loading

قصة هدف فلسطيني

كتب علي عبيدات

يذهب الفلسطينيون إلى كأس العرب، بقلوبٍ أثقلها الموتُ وأنهكها التَعب، ببلادٍ ممزقة من خط الهدنة في الناقورة إلى نسف القُرى في النَقب، بحناجرَ يملؤها القهرُ يعلوها الغَضَب، ومحتلٍ يطاردهم، قَتَلَ واعتَقَلَ وسرقَ ونَهب.

يملك الفلسطينيون الأمَل، يتسلحون به لمواجهة الألَم، يبحثون عن أي فرصةٍ لرفع العَلم، يسيرون يهمسون بنشيد فدائي على المعابر والجسور، ويصدحون به في الملاعب الخضراء وسط الجمهور.

لك أن تتخيل أن الفلسطينيين، الذين قسمتهم إسرائيل إلى كانتونات، بجدار فصل عنصري وأكثر من ١٣٠٠ حاجز وبوابة عسكرية، يجتمعون كلهم في منتخب واحد، تحت علم واحد، ولهدف واحد، وهو فلسطين فقط.

الفلسطينيون الذين هجرتهم إسرائيل إلى كل بقاع الأرض عادوا، هجرت الأجداد، فعاد الأحفاد، ولم يستنشق بعضهم هواء فلسطين يوماً، لكنه عاد ليدافع عن اسمها ويرفع علمها، عادوا من تشيلي من أمريكا الشمالية من أوروبا شرقية وغربية، عاد الأولاد لأجل البلاد.

لك أن تتخيل أن الهدف الفلسطيني في كأس العرب، سيصنعه الحارس رامي حمادة من شفاعمرو، إلى عميد محاجنة من أم الفحم، وعطاء جابر من مجد الكروم، هذه مدن تعرفونها، ويعرفها بن غفير، أغرقتها إسرائيل بالجريمة المنظمة وظلت واقفة.

ويقف في الجناح الأيسر أحمد طه، من كفر قاسم، تعرفونها جيدا، وتذكرونا، ارتكبت فيها إسرائيل مجزرة نفذتها قوات حرس الحدود في العام ١٩٥٦، راح ضحيتها ٤٩ فلسطينيا أعزلا.

إلى جواره يقف خالد أبو الهيجاء، عائلة من طمرة وجنين وأيميل سابا الآخر من بيت لحم، ربما لم يزوروها يوما، حفظوها عبر حكايات الجدات والأجداد، يدافعون عن مرمى فلسطين، ويتساءل المُحتلين، هجرنا أجدادكم من عشرات السنين ما شأنكم أنتم وفلسطين !!

في الوسط يقف عدي خروب ومحمود أبو وردة، من شمال الضفة، هناك ثلاث مخيمات دمرت، وآلاف المُهجرين، يريدون إعادة هندسة المخيم، علّ الأطفال ينسون، فيذكرهم أبو وردة وخروب وصوافطة بأنهم واهمون.

في الوسط المتقدم والهجوم، عدي دباغ خرج من البلدة القديمة في القدس إلى العالم، وزيد القنبر جاء من جبل المكبر على الخاصرة الجنوبية للمسجد الأقصى، مدينة تهوّد، والعبرة ألا تتعوَّد.

غزة الحاضرة الدائمة، في الملعب يدافع محمد صالح، ويهاجم خالد النبريص، كيف لا ننتصر ومهاجمنا من غزة، وعلى الدكة يراقب غزي آخر، أخذ مهمة قيادة الدكة الفنية للكتيبة الفدائية.

يلعبُ الفلسطينيون ويشجعهم كل العرب، سيصدح نشيد الفدائي في الملعب مرات عديدة، مع كل هدف مع كل فرصة مع كل تسديدة، سيهتف الجميع لفلسطين، سترفع الأعلام وتكتب الصُحف، فزنا أو خسرنا نكون قد حققنا الهدف.

فيسبوك
توتير
لينكدان
واتساب
تيلجرام
ايميل
طباعة


جميع حقوق النشر محفوظة - بالغراف © 2025

الرئيسيةقصةجريدةتلفزيوناذاعةحكي مدني