محمد أبو علان/ خاص بالغراف
التفاؤل الحذر الذي رافق رد حركة حماس على خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لوقف الحرب على غزة بدأ بالتلاشي نوعاً ما مع بدء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو رسم معالم موقفه التفاوضي، ووزراء المالية والأمن القومي في حكومته سموتريش وبن جفير.
نتنياهو حدد خط أحمر بموضوع الإفراج عن بعض الأسرى الفلسطينيين من ذوي أحكام المؤبدات، منهم مروان وعبد الله البرغوثي، إيراهيم حامد وعباس السيد وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات، وتحدث نتنياهو عن سيطرة أمنية إسرائيلية دائمة على قطاع غزة، وضرورة وجود مناطق عازلة وفق رسالة وصلت للإدارة الأمريكية بهذه الفحوى، وعن رفضه لبقاء حماس في السلطة في غزة، ورفضة أيضاً وجود أي ممثل للسلطة الفلسطينية في حكم غزة.
مع بدء المفاوضات الإسرائيلية غير المباشرة مع حركة حماس في شرم الشيخ كتبت المراسلة السياسية لمعاريف العبرية آنا برسكي تحت عنوان:” الفجوات في المفاوضات كبيرة، هذه نقاط الخلافات الجوهرية- وفي إسرائيل أيضاً”.
وتابعت برسكي: الفجوات بين الأطراف لازالت كبيرة جداً، إسرائيل تطلب الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء والأموات قبل الإعلان عن بدء التهدئة، وحددت خطوط حمراء واضحة، لن تنسحب القوات الإسرائيلية من مواقعها في غزة (نفس الخط الأصفر)، وتصر على آلية تؤكد استمرار عملية نزع سلاح حركة حماس حتى بعد انتهاء الحرب.
في المقابل حركة حماس تطالب بضمانات دولية على وقف إطلاق نار مستمر، والإفراج عن أعداد كبيرة من الأسرى ذوي الأحكام المؤبدة، والتزام إسرائيلي بعدم تجديد الهجمات قبل التوصل لاتفاق شامل حول مصير قطاع غزة.
العقبة المركزية أن كل طرف يحاول الإمساك بالورقة الأقوى، حركة حماس تريد الاحتفاظ بالأسرى، وإسرائيل تريد احتلال قطاع غزة، دور طواقم المفاوضات جعل كل طرف يعلن عن تحقيق إنجازات أمام جمهوره، ودون الظهور بمظهر المهزوم.
في المستوى السياسي الإسرائيلي يدركون أهمية الأيام القادمة، نتنياهو بحاجة لإنجازات تمكنه من المحافظة على الائتلاف الحكومة من الداخل، وبشكل خاص أمام سموتريش وبن جفير، وأن يرسل رسالة للجمهور تحمل صورة نصر واستقرار، أي فشل أو تأخير سيقود لتعميق الأزمة الداخلية، ولتقويض الشرعية للعملية برمتها.
يوم الاثنين يفترض أن تكون بدأت جلسات المفاوضات غير المباشرة، دورها التوصل لمسودة اتفاق مبدئية، حتى لو لم يتم التوصل لاتفاق خلال الأيام القادمة، مشاركة وفد إسرائيلي في مفاوضات القاهرة مؤشر على تغيير في الاتجاه، للمرّة الأولى منذ شهور، ليس فقط بالضغط العسكري، بل توجد محاولة حقيقية لإيجاد طريقة أخرى للخروج من الحرب.
وتابعت المراسلة السياسية لمعاريف العبرية: الاستعدادات في شرم الشيخ في ذروتها، المفاوضات افتتحت تحت عين أمريكية ملاصقة للمفاوضات، ومع رسالة واضحة من دونالد ترمب: التاريخ لن ينتظر، والزمن ليس لصالح كل الأطراف، ولكن السؤال، هل الواقع سيقبل بذلك؟.
ولكن النوايا الإسرائيلية من خلف الكواليس قد تؤدي لإحباط تنفيذ خطة ترمب برمتها، وليس فقط المرحلة الأولى منها المتعلقة بالإفراج عن الأسرى، حيث كتبت آنا برسكي في هذا السياق:
من خلف الكواليس النوايا الإسرائيلية مزدوجة، من جهة تريد الإفراج عن كل الأسرى الإسرائيليين مرة واحدة وخلال فترة قصيرة، ومن الجهة الأخرى السيطرة الأمنية على قطاع غزة حتى يتم التوصل لتسوية شاملة، بكلمات أخرى إسرائيل غير جاهزة لأي اتفاق يظهر كوقف إطلاق نار كامل، وجاهزة لوقف إطلاق نار مؤقت لتنفيذ المرحلة القادمة، مرحلة نزع سلاح حركة حماس، وإبعاد حركة حماس عن السلطة المدنية والعسكرية في قطاع غزة.