بلال غيث كسواني
بين أسلاك شائكة من الشمال والغرب ومستوطنات ضخمة من الجنوب والشرق، يعيش قرابة ألفي مواطن في قرية بيت إكسا الواقعة شمال غرب القدس المحتلة، معزولين ويعانون ويلات التنقل والتفتيش والإجراءات العسكرية واعتداءات المستوطنين.
وتشكل قرية بيت إكسا إصبعًا داخل مدينة القدس، يمتد من شمالها داخل القدس الغربية وهي القرية الوحيدة التي يحمل سكانها هوية الضفة الغربية داخل القدس الغربية وتبعد قرابة 5 كيلو مترات عن القدس العتيقة.
ويتحدث الأهالي عن صعوبات كبيرة أصبحوا يواجهونها بالتزامن مع انطلاق العملية العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية بعد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إضافة لأطماع كبيرة للاستيلاء على أراضي قريتهم البالغة قرابة ال9 آلاف دونم تقف في وجه مد استيطاني هائل غرب القدس.
المواطن محمد محمود يقول إنه يضطر للانتظار يوميًا قرابة الساعتين من وقته حتى يستطيع الخروج من القرية بانتظار فتح بوابة الخروج وبانتظار فتح بوابة الدخول والتفتيش للعودة إلى القرية مساء، مضيفًا أنه يمكُث في باص القرية وهو سبيل المواصلات الوحيد ساعة تقريبًا قبل السماح له بالمرور بعد النزول من الحافلة والخضوع لإجراء تفتيش وفحص للهوية الشخصية بشكل يومي ومتكرر.
وأشار إلى صعوبة الحياة في ظل عدم توفر صيدلية أو مخبز أو محل لبيع اللحوم داخل القرية، التي يتوفر فيها بعض البقالات الصغيرة فقط، لكنه يصر على البقاء والتمسك بأرضه ومنزله رغم صعوبات إحضار المواد الغذائية إلى القرية وعدم توفر عيادة للعلاج على مدار الساعة.
رئيس بلدية بيت إكسا مراد زايد، بين أن الاحتلال قام بوضع الحاجز على مدخل القرية في العام 2010 وتم تشغيله بشكل رسمي في العام 2013 وأصبح يُنكل بالمواطنين بشكل يومي وقلب حياتهم إلى جحيم، مضيفًا أن الجنود يتدخلون في تفاصيل إدخال المواد الغذائية وعبوات الغاز المنزلي والمواد الخاصة بالبناء، كما أنهم يطلبون تنسيقًا مُسبَقًا مع الارتباط ويتأكدون من إدخال الكميات المتفق عليها والمسموح لها بالدخول فقط.
وأوضح زايد أنه ومنذ السابع من أكتوبر 2023 يمنع الاحتلال دخول أي شخص من الخارج، ولا يسمح بدخول العمال أو الزوار إلا في المناسبات، إضافة إلى أن الاحتلال يعمد إلى تأخير ذهاب المواطنين إلى أعمالهم وأبضًا تأخيرهم خلال عودتهم إلى منازلهم بشكل يومي، حيث بات يُنغص حياة المواطنين، وهو ما تسبب في قيام بعض أبناء القرية بالسكن في القرى القريبة أو في مدينة رام الله.
وأضاف أن الاحتلال يُعَرقِل وصول الطلبة الدارسين خارج القرية إلى مدارسهم وجامعاتهم جراء إغلاق الحاجز ما تسبب بمعاناة كبيرة للطلبة.
معاناة لحملة الهوية المقدسية أيضًا
يقطن في بيت إكسا فلسطينيون من حملة الهوية المقدسية يضطرون للسير لمسافات طويلة للوصول من مدينة القدس إلى القرية، وسط إخطارٍ بتعرضهم لاعتداءات المستوطنين قرب مستوطنة رموت وفي أحراش الأرز المُقامة على أراضي قريتي لفتا وقالونيا المجاورتين.
المواطن محمد الكسواني بين أنه يضطر يوميًا للسير بسيارته طُرُقًا وعرة للوصول إلى عمله في مدينة القدس، وقد تعرض بعض أهالي القرية لهجوم من المستوطنين مؤخرًا حطموا خلاله سيارات عدد منهم، مشيرًا إلى أنه
أيضًا أصبح يتعرض لمضايقات على الحاجز الاحتلالي الذي يفصل القرية عن بلدة بدو المجاورة، حيث يمنع جنود الاحتلال حملة الهوية المقدسية من الخروج من القرية أو الدخول إليها بحجة أنهم يقومون بدخول القدس بعد الدخول للقرية وهذا مخالف للقانون كما يدعون؛ إذ أن الحاجز مخصص لدخول أهالي القرية لمنازلهم فقط!.
وأكد أنه لم يعد بمقدور أهالي القرية من حملة الهوية المقدسية الوصول إلى القدس بحرية أو الخروج إلى الضفة أيضًا بحرية باتجاه قرى شمال غربي القدس القريبة.
وفي هذا السياق يقول رئيس البلدية مراد زايد، إن المستوطنون يقومون بإعطاب إطارات الأهالي من حملة هوية القدس الذي يقومون بركن سيارتهم قرب المستوطنة والوصول إلى القرية مشيًا على الأقدام، كما أنه تم تسجيل اعتداءات على منزلين في البلدة من قبل المستوطنين، مضيفًا أن شُبانًا من المستوطنين يقومون بإلقاء الحجارة في بعض الأحيان تجاه المارة من أبناء القرية قرب مستوطنة راموت المقامة على أراضي القرية.
معاناة في التنقل أيضا للبدو
في القرية يقطن عددًا من مربي المواشي من البدو يُقَدَر عددهم ب 150 شخصًا يتعرضون لمضايقات كثيرة من قبل الاحتلال ومستوطنيه، وذلك لقربهم من المستوطنات المحيطة بالقرية، كما أنهم يواجهون صعوبات في نقل مواشيهم ومنتجاتهم الحيوانية من داخل القرية إلى خارجها وكذلك فإن إدخال الأعلاف إلى القرية ليس بالأمر السهل.
موسى أبو داهوك من التجمع البدوي الموجود في القرية يقول إنهم يعانون بشكل كبير في نقل الأعلاف والمنتجات الحيوانية، كما يتم احتجازهم لساعات على الحاجز وإعادتهم، مبينًا أنهم بدو من عائلة أبو داهوك والجهالين وعددهم 150 شخصًا يقطنون خلف الجدار في قرية بيت إكسا.
وأضاف أن الحاجز يمكن وصفه بحاجز مُميت يسمح للسكان الذين يحملون عنوان المنطقة بالدخول، ولا يُسمح لأحد آخر بالدخول، كما لا يُسمح لهم بالبناء والترميم تحت أي ظرف، موضحًا أنهم يعانون بشكل كبير من صعوبات في إدخال الأعلاف والبالات الخاصة بالمواشي، مبينًا أن طفلة بدوية قد استشهدت قبل عام على الحاجز بعد إطلاق النار على السيارة التي كانت تستقلها رفقة عائلتها.
من جانبه، يقول مختار التجمع البدوي أبو الفهد أبو داهوك أنهم محاصرين بين المستوطنين والدوريات الخضراء التابعة لدولة الاحتلال وجنوده الذي يستهدفون وجودهم ومواشيهم في قرية بيت إكسا، مضيفًا أنهم يعانون أيضًا من حواجز الاحتلال والحاجز الرئيسي ويخشون يوميًا من عدم قدرتهم على العودة لمضاربهم في حال خروجهم من القرية.