loading

600 يوم من الاعتصام لحماية “حديقة البقر”.. شبان أرمن يتصدّون كخط دفاع أخير

محمد عبد الله

على أطراف البلدة القديمة في القدس، وتحديدًا في أرض تُعرف باسم “حديقة البقر”، يقف شبان من الطائفة الأرمنية كخط دفاع أخير. 

أكثر من 600 يوم أمضوها في الأرض وسط برد الشتاء وحر الصيف، في اعتصام دائم يختزل تمسكهم بالأرض وبالإرث التاريخي والديني لكنيستهم، بعد أن اكتشفوا تأجير الأرض لصالح شركة إسرائيلية خاصة لمدة 99 عامًا، في صفقة يرفضونها ويصفونها بـ”غير القانونية”.

بالنسبة لهؤلاء الشبان، القضية تتجاوز قطعة أرض، وتمسّ جوهر الوجود المسيحي في المدينة، والوضع القائم الذي يسعون جاهدين للحفاظ عليه.

ستراك باليان، الناشط في حركة Save The ArQ، قال في حوار مع موقع “بالغراف” إن مجموعة من الشبان المسيحيين الأرمن في القدس ينفذون اعتصامًا متواصلًا منذ أكثر من 600 يوم في أرض تُعرف باسم “حديقة البقر”، وذلك على مدار الساعة، طوال أيام الأسبوع، بهدف حمايتها ومنع تنفيذ صفقة تأجيرها.

وأوضح أن الأرض، التي تبلغ مساحتها 11,500 متر مربع، تقع مقابل دير الأرمن على جبل صهيون، وتُعد أعلى النقاط في البلدة القديمة، وتلاصق أسوار المدينة المقدسة.

وأضاف باليان أن “حديقة البقر”، التي تُستخدم كموقف للسيارات، تم تأجيرها قبل نحو أربع سنوات من قبل بعض الأشخاص في البطريركية الأرمنية لشركة مسجلة في إسرائيل والإمارات، ولمدة 99 عامًا. وبحسبه، فإن المستثمرين في هذه الشركة هما شخص يهودي أسترالي إسرائيلي، وآخر عربي مسيحي.

وأشار إلى أن من وقّعوا على عقد التأجير ثلاثة أشخاص فقط من داخل البطريركية، في حين أن القانون الداخلي والدستور الكنسي الأرمني يشترط توقيع أربعة أشخاص، بينهم مدير السند والمجلس العام، اللذان رفضا التوقيع أصلًا، ما يجعل الصفقة، بحسب المعتصمين، “غير قانونية وغير ملزمة للطائفة”.

وأضاف: “خرجنا في مظاهرات استمرت ستة أشهر ضد البطريركية، وطالبنا بإلغاء الصفقة، وفعليًا أصدرت البطريركية قرارًا بذلك تحت الضغط الشعبي من المجتمع الأرمني في القدس والشتات. لكن رغم ذلك، لم يتم تنفيذ القرار حتى اليوم”.

وأوضح أن المعتصمين تعرضوا لاحقًا لهجمات من قبل مستوطنين، وتدخل من الشرطة الإسرائيلية، التي حاولت إخلاءهم بالقوة، بحجة وجود قرار محكمة، لكن تبيّن لاحقًا أنه لا وجود لمثل هذا القرار، وتمكن المعتصمون من البقاء واستعادة الأرض فعليًا.

وتابع: “صمودنا أجبر البطريركية على إرسال كتاب رسمي بإلغاء الصفقة، لكن حتى الآن لم تُتخذ خطوات قانونية حقيقية لإبطالها”.

ووفق باليان، فإن هناك قضيتين مرفوعتين أمام المحاكم الإسرائيلية؛ الأولى رفعتها البطريركية ضد الشركة بهدف إلغاء الصفقة، لكنها “قضية ضعيفة”، والثانية رفعها المجتمع الأرمني في القدس، باعتبار أن الأرض وقف لا يجوز بيعه أو تأجيره، وبالتالي فإن الصفقة باطلة من أساسها.

ولتعزيز الحضور الشعبي في الأرض، أكد باليان أن المعتصمين ينظمون فعاليات ثقافية واجتماعية ودينية بشكل مستمر في “حديقة البقر”، بما في ذلك إحياء مناسبات وطنية وأيام دينية، في محاولة “لإبقاء المكان حيًّا، وضمان تواجد دائم للأشخاص فيه”.

وقال: “اعتصامنا وجهودنا كلها فردية، قائمة على إيماننا الشخصي بمسؤوليتنا تجاه الأرض والقدس. ورغم بساطة الدعم اللوجستي الذي نحصل عليه من البطريركية (كالماء والكهرباء والطعام)، إلا أن ما يهمنا هو الموقف والرسالة التي نُوصلها: هذه الأرض ليست للبيع، والقدس للجميع، ويجب الحفاظ على الوضع القائم فيها”.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة