loading

خليل سراحنة ونورا ربيع: قصة حب حطمت قيد الزنازين

صبا رداد

من داخل عتمة السجون الخانقة والمظلمة، وُلِدَت قصة حب تحدت الصعاب والمستحيل، لتجمع بين قلبين وجدا الأمان والطمأنينة ببعضهما، فجمعت بين الأسير خليل سراحنة المحكوم بالمؤبد و٢٠ عامًا من مدينة القدس، وبين الشابة نورا ربيع من مدينة بيت لحم وشقيقة الأسير ربيع ربيع المحكوم بالمؤبد. 

بدأت حكايتهما المليئة بالعقبات والإصرار قبل سنوات، خلال زيارة نورا لشقيقها ربيع في إحدى سجون الاحتلال حيث التقت خليل للمرة الأولى، ليجمعهما حديث عابر،  ومع مرور الوقت وففي إحدى الزيارات ، سألها خليل بشكل مفاجئ: هل تقبلين الارتباط بأسير؟ لتُجيب بشكل قطعي: لا طبعًا. ليكرر سؤاله بشكل آخر حتى بأسير محكوم مؤبد؟ لتُجيبه بشكل صريح دون تردد: لا مستحيل 

شهور طويلة من التفكير مرت على نورا، ولكنها كانت كفيلة بتولد مشاعر داخلها تجاهه، مُسطرة أملًا جميلًا قادمًا ولو بعد سنين، لم يكن اتخاذ أمر الخطوبة بالشأن العين عليهما، فكانت عائلتها ترفض الموضوع برمته وذلك لصعوبة الأمر عليهما فالشاب محكوم بالمؤبد ومن الممكن أن لا يخرج مجددًا، ومن الممكن أن يُبعَد، وهل تستطيع انتظاره فترة طويلة إلى غيرها من الصعوبات التي كانت محط اعتراض عائلتها لفترة طويلة من الوقت. 

نورا التي رأت في الأسير خليل شابًا يستحق الحب وأن يكون شريكًا لحياتها تحدت صعوباتها وتفكيرها والصعوبات التي وضعتها عائلتها حتى استطاعت إذابتها وإقناع عائلتها بصبر وأمل، وإصرار وتدخلات من شقيقها ربيع رفيقه بالأسر لتتم خطوبتهما في العام 2017، ليرتبط قلبين عثرا على الحب وتمسكا به على أمل اللقاء مهما طال الوقت. 

لا زيارات ولا خروجات ولا حتى حديث بالهاتف كبقية المرتبطين ولا حتى صورة تجمعهم سوية، هكذا عبرت نورا عن صعوباتها، مؤكدة أنها كانت تراه خلال زيارتها لشقيقها بضع دقائق فقط يرافقها أعباء الزيارة وصعوباتها. 

ازدادت صعوبات الحياة على نورا عقب اندلاع الحرب على غزة، حيث تغيرت ظروف السجن وانقطعت الزيارات والاتصالات التي كانت شحيحة من الأساس، فباتت لا تعرف أي شيء عن خطيبها خليل أو حتى شقيقها ربيع، موضحة أنهم كانوا لا يعلمون شيئًا عنهما سوى من بعض الأسرى الذين يخرجون محملين بسلامات ورسائل الأسرى. 

من مستحيل إلى معجزة : عناق الحرية 

بتاريخ 15/ 2/ 2025 كُسِر القيد وبزغ النور وتنفس خليل الحرية بعد 23 عامًا من الاعتقال، حيث أفرج عنه ضمن صفقة التبادل رفقة شقيقيه أيضًا ولكن نصيبه من الحرية رافقه إبعاد عن الوطن وعن عائلته وخطيبته التي تنتظره، وفي أول مكالمة بينهما وصف خليل حياته بالأسر قائلًا “أنا طلعت من جهنم، كنا مثل الحيوانات والآن حسينا إننا بشر”

تصف نورا شعورها بحرية خطيبها قائلة “عندما علمت أن إسم خليل موجود من ضمن الصفقة كانت مشاعري مختلفة تمامًا عن الآخرين، لطالما آمنت أن الحرية حتمية، وأنه سيخرج يومًا ما ونلتقي ونتزوج، ولن يفرقنا قيد أو زنزانة، والحمد لله الذي أهدانا هذه الحرية بعد سنوات طوال من الانتظار وسألتقي به خارج البلاد “. 

قصة خليل ونورا ليست مجرد قصة حب عابرة، بل هي شهادة حية على الوفاء والتضحية، وحكاية صبر وصمود في وجه القيود والمستحيلات،  كانت نورا موطنًا لخليل، ونورًا يشع من خلف القضبان بحرية آن أوانها، وكان خليل خير خليل لنورا في دنيا قاسية وموجعة، وسيجتمع الأحبة لا محالة، فلا قيد يفرقهم ولا زنزانة ولا إبعاد.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة