ترجمة خاصة- بالغراف
كتبت هيئة التحرير في صحيفة هآرتس العبرية: من يريد معرفة الأبرتهايد من إنتاج إسرائيلي، يكفيه أن يقرأ عما يجري في قرية كفل حارس، مرّة كل ثلاثة شهور يدخل آلاف المستوطنين اليهود لقلب هذه القرية الفلسطينية، ويكون الاقتحام برفقة مئات الجنود وعناصر الشرطة الإسرائيلية، وذلك من أجل الصلاة فيما يطلقون عليه قبر يشوع بن نون.
في وقت اقتحام المستوطنين يفرض الجيش الإسرائيلي منع التجول على القرية، ليس فقط ممنوع عليهم الخروج، بل ممنوع عليهم النظر من الشبابيك في الوقت الذي هم فيه محتجزون في منازلهم، القرية أصبحت متنفساً لليهود فقط، وتخريب الممتلكات العامة بات أمرًا عاديًا: يكسرون الشبابيك، ويخطون شعارات “الموت للعرب”، ويعلقون ملصقات “لا مستقبل في فلسطين”، وفي مواقع أخرى يخربون صنابير المياه، وخلال ذلك كله لا ينسون الطرق على أبواب المنازل.
وتابعت هيئة التحرير في هآرتس: الجيش الإسرائيلي والمستوطنين باتوا يعتبرون مثل هذه الاقتحامات أمر طبيعي جداً، وغالبية الجمهور الإسرائيلي غير مطلع عليها مطلقاً، وعلى الرغم من أن هذه الاقتحامات مستمرة منذ سنوات، المستوطنون عندما يتركون المكان لا يتركون خلفهم الخراب فقط، بل يتركون أوساخ وقاذورات، وفق كل هذا، حياة المواطنين في المكان تشكلت وفق تلك الأحداث.
على الرغم من أن صلوات المستوطنين في كفل حارس هي حدث مروع جداً، إلا أنه جزء من ظاهرة أوسع بكثير، أمثلة أخرى، اقتحام المستوطنين لقبر يوسف في مدينة نابلس، والذي بسببها يفرض حصاراً ومنع تجول على أحياء كاملة في المدينة، جولات أثرية في قرى فلسطينية، أو رحلات يؤمنها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية بطلب من المستوطنين، والتي خلالها يبعد أي فلسطيني موجود في المنطقة.
تخريب الممتلكات في كفل حارس، والصراخ “لتحرق كل القرية” الذي يُسمعه المستوطنين في شوارع القرية هي التي قد تجذب أكبر قدر من اهتمام الإسرائيليين، ولكن ممنوع النسيان، حتى لو لم يتم تخريب لأية ممتلكات، جوهر الشر في القضية، أن الجيش الإسرائيلي يفرض منع التجول والحصار الكامل على القرية من أجل إعطاء الأولوية لصلاة المستوطنين، والمشكلة هنا أن حق اليهودي في الصلاة فوق حق سكان القرية وأمنهم، وفوق حريتهم في الحركة والتنقل، وفي حياة طبيعية ومحترمة.
هذا هو وجه الاحتلال، يفضل وبشكل واضح مجموعة عرقية محددة على مجموعة عرقية أخرى، ويتعامل على أساس أن هناك مجموعة تملك حقوق أكثر، وإنه هناك من عليه دفع الثمن، تقسيم عرقي بشكل صريح وواضح.
وليس فقط أن الدخول لقرية كفل حارس “يجب أن تكون بأفضل الطرق”، بل هي مرفوضة طالما أن الدخول لها يعني حصار ومنع تجول على المواطنين العرب في بيوتهم في الوقت الذي يتجول المستوطنين بحرية في القرية، يجب عدم القبول بهذا الواقع.