ايناس اخلاوي
تعال ودعني واستشهد، أمنية عائلة في الذكرى الأربعين لرحيل طفلها الذي عاجلته رصاصة الاحتلال قبل أن يكمل عامه السادس عشر، قتلت أحلامه في مهدها، وتركت جرحاً غائرا لا يندمل”
” كلهم عاشوا وإحنا كلنا متنا مع مؤمن، إحنا أجساد عايشة بس من غير روح” هذا ما قالته ياسمين جابر شقيقة الشهيد مؤمن جابر في اليوم الأربعين لاستشهاده.
ابن السادسة عشر ربيعاً ارتقى برصاصة في مدينة الخليل في التاسع من شهر آب الماضي، أصابت صدره فاخترقت قلبه وقلب عائلته ومحبيه من بعده، فتقول شقيقته في حديث ل” بالغراف” أنه لليوم لم تغب عن أذهانهم صوت سيارة الإسعاف، ولحظة تلقيهم لخبر استشهاده وكأن الزمان وقّف في لحظتها.
تصف جابر الحياة من بعد رحيل شقيقها بأنها لا طعم لها، وأنهم يعيشون أجسادًا دون روح، فهو حاضر في كل شيء يرونه، وصورته حاضرة على طاولة الطعام، وذكراه حاضرة عند كل أكلة كان يحبها وكل فاكهة كان يتناولها لا سيما العنب والتين وهما في موسمهما خاصة وأنه كان يقطفهما بنفسه.
وتستذكر جابر يوم استشهاده فتقول أنهم يومها خرجوا معًا من المنزل بعد أن انتظرته ليذهبوا سوية إلى العمل، وبقيت طيلة الطريق تتأمل ملامح وجهه لترى بتأملها هذا كم نَضِجَت ملامحه، مشيرة إلى أنها كانت تود إخباره بذلك ولكنها لم تفعل قبل يفترقا ويذهب كل منهما إلى عمله، لكن قلبها بقي كما النار دون أن تدري ما السبب حسبما ذكرت.
وعن لحظة إصابته فتقول ” عقب إعلانهم الإضراب في المدينة عن أرواح شهداء نابلس، وأثناء مغادرتي من عملي جاءني خبر إصابته ونقله إلى المستشفى الأهلي في المدينة
تتابع جابر بأنها ذهبت مسرعة إلى المشفى لترى أخاها ووضعه الصحي، فكان يتنفس عند وصولها فشعرت بالإطمئنان ولو قليلا، قبل أن يدخلوه إلى غرفة العمليات، ولكنها لم تكن تعلم أن إصابته كانت في القلب، قبل أن يخرج أحد الأطباء من الغرفة ويعلن استشهاده
وعن شعورها لحظة سماعها خبر استشهاده فتقول كأن الدنيا بأكملها أُغلِقَت بوجهها، فمؤمن لم يكن فقط أخًا لها فقد كان بمثابة ابنًا لها.
مؤمن الذي تخرج قبل شهر فقط من كلية قلنديا للتدريب حيث درس تخصص ” هندسة تكييف وتبريد كان يحلم بإكمال الثانوية العامة والنجاح وإقامة حفلة بعد التخرج، فتقول جابر أنها لم تعلم أن كل أحلامه وآماله ستنهيها رصاصة واحدة فقط، مشيرة أن استشهاده نزل عليهم كالصاعقة كعائلة، فوالدتها ما زالت تنتظر أن يشق عليهم الباب حاملاً معه شهادة تخرجه ولكن الرصاصة التي اخترقت قلبه حالت دون ذلك
من جانبها تقول قريبته شروق أن مؤمن كان طيبًا وحنونًا خدومًا للجميع، وكان لديه أحلامًا كبيرة منها أن يلتحقَ بالمدرسةِ الصناعيةِ في الخليل، وأن يكون حرفيًا حاذقًا، وكان متشبثًا في حلمه من أجل رضا والديه عليه، ولم يكن يحلم ويخطط لمستقبله فقط، بل كان يخطط ويحضِّر لحفل زفاف شقيقه بالرغم من موعده البعيد.
يذكر أن مؤمن جابر استشهد يوم الثلاثاء قبل أربعين يوماً على إثر المواجهات التي اندلعت في مدينة الخليل، عقب استشهاد ثلاثة شبان في مدينة نابلس وهم ابراهيم النابلسي واسلام صبوح وحسين طه.