا في هذه المرحلة، حيث تتاح الاقتحامات بفترة معينة فهم بالنسبة لهم هذا هو الوقت الذي يُسمح به لليهود بالدخول، مبينًا أن حجم ردة الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية لا ترتقي لحجم ما يحصل.
وبين أن الدعم غير المرتبط بالدعم الاقتصادي والمادي هو مجرد دعم شفاف، فما تقوم به السلطة الفلسطينية لا يكفي ولن يكفي، فهي تقدم الدعم ولكنه لا يكفي لسد الهجمة الاستيطانية الكبيرة.
وشدد على أن ما دفع المقدسي ليكون نموذجًا هو الضغط من قبل الاحتلال عليه، حيث المقدسي يرفض هذه السياسات والتوجهات لأسرلة المدينة، وذلك لأنهم يُدركون خطورة أسرلة الوعي داخل المجتمع المقدسي.