ترجمة خاصة- بالغراف
كتب جدعون ليفي وألكس لبيك في هآرتس العبرية:” جنود إسرائيليون ذهبوا لاعتقال فلسطيني في جنين، على جسده وجدت أثار خنق، اقتحم الجنود الإسرائيليين الأسبوع الماضي منزل حسين الحردان في جنين، عندما حاول الهروب أطلقوا عليه النار وقتلوه، حسب ادعاء الجيش الإسرائيلي تم تنفيذ إجراء اعتقال مشبوه، ولكن في العائلة تساءلوا عن سبب العلامات الداكنة على رقبته، وعن الحبل الذي تواجد في المكان”.
وتابع الصحفيان في هآرتس: حمامة ميتة وجدت في المكان الذي قتل فيه الخباز حسين الحردان ليلة الجمعة الماضية ، على مدخل وكالة تأجير السيارات “اتلنتك” في جنين اليافطة الحمراء على المحل المجاور المكتوب عليها للإيجار، نزعت من مكانها، الحبل الذي كانت معلقة به جاء لنا به أحد المواطنين مدعياً أن الجيش الإسرائيلي استخدمه لخنق ضحيته.
ما الذي جرى بالضبط ليلة الخميس/الجمعة؟، ربما لن نعلم مطلقاً ماذا جرى، ولكن عدد من روايات المواطنين لتسلسل الأحداث تثير عدد من التساؤلات، الحردان قتل برصاصات في أسفل الظهر خلال محاولته الهرب من الجنود الذين اقتحموا بيته، بعدها حاصره الجنود لمدة نصف ساعة، وأخفوه عن العين بالجيبات العسكرية التي أحاطت به، على رقبته بدت علامات خنق، مواطنون عثروا على حبل على الرصيف بعد أن انصرف الجنود مع جثمانه، سكان المنطقة على قناعة أن الجنود الإسرائيليين خنقوه حتى الموت، وهم سمعوا صرخات ألمه، والتي كتمت وتوقفت في وقت واحد، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي ادعى:” هذه الرواية لا أساس لها”.
مدينة جنين تحولت لمدينة محطمة ومتضررة، ومخيمها مدمر، مهجور ومغلق، جزء من الشوارع الرئيسة في المدينة دمرت على يد الجيش الإسرائيلي، كما هدم الجيش بشكل منظم كل الميادين والنصب التذكارية في المدينة، نصر مطلق، أم ليس نصر مطلق؟، الحركة في المدينة كسولة، يوم الاثنين الماضي، كانت الشوارع فارغة في مدينة جنين بسبب الإضراب الذي أعلن في الضفة الغربية للتضامن مع ضحايا الحرب في قطاع غزة.
وعاد الصحفيان للحديث عن الشهيد الحردان: حسين الحردان يسكن مع والدته المقعدة وزوجته وأولاده في ضاحية صباح الخير الواقعة شمال المدينة، عمره 43 عاماً، أب لخمسة أطفال، خباز وسليل عائلة خبازين في أقدم مخبز في البلدة القديمة، أطفاله حمزة 14 عاماً وأسيل 12 عاماً، سديل 11 عاماً، مالك 7 أعوام وطه 4 أعوام، لازالوا غير قادرين على استيعاب أن أبوهم مات، فادية أرملته البالغة 32 عاماً أغلقت على نفسها في غرفتها، وحسب الشريعة يمنع عليها رؤية الرجال أربعة شهور وعشرة أيام من يوم موت زوجها، والدة حسين صبحية البالغة من العمر 70 عاماً سريرها بجانب الباب الرئيسي كانت أول من شاهد الجنود يقتحمون المنزل، والذين أطلقوا عليه النار على بعد أمتار منها.
على الطاولة في غرفة المعيشة يوجد تمور ملفوفة بورق قصدير، وكعك ملفوف بقطعة قماش، ومسبحه إلكترونية من الصين بديلة للمسابح التقليدية لدى المسلمين، يوم الأحد، يوم واحد قبل إعداد هذا التقرير انتهت أيام الحداد الثلاثة، محمد الحردان 44 عاماً كان شريك حسن في المخبز، الإثنان يعملون به سبعة أيام في الأسبوع.
وعن اليوم السابق لاستشهاد حسين الحردان كتب الصحفيان الإسرائيليان: يوم الخميس من الأسبوع الماضي أنهى الأخوين عملهما كالمعتاد في المخبز في الساعة الرابعة بعد الظهر، يوم عملهم يبدأ الساعة الرابعة فجراً، وعادوا لمنازلهم المجاورة لبعضها البعض، الساعة الواحدة بعد منتصف الليل قاموا مذعورين على صوت ضجة في الخارج، الجنود حاولوا خلع باب المنزل بقضبان حديدية، صرخ عليهم بأن لا يخلعوا باب المنزل، لكن كان ذلك متأخر جداً، اقتحم الجنود المنزل وطلبوا من سكانه الخروج للخارج، لم يتحدث الجنود بكلمة عن سبب اقتحام البيت، زوجة حسين حاولت القول لهم أنه لا زال في البيت أطفال نيام، لكنهم أصروا على خروج الجميع للشارع، حسين خرج مع ابنه البكر حمزة من الباب الخلفي للمنزل، شريط فيديو صوره جار له يظهره يسير ومن ثم بدأ يركض.
جمال الزبيدي، من الشخصيات التي تحظى بشعبية في المخيم، والذي وجد ملجأ في بيت شقيقته في برقين القريبة من المخيم قال: “كل مواطن الآن في المدينة يخاف من الاعتقال، لذلك يحاولون الهرب حال مجيء الجيش الإسرائيلي، حتى لو لم يكونوا مطلوبين، عندما جاء الجنود لمنزلي في المخيم، أنا ابن ال 69 عاماً هربت من البيت”، والباحث في بتسيلم عبد الكريم السعدي الذي حقق في الحدث ورافقنا في الزيارة قال نعم، هكذا هي الأمور.
حمزة الابن البكر لحسين دخل ووجد ملجأ في بيت الجيران وحسين استمر في هروبه، حسب شهود عيان من الجيران، الجنود أطلقوا النار على أسفل ظهر حسين ومن ثم سقط إلى جانب وكالة تأجير السيارات، ثلاث مركبات عسكرية إسرائيلية مصفحة وجيبان شكلوا دائرة مغلقة حول حسين وهو جريح على الرصيف، شريط فيديو يظهر شعاع ضوء ومجموعة من الجنود حوله، الشارع كان مظلماً بالكامل، في حوالي الساعة الثانية انصرف الجنود وأخذوا جثمان حسين معهم، وساروا باتجاه حاجز الجلمة، عائلته لم تعلم إن كان حياً أو ميتاً، المؤكد أن عزيزهم لدى الجيش الإسرائيلي.
في الساعة الرابعة فجراً اتصل الارتباط الإسرائيلي مع وحدة الارتباط الفلسطيني وطلب منهم الحضور لاستلام جثمان حسين الحردان، مركبة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني نقلت الجثمان للمستشفى الحكومي في جنين، عم حمزة قال لنجل حسين البكر حمزة، هيا نذهب للمستشفى، قال حمزة، قلبه يقول أن والده مات.
عندما وصل الاثنان إلى المستشفى وجدوا على رقبته علامات زرقاء، جاره الذي رفض الكشف عن اسمه، وأشير له بالحرف “ف” بيده حبل وضعه على الطاولة، ولم يجرؤ أي شخص على لمسه، وكأنه شي ملعون، قال “ف”: عندما كان كل من في البيت نيام استيقظ هو على صوت ضجة في الخارج، تابع من شباك منزله ما يجري في الخارج، شاهد حسين يركض تجاه حي خروبة الواقعة على الجهة الأخرى من الشارع.
بعد وقت قصير حسين اعتقد أن الجيش ترك المكان فشوهد يقطع الشارع عائداً إلى بيته، وحسب جاره، الجنود كمنوا له وأطلقوا عليه عدة رصاصات أصابته فسقط أرضاً، بعدها شاهد الجنود والمركبات العسكرية تحيط به، سمع صرخاته من الألم، وكانت صرخة مكتومة في النهاية، وبعدها ساد الهدوء.
“ف” ذكر أنه بعد نصف ساعة انصرف الجنود من المكان مع جثمان حسين في جيب عسكري، بعدها قرر الخروج للشارع لمحاولة فهم ما جرى، شاهد بقع من الدماء وقطعة الحبل ملقاه على الرصيف، أخذ قطعة الحبل، يوم الاثنين رأينا النصف الثاني من الحبل، الموصول باليافطة التي انتزع منها الحبل، نفس الحبل بالضبط، وهو مقتنع أن الجنود قطعوا الحبل لخنق حسين به.
الناطق باسم الجيش الإسرائيلي قال لهآرتس:” الادعاء أن الجنود خنقوا المخرب بحبل ادعاء لا أساس له من الصحة، ومختلق تماماً، خلال عملية للجيش الإسرائيلي لإحباط نشاطات إرهابية يوم الرابع من نيسان عملت القوات لاعتقال إرهابي متهم بالإرهاب، خلال عملية الاعتقال المخرب حاول الهرب والقوات نفذت محاولة اعتقال مشبوه، شملت إطلاق نار نحوه، ونتيجة إطلاق النار قتل المخرب”، حتى الآن لم يحدد سب الوفاة الرسمي.