loading

حفل للأطفال تحول لساحة اقتحام وقمع.. ذعر في الحكواتي بالقدس بعد إلغاء فعالية تراثية

محمد عبد الله

تحوّل حفل فني مخصص للأطفال في القدس إلى مشهد فوضوي ومفزع، بعدما اقتحمت مخابرات الاحتلال مسرح الحكواتي قبل دقيقة واحدة من انطلاق فعالية ثقافية، كان يفترض أن يشارك فيها عشرات الأطفال من مختلف أحياء المدينة.

حالة الذعر التي أصابت الصغار أثارت موجة استنكار واسعة بين الأهالي والمؤسسات الثقافية في المدينة، وسط اتهامات للاحتلال باستهداف الهوية والتراث الفلسطينيين حتى في الفعاليات العائلية المغلقة.

وفي التفاصيل، يروي مدير ملتقى الشباب التراثي المقدسي، محمد الأعور، أن عناصر من مخابرات الاحتلال داهمت الفعالية قبل دقيقة واحدة من انطلاقها، وأمروا بإلغاء الفعالية، وحققوا معه لساعتين داخل المسرح، قبل أن يتم استدعاؤه من جديد اليوم إلى التحقيق في المسكوبية، حيث جرى التحقيق معه داخل “الغرفة 4” برفقة أربعة مدربين.

ويؤكد الأعور في تعقيب لموقع “بالغراف”، أن المحققين ركزوا على ادعاء وجود “تمويل من السلطة الفلسطينية”، وهو ما نفاه بشكل قاطع، مشيرًا إلى أن التمويل هو من الاتحاد الأوروبي، ومن المجلس الثقافي البريطاني، حتى إن ممثل الاتحاد الأوروبي والمجلس الثقافي البريطاني كانوا حاضرين في الحفل وأبلغوهم مباشرة أنهم هم الممولون.

ورغم هذا التأكيد، مضى الاحتلال في قراراته، فألغى الحفل التالي أيضًا المقرر يوم السبت القادم، ورفض منح الموافقة عليه.

ويرى الأعور أن هذه الخطوة ليست مرتبطة بالتمويل كما تدّعي المخابرات، بل بمحاولة أوسع لإغلاق أي مساحة ثقافية وطنية مستقلة في القدس.

ويعود الأعور لسرد ما جرى داخل القاعة قبل لحظة الاقتحام، موضحًا أن الملتقى كان قد حضّر فعالية يشارك فيها 70 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا، تتضمن عروضًا موسيقية وتراثية ودبكة وغناء، دون أي حضور سياسي ومن دون أي تمويل فلسطيني رسمي.

“الأطفال حضروا منذ الثانية ظهرًا، وكل شيء كان جاهزًا. وفجأة، قبل بدء الحفل بدقيقة، اقتحموا المكان بطريقة عنيفة، دون أي اعتبار لوجود نساء وأطفال”، يصف الأعور.

ويشير إلى أن مشهد الصراخ والدفع والركض ترك أثرًا نفسيًا عميقًا على الأطفال، وأن ثلاثة منهم ناموا في المشافي.

ويتابع الأعور أن الهدف واضح؛ فهم يريدون منع أي نشاط يحمل طابع الهوية والتراث الفلسطيني في القدس، وهم يحاولون دفع المؤسسات للعمل داخل أطر المراكز الثقافية التابعة للبلدية الإسرائيلية في القدس، مؤكدًا على رفضهم لذلك.

هذه القراءة يوافقها الباحث والكاتب المقدسي راسم عبيدات في حوار سابق مع موقع “بالغراف”، والذي يرى بأن ما يحدث ليس حالة منفصلة، بل جزءًا من سياسة ممنهجة تستهدف الثقافة الفلسطينية في القدس.

وقال عبيدات إن الاحتلال لم يعد يكتفي بمحاربة المنهاج الفلسطيني، بل وسّع استهدافه ليشمل الرواية والذاكرة والهوية، ما أدى إلى اقتحام مؤسسات ثقافية ومكتبات وأندية، من مركز يابوس إلى المسرح الوطني الحكواتي وبرج اللقلق.

ورغم كل ذلك، يؤكد عبيدات أن محاولة شطب الرواية الفلسطينية “ستفشل مهما اتسعت دائرة القمع”، وأن ما حدث في مسرح الحكواتي مثال جديد على هذا الصراع المفتوح على الهوية في مدينة القدس.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني