loading

تحليل: مستقبل خطة ترمب إلى أين؟

محمد أبو علان/ خاص بالغراف

العالم أجمع كان ينتظر رد حركة حماس على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتوقعات في أغلبها كانت أن رد حركة حماس سيكون “نعم ولكن”، وفعلاً الرد جاء بهذا المحتوى، ولكن بطريقة ذكية جعلت من الصعب على الأطراف ذات العلاقة (الولايات المتحدة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي) رفضه.

وكان ذلك عبر جعل المرحلة الأولى من تنفيذ الخطة الإفراج عن كل الأسرى وفق خطة ترمب، وفعلاً موقف الرئيس الأمريكي  لم يتأخر، وكان الحاسم، واعتبر رد حركة حماس رغبة منها في السلام، وقبول غير مباشر منه بالتفاوض على بقية القضايا وفق ما هو بادي للعيان حتى الآن.

 المسألة الأخرى المهمة في طبيعة رد حركة حماس على خطة ترمب أنها أخرجت الموقف المطلوب منها برد بنعم أو لا، لرد أخضع كامل بنود الخطة للتفاوض وليس اعتبارها بنود مسلم بها، وللتطبيق فقط، وقبول إدارة ترمب بشكل الرد من حماس.

ولكن السؤال الجوهري الآن، إلى أي مدى سترى خطة ترمب النور؟، وكم بمقدور حماس إحباط الشروط الإسرائيلية القاسية في الخطة خلال المفاوضات غير المباشرة؟، وكم ستحقق حركة حماس مطالبها المركزية بالوقف الشامل للحرب، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة؟، وما قدرة الوسطاء توفير ضمانات لكل ما سيتم الاتفاق عليه؟.

الإجابة عن سؤال إلى أي مدى سترى خطة ترمب النور يجب أن تأخذ بعين الاعتبار مسألة مهمة، وهي أن الوسطاء في الخطة وحركة حماس يتعاملون مع أطراف لا ضمانات لها ولا ثقة في مواقفها، ويمكن أن تنقلب في أي لحظة على موافقة حماس على الخطة، إن لم يكن قرار مسبق بالانقلاب بعد الإفراج عن الأسرى.

والتجربة تقول أنها لن تعجز في اختلاق المبررات لخرق الاتفاق أو حتى التخلي عنه لصالح بدء الحرب، مما قد يجعل المرحلة الأولى من الخطة  هي المرحلة الأولى والأخيرة، وربما حسن النية تجاه إدارة ترمب من طرف حماس بالإفراج عن الجندي عيدان الكسندر خير دليل على ذلك.

المرحلة الحاسمة في تحديد مصير الاتفاق هو المرحلة التالية للمرحلة الأولى المتعلقة بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين من قطاع غزة خلال 48-72 ساعة، حيث أن التخوفات أن ترمب وحكومة نتنياهو همهم الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين أولاً وأخيراً، ومن ثم استكمال الحرب على قطاع غزة تحت عنوان القضاء على حركة حماس عسكرياً وسلطوياً، ونزع سلاحها وسلاح قطاع غزة بالكامل، وهذا خيار غير مستبعد طبعاً من خلال محاولة وضع صعوبات أمام مراحل المفاوضات اللاحقة بدعوى عدم التزام حماس.

مراحل المفاوضات اللاحقة لن تكون سهلة مطلقاً، فهي تتعلق بمصير حركة حماس السياسي ومصير قطاع غزة الذي اعتبرته الحركة شأن فلسطيني عام وليست قضية تتعلق بموقف الحركة نفسها، وكذلك موضوع نزع السلاح بين الهجومي والدفاعي ستكون قضية ليست بالسهل تجاوزها.

وهنا يجب أن نأخذ مسألتين في عين الاعتبار، في أي مفاوضات لن يحقق أي طرف كل أهدافه، ناهيك أن لمجريات الأحداث على الأرض ولموازين القوى أثرها على سير المفاوضات، وهذا ما سيجعل المفاوضات أكثر تعقيداً.

وفي الشأن الداخلي الفلسطيني، وبالتزامن مع بدء المفاوضات على خطة ترمب، يجب أن تؤخذ خطوات سريعة تكون خطوة أولى على توحيد الصف، وتحديد إطار وحدوي للحديث عن المرحلة القادمة، فما دمنا نتحدث بلغات وألسنة مختلفة لن نتقدم أي خطوة للأمام، توحيد الكيانية الفلسطينية شرط جوهري.

خلاصة الكلام، على كل فلسطيني مهما كان توجهه ورؤيته، وعلى الوسطاء وكل العرب أن يعلموا أننا أمام موافقة على خطة بدون أية ضمانات، ولا أحد بمقدوره أن يوفرها، والعيب ليس في من وافق، بل العيب في أطراف المفاوضات الأخرى، الولايات المتحدة الأمريكية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، الأولى تنطلق من أن الدولة المهيمنة على العالم، والثانية من أن تمكنت من تغيير وجه الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني